2025- 03 - 13   |   بحث في الموقع  
logo جلسة حكومية في بعبدا بانتظار البت بالتعيينات logo رسامني يُجري تعيينات جديدة في المديرية العامة للطيران المدني logo "الشاباك" يعتقل "مواطنًا" بتهمة التواصل مع "إرهابيين"! logo ظاهرة "خطيرة" في مدينة لبنانية تسهّل "الإتجار والدعارة"... ودعوةٌ للتحرك! logo اللبنانية الأولى من نيويورك: لتحصل المرأة على حصة وازنة في الحكومات المقبلة logo لمواجهة السنة المائية الجافة... توصيات من مصلحة نهر الليطاني! logo بعد اختطافه من قبل العدو.. الجيش يتسلّم الجندي زياد شبلي logo التعيينات العسكرية والأمنية على طاولة مجلس الوزراء
ما لإكراد سوريا وما عليهم
2025-02-08 02:25:52


إشكالية ملف المواطنين الأكراد السوريين، تتجاذبه مُسميات متعددة، منها يحمُل توصيفات مُجحِفة بحقهم، عندما يقال عنهم مُتمردون او انفصاليون، ومنها يسمي الوقائع كما هي بإعتبار ملفهم قضية لا بد من معالجتها بحكمةٍ وروية، بينما يبالغ البعض منهم في إظهار المظلومية في سياق عرضه للمطالب، ويتعاملون كون السلطة الجديدة في دمشق تمثل جهة واحدة، ومطلبهم بالاستقلال حقاً مُبرراً، ودونه لا حلّ للإشكالية.
أكراد سوريا الذين يتجاوز عددهم مليوني مواطن، تعرَّضوا لتهميش لا يمكن إنكاره، وحُرموا من ممارسة خصائصهم القومية والثقافية، ووضعهم المعيشي كان غير مُريح على الإطلاق، برغم أن دستور حزب البعث العربي الاشتراكي السابق؛ لم يلحظ أي تمييز بين المواطنين، وأنشد المساواة بينهم في النصوص، لكن في الممارسة كان الوضع مختلف تماماً، وعاش السوريون بغالبيتهم الساحقة في حالة من القهرِ والإذلال، وحرموا من أبسط الحقوق، ولم يقتصر التجنِّي على الأكراد فقط.
بعد انتصار الثورة السورية في 9 كانون الأول/ديسمبر 2024، اعتلت القضية الكردية إلى السطح بقوة. فهناك جهات اعتبرتهم عقبة في وجه وحدة البلاد واستعادة عافية مؤسساتها الدستورية، لأنهم رفضوا الاندماج مع الإدارة الجديدة حتى الآن، وهم يملكون قدرة عسكرية لا يُستهان بها، ومنظَّمة من خلال قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وفيها آلاف من المجندين العرب والسريان إضافة الى الأكراد، وهي تسيطر على مساحات واسعة من شرق البلاد وشمالها، وهذه القوات لم تكُن على وفاق مع فصائل إدلب التي نجحت مع فصائل الجنوب في تنظيم عملية "ردع العدوان" التي أسقطت النظام، لكنهم لم يكونوا من المنظومة التي كانت تدور في فلك النظام البائد، بل على خصام معه. بينما الغالبية من الأكراد فرِحوا لفرار الأسد، واعتبروا زواله فرصة لاستعادة بعض الحقوق البديهية التي حرمتهم منها تجربة البعث على مدى زمنٍ يزيد عن نصف قرن.
الفرصة المُتاحة لتحسين وضع الأكراد بعد سقوط النظام في سوريا؛ قد تتحوّل الى مناسبة لتراجعات دراماتيكية إذا لم يُحسن المعنيون إدارة الملف، والمسؤولية عن ذلك لا تتحملها إدارة سوريا الجديدة في دمشق وحدها، بل الجزء اليسير منها يقع على عاتق قيادة قسد، حيث البعض منها اعتاد التفرّد بالسلطة على مساحة تقارب ثلث الأراضي السورية. لكن المُريح في الأمر هو استمرار التواصل بين الادارة السورية الجديدة وقيادة قسد، حتى أن اتصالاً هاتفياً حصل مباشرةً بين الرئيس أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي، وكان إيجابياً على ما نقل مقربون منهما.
الخلاف بين الإدارة المركزية في دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، ينحصر بطلب الأكراد اعتماد نظام فيدرالي، يُعطي هؤلاء حق إدارة لامركزية في مناطقهم، ولا تصل الى حد الإدارة الذاتية، كما في كردستان العراق، وأن يعود تسمية الجمهورية على ما كان في السابق، أي "الجمهورية السورية"، وإدخال فصائل قسد في جيش سوريا الجديد كمجموعات وفقاً لتنظيمهم القائم اليوم. لكن الحكومة الانتقالية في دمشق تعتبر أن تغيير النظام وتسمية الدولة من اختصاص المؤتمر العام المُزمع عقده في الفترة القريبة اللاحقة، أما موضوع الجيش، فقيادته ترفض الانتساب إليه كمجموعة منظَّمة، بل تشترط التطوّع الفردي فيه، وما ينطبق على عناصر قسد، ينطبق على الآخرين من دون أي تمييز، وهذا الموقف حصل أيضاً مع فصائل محافظة السويداء الذين تمنعوا عن تسليم سلاحهم للجيش حتى الان.
دخل زعيم إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني على خط الوساطة، ويبدو أن تحرُكَهُ جاء بتنسيق مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي استقبل البرزاني بعد جفاءٍ طويل بينهما. وتركيا ترفض بالمطلق أي استقلال للأكراد في سوريا، كما رفضته سابقاً لأكراد العراق، لأن ذلك يعني مطالبة أكراد تركيا بالمثل، وهؤلاء يشكلون العدد الأكبر من أكراد المنطقة، ويزيد عددهم في تركيا على 14 مليون مواطن. والبرزاني استدعى قائد قسد مظلوم عبدي، وأبلغه بالمعطيات الخطرة التي قد تجعل من أكراد سوريا ضحية أمام لُعبة الأُمم، لأن تركيا وحكومة دمشق الجديدة لن يقبلا بأي مطالب انفصالية، وسيتدخلان بالقوة لإنهاء أي تمرد كردي، والولايات المتحدة التي كانت تحمي قسد وتدعمها مالياً؛ لن تتدخل هذه المرَّة، والظروف التي جعلتها تتمسك بقسد لمحاربة "داعش"، تغيرت، والقوات الأميركية على مشارف الانسحاب من قاعدتيها في سوريا.
إلهام أحمد مسؤولة العلاقات الخارجية في إدارة المناطق الشمالية الشرقية؛ طالبت بتدخُل إسرائيل لمنع هزيمة الأكراد، لكنها عادت ونفت ذلك، مؤكدةً أن حديثها لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، تمّ تحريفه، وهذا النفي لا يعني أن الأمور تسير على ما يرام في التفاوض مع حكومة دمشق، والتوتر قد ينحو باتجاهات أمنية خطرة، وتأكد ذلك عندما انفجرت سيارة مُفخخة مطلع الشهر في مدينة منبج، شرق حلب، وأدت الى مقتل 20 شخصاً وجرح 20 آخرين، والسيارة قدِمت من مناطق سيطرة قسد، وقد توعَّد الرئيس أحمد الشرع بالاقتصاص من الجهات التي تقف خلف هذا العمل. علماً أن المناطق التي تسيطر عليها قسد، فيها أعداد كبيرة من المواطنين السوريين العرب والتركمان والسريان، والأكراد ليسوا أغلبية مطلقة فيها.
للأكراد في سوريا الحق في رفع المظالم التي تعرِّضوا لها في السنوات الطويلة الماضية. كما لهم الحق في الحفاظ على ثقافتهم وتقاليدهم وعلى مكانة في مؤسسات الحكم في سوريا، ولكن عليهم أن يقبلوا بالواقع الجيوسياسي الذي يفرض الحفاظ على وحدة سوريا، واحترام التنوَّع الموجود في مناطق نفوذهم، وفي أن ثروات هذه المناطق ملكاً للشعب السوري برمته.



المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top