طلاب الدكتوراه بين تحايل الجامعات ورفض "التربية" فبركة الأبحاث
2025-02-07 14:55:55
يعيش طلاب الدكتوراه في الجامعات الخاصة في معمعة منذ أكثر من عام، أي تاريخ بدء تنفيذ المرسوم الذي يفرض على الجامعات التي لديها برامج دكتوراه تنفيذ الشروط القانونية اللازمة لتخريج الطلاب.ثمة معلومات وشائعات متضاربة بين الطلاب، سواء لأن جامعاتهم لم تبلغهم كما يجب بشأن نشر الأبحاث، أو بسبب محاولات البعض التصويب على وزارة التربية بأنها تطبق القانون تعسفياً. وبحسب الشكاوى التي تلقتها "المدن" من العديد من الطلاب، يتداول البعض أن زميلهم الفلاني نشر في المجلة الفلانية غير المحكّمة وغير الموثّقة، وحصل على معادلة لشهادته من وزارة التربية. فيما يشير البعض الآخر إلى زميلهم دفع لمجلة ما في الهند أو غيرها وسلك ملفه في الوزارة. لكن في التدقيق بهذه المعلومات، تبين أنها شائعات هدفها إحداث البلبلة.رفض فبركة الأبحاثفي مقابل هذه الشائعات، يشكو الطلاب من أن وزارة التربية، ممثلة بلجنة المعادلات للتعليم العالي، لا تبلغ عن أسباب الرفض، أو في حال تبلغوا سبب الرفض، لا يتم إرشادهم في أي مجلة عليهم نشر الأبحاث كي تقبل في لجنة المعادلات.مصادر وزارة التربية نفت هذه الشائعات، مشيرة إلى أن نص المرسوم واضح جداً. فهو يفرض على الطالب نشر بحثين في مجلة محكّمة وموثّقة، أو في مؤتمرين دوليين محكّمين وموثّقين، ويجب أن تكون الأبحاث أصيلة ومن موضوع أطروحة الدكتوراه، ويجب أن يكون الطالب الباحث الأول فيها.وتلفت المصادر إلى أن البعض يريد تخطي هذه الشروط ويشيع أن المرسوم لا يأتي على ذكر كلمة الفهرسة أو التوثيق، فيما النص واضح جداً ولا لبس فيه. فهو يفرض أن تكون المجلة محكّمة وموثّقة. والتوثيق بمفهوم أهل التعليم العالي والبحث العلمي هو أن تكون المجلة والبحث بمتناول الباحثين من خلال منصات مرموقة توثق المجلات المتخصصة والمحترمة وذات المستوى مثل منصة "سكوبوس" أو غيرها. لكن بعض الطلاب لا يريدون تكبد بعض العناء والجهد لينشروا في مجلة لها شأن. بل يردون حيازة شهادة دكتوراه فقط لا غير، حتى لو اقتضى الأمر فبركة أطروحات وأبحاث لا قيمة لها، هي عبارة عن تجميع معلومات من هنا وهناك لملء الصفحات. وهذا استخفاف بالبحث العلمي وبالشهادة.تبليغ خطي بسبب الرفضوحول عدم إبلاغ الوزارة الطلاب أسباب رفض معادلاتهم، تؤكد المصادر أن كل طالب يتبلغ بالسبب. البعض تبلغ هاتفياً لكن ليس بشكل رسمي، بل نتيجة الإصرار على معرفة النتيجة. لكن جميع الطلاب سيتبلغون بقرار لجنة المعادلات بشكل خطي، في كتاب يتضمن شرحاً مفصلاً عن أسباب الرفض. ولجنة المعادلات في الوزارة تعد حالياً المحاضر لتبليغ جميع الطلاب بأسباب الرفض.بعض الطلاب الذين تواصلوا مع "المدن" يشتكون من أن تطبيق وزارة التربية القانون من دون طرح بدائل أمامهم بمثابة تعسف باستخدام القانون. فالبعض تبلغ أن المجلّات التي نشروا فيها غير محكّمة. أما في حال كانت محكّمة فتبين أنها غير موثّقة في بنوك فهرسة عالمية. ولم تعط لجنة المعادلات السائلين أي بديل لهم للنشر فيه. ويعتبر الطلاب أنه لا يكفي رفض الوزارة طلبات الطلاب الذين نشروا في لبنان، من دون إرشادهم على اسم مجلة محدد لينشروا فيها. ليس هذا فحسب، بل يعتبرون أن رفض وزارة التربية النشر في مجلات نشر فيها طلاب من الجامعة اللبنانية أبحاثهم ونالوا شهادة الدكتوراه، فيه ظلم لطلاب الجامعات الخاصة. هذا فضلاً عن الكيل بمكيالين.دور الجامعات وليس الوزارةمن ناحيتها تؤكد المصادر أن ليس دور الوزارة إرشاد الطلاب للنشر بمجلة محددة. فلجنة المعادلات تعمل على تطبيق القانون والتأكد من التزام الجامعات به. وفي حال نشرت وزارة التربية لائحة بأسماء مجلات معينة محكّمة وموثّقة، ستفتح على نفسها باباً لكيل الاتهامات والتهم. وسيقال حينها أن الوزارة متورطة بشبهات تلقي رشاوى واتهامات شتى لأنها تفضل مجلة معينة دون غيرها. وسيشن أصحاب المجلات في لبنان حملات ضد الوزارة، ويستخدمون الطلاب في حملاتهم المغرضة.وأضافت المصادر أن الوزارة أبلغت الجامعات التي لديها برامج دكتوراه بالقاعدة العامة التي ينص عليها القانون بما يتعلق بالنشر. وليس دور الوزارة تحديد المجلّات، بل هو دور الجامعات. فعلى الأساتذة المشرفين والمدير والعميد أو المسؤول عن الدراسات العليا أن يكون ملماً بهذا الشأن وأن يرشد الطلاب.ووفق المصادر، الجامعات التي لديها برامج دكتوراه وتحترم نفسها عليها مرافقة طلابها وتحديد المجلّات المحكّمة والموثّقة والمرموقة والمصنفة عالمياً للنشر فيها. وقد أبلغت العديد من الجامعات طلابها وحددت لهم المجلّات المناسبة. وعلى سبيل المثال أجرت جامعة بيروت العربية بحثاً حول المجلات في بنوك فهرسة عالمية، ووضعت لائحة لطلابها تتضمن العديد من المجلات المحكمة والموثقة.وتؤكد المصادر أن المطلوب من الجامعات التي لديها برامج دكتوراه القيام بجهد للبحث عن المجلّات التي تنطبق الشروط المنصوص عليها في المرسوم، لمصلحة طلابها ولمصلحتها هي أيضاً. وهذا ليس دور الوزارة، التي تكتفي بمراقبة حسن تنفذ القانون. فمن غير الجائز أن تدرّس بعض الجامعات برامج دكتوراه ولا يعرف مسؤول الدراسات العليا فيها ماذا تعني كلمات مجلة محكّمة وموثّقة، أو لم يسمع من قبل عن وجود بنوك فهرسة وبيانات العالمية. فلماذا تعلّم هذه الجامعات هكذا برامج طالما أنها لا تعلم أصول النشر؟
المدن