2025- 02 - 25   |   بحث في الموقع  
logo مجلس الأمن: اعتماد مشروع قرار أميركي بشأن أوكرانيا..بتأييد روسي logo جلسة الثقة.. 65 نائباً يطلبون الكلام! logo والد الرئيس السوري إذ يخالف ابنه الرأي logo "إسرائيل الموسَّعة": لبنان وسوريا ضفة شمالية بمسار الضفة الغربية logo لبنان يحسم صدارة المجموعة السادسة في تصفيات كأس آسيا logo أكرم حسني يستعد لطرح الأغنية الدعائية لـ«الكابتن» مع «شارموفرز» logo بيان لوزارة التربية عن إقفال المدارس بسبب العاصفة “آدم”.. logo وفاء عامر تقدم بطولة في المسلسل الخليجي «عابر سبيل»
لبنان وسوريا: من سيغار من الآخر؟
2025-02-06 13:25:58

العاصفة التي اقتلعت الأسدية من سوريا، تختلف عن العاصفة التي ضربت لبنان. هناك كان السوريون يحررون بلدهم بإرادتهم وعزيمتهم، بعد عذابات وتضحيات مهولة. وهنا كان اللبنانيون -رغماً عنهم- يتلقون مصائب حرب إسرائيلية عدوانية، حطّمت منظومة حزب الله العسكرية والمدنية، فتلاشى جبروته المعنوي وتسلطه السياسي والأمني.السوريون، وبسرعة خاطفة، وجدوا أنفسهم في خضم قيادة وسلطة مؤقتة أو انتقالية، منسجمة ومتكافلة، تصدر يومياً وأحياناً بالساعات قرارات متلاحقة، تحسم فيها الكثير من المعضلات المتراكمة كجبال من التحديات والمصاعب والطموحات المؤجلة.
اللبنانيون، ورغم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتكليف رئيس وزراء جديد، كلاهما ترجمة سياسية لانكسار شوكة حزب الله، إلا أنهم يعجزون حتى اليوم عن ترميم النظام السياسي المتهالك، وعن إنتاج سلطة جديدة تطوي صفحة منظومة الكارثة والإفلاس.خلال شهرين، ثمة تحولات سورية خاطفة للأنفاس. ليس فقط هذا التنفس العارم للحريات، وللحيوية السياسية التي تنبض في الشوارع والمنتديات وصفحات التواصل والإعلام، إنما أيضاً هذه الإنجازات الديبلوماسية والخطوات الكبرى في جمع الأصدقاء وتأمين مظلة عربية- دولية، ومصادر دعم. وهذا معطوفاً على حكومة فعّالة ومنضبطة، تعمل تقريباً بلا نوم، في مجال تحسين الخدمات والأمن، وتتخذ قرارات في الإصلاح الاقتصادي والقانوني والإداري.. كورشة هائلة لن تنتهي لسنوات مديدة.
وهنا في لبنان، لا تزال كل القضايا عالقة ما بين الوعود والخيبة، ما بين المناورات والكمائن والخداع. "الانتظار" سيد الموقف. كأن الحرب لم تنته بعد، والموالاة لم تنهزم بعد والمعارضة لم تعرف كيف تنتصر بعد، والنظام القديم يأبى المغادرة، والسلطة الجديدة تتأجل ولادتها مع مخاطر فعلية بتشوهات تعتريها.في سوريا، نتلمس بداية لنظام مالي-مصرفي، خطط واستثمارات وتمويلات وتشريعات. مبادئ سياسية تتوضح وتتبلور، نحو دستور جديد. رؤية تنموية وطنية تتمظهر في مسودة الاتفاقات الكبيرة التي تُكتب الآن مع تركيا والسعودية وقطر والاتحاد الأوروبي.. أبواب سوريا مفتوحة لأحلام عظيمة، رغم أن المخاوف والكوابيس لم تتبدد كلياً.
في لبنان، خطوة إلى الأمام وخطوات إلى الوراء. "العصابة" أقوى من الدولة. اللبنانيون يجمعون الرغبة بالتغيير والتمترس بحزبياتهم الطائفية في آن معاً. يجمعون توقهم للتخلص من الفساد، وتمسكهم بشبكة المصالح الفاسدة، في تناقض رهيب لا ينفكون عنه. امتناع بنيوي عن مقتضيات الدستور وحرص محموم على المحاصصة. التعطيل والتعطيل المضاد أصل السياسة ومرجعها.في سوريا، مسيرة بناء الهوية الوطنية الجامعة تنطلق منذ شهرين، بالتوازي مع ظاهرة شاملة للتبرؤ من الأسدية، وإلحاح على مطلب العدالة الانتقالية. وها هي تجذب الآن شبابها وشاباتها الذي اكتسبوا الثقافات المتنوعة والخبرات والعلم في بلاد اللجوء والاغتراب، بما يسهم في نهضة ابلاد.
في لبنان، الهوية الوطنية لا تزال في خانة السؤال والالتباسات والخيانات المتبادلة. والعدالة موقوفة عمداً. وما زال طارداً لشبابه وشاباته، ولأصحاب المهارات والقدرات والمبادرات الخلاقة.وجهة سوريا، ومنذ ليلة سقوط النظام الإجرامي، تبدو واضحة: الانفتاح على العالم، مصالحة الدول العربية، تطبيع العلاقات مع الغرب، الحياد الإيجابي، السيادة والاستقلال، أولوية الازدهار الاقتصادي وإعادة الإعمار وعودة اللاجئين، الانفكاك التام عن محور الممانعة.
وجهة لبنان، شبهة الوصاية الدولية، الانقسام العميق، ازدواجية السلاح وقرار الحرب والسلم، عجز عن تطبيق القرارات الدولية، خراب اقتصادي وتباطؤ متعمّد بل تمنّع مقصود عن الإصلاحات.سوريا التي كانت متأخرة في كل المجالات ومدمرة، سياسياً وبيئياً واقتصادياً واجتماعياً.. تبدو اليوم كقطار سريع يعبر نحو المستقبل، وربما سيجتاز المحطات الصعبة بوقت أبكر بكثير مما نتوقع. ونأمل ذلك. ونأمل أن تستمر سوريا في صنع المعجزات.
لبنان في إيقاع مختلف، متعثر ومتباطئ وكسول. وقد يجد نفسه خلال السنوات القليلة المقبلة، متخلفاً ومفوتاً الفرصة التاريخية السانحة الآن. ولا نستغرب أن نرى حينها لبنان، بلداً غير جذاب، مهملاً ومنبوذاً وبيروت مطفأة، فيما تتحول سوريا إلى ماليزيا جديدة، ودمشق عاصمة تتوهج.
سوريا ولبنان لطالما كانا بمسار واحد (سيء إجمالاً وقسري أغلب الأحيان). اليوم، هناك "خطر" أن ينفصل مسارهما، على نحو يصبح فيه لبنان لأول مرة ربما يحسد سوريا ويغار منها.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top