على الرغم من محاولة البيت الأبيض توضيح الخطة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، للسيطرة على قطاع غزة وترحيل سكّانه، إلا أن الاستنكارات العربية والدولية تتالت منتقدة المقترح، في ظل تحذيرات "أممية" من أي محاولة لإجراء تطهير عرقي في غزة.
وفيما سعى وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو إلى التخفيف من تداعيات اقتراح ترامب، بالقول إنه "لم يكن معادياً، كان على ما أعتقد خطوة سخية جداً، كان عرضاً لإعادة الإعمار وتولّي الإشراف على إعادة الإعمار"، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس الأربعاء، من أيّ محاولة لإجراء "تطهير عرقي" في غزة، مشدداً على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي عند البحث عن حلول للقضية الفلسطينية.
وقال غوتيريش في اجتماع جرى التخطيط له مسبقاً لإحدى لجان الأمم المتحدة: "في إطار البحث عن حلول، يتعين ألا نفاقم المشكلة. من الضروري مواصلة الالتزام بأساس القانون الدولي. من المهم للغاية تجنب أي شكل من أشكال التطهير العرقي"، كما أضاف "يتعين أن نؤكد على حل الدولتين".
وفي حين لم يذكر غوتيريش ترامب أو اقتراحه بشأن غزة خلال خطابه أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، قال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك للصحافيين، في وقت سابق، إن النظر إلى تصريحات غوتيريش على أنها رد "افتراض في محله". وأضاف أن غوتيريش تحدث -في وقت سابق أمس الأربعاء- مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني حول الوضع في المنطقة.
مفاجئ جداً
وأفاد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، بأن ترحيل سكّان أي أرض محتلة محظور تماماً، قائلاً إن "الحقّ في تقرير المصير هو مبدأ أساسي في القانون الدولي ويجب أن تصونه جميع الدول، وهو ما أعادت محكمة العدل الدولية مؤخرا التأكيد عليه". فيما اعتبر المفوّض الأممي السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، أن مشروع السيطرة على غزة "مفاجئ جدّاً".
بدوره، أعلن الاتحاد الأوروبي الأربعاء، أنه "أخذ علماً" بمقترح ترامب، مؤكداً أن حلّ الدولتين هو "المسار الوحيد" لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال متحدّث باسم الاتحاد الأوروبي إنّ "غزة جزء لا يتجزّأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية".
من جهتهما، حذّر الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي، مساء أمس الأربعاء، من أن "أي تهجير قسري للشعب الفلسطيني في غزة أو الضفة الغربية سيكون غير مقبول". وبحسب بيان للرئاسة الفرنسية، اعتبر الرئيسان خلال محادثة هاتفية أن "ذلك سيشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي وعقبة أمام حل الدولتين، وعاملا رئيسيا لزعزعة الاستقرار في مصر والأردن".وفي إطار الحراك العربي عقب خطة ترامب، وصل ملك الأردن عبدالله الثاني إلى العاصمة البريطانية لندن، في زيارة عمل تسبق اللقاء المرتقب بينه وبين الرئيس الأميركي، الثلاثاء المقبل.وتأتي هذه الزيارة، بعد سلسلة اتصالات أجراها ملك الأردن مع عدد من الزعماء العرب، والأمين العام للأمم المتحدة، أكد فيها على رفض تهجير الفلسطينيين وضرورة تثبيتهم على أرضهم.
خطة صادمة ومرفوضة
في غضون ذلك، رفضت وزارة الخارجية الإيرانية اليوم الخميس، خطة ترامب "الصادمة".
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي إن “خطة إخلاء غزة وتهجير الشعب الفلسطيني قسرا إلى دول مجاورة تُعد استمرارا لخطة الكيان الصهيوني الهادفة إلى إبادة الأمة الفلسطينية بالكامل، وهي مرفوضة ومدانة بشكل قاطع”.
ووصف بقائي خطة ترامب بأنها “هجوم غير مسبوق على المبادئ والأسس الأساسية للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة"، داعياً المجتمع الدولي إلى الاعتراف “بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وتحريره من… الاحتلال والفصل العنصري”.
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الماليزية، أن "ماليزيا تعارض بشدة أي اقتراح من شأنه أن يؤدي إلى التهجير القسري للفلسطينيين أو نقلهم من وطنهم"، مشيرة إلى أن "مثل هذه الأعمال اللاإنسانية تشكّل تطهيراً عرقياً وانتهاكاً واضحاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. وأضاف البيان إن "أي محاولة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لفرض حلول أحادية الجانب بالقوة تتجاهل حق الشعب في تقرير المصير وتنتهك حريته، هي أمر غير مقبول ولا يمكن تبريره ولن يؤدي إلا إلى تعميق أحد أطول النزاعات في المنطقة".