اعتدت منذ الصغر على كتابة كلمة "سورية" بالتاء المربوطة. وعلى الرغم من اعتراض بعض الأصدقاء المتحمّسين للألف، لا أرى سبباً وجيهاً لمخالفة القاعدة التي اعتمدها الجغرافيّون العرب القدماء، ومنهم على سبيل المثال ياقوت الحموي في "معجم البلدان". وكان هذا مذهب اللغويّين في تعريب الأسماء الأعجمية، ولذلك وردت كلمة سورية بالتاء المربوطة في المعاجم الكبرى مثل "القاموس المُحيط" للفيروزابادي و"تاج العروس" لمرتضي الزبيدي.
ومن المعروف ندرة استعمال الكلمة في اللغة العربيّة للدلالة على بلاد الشام حتّى عصر النهضة حين ظهرت بقوّة وكُتبت بالتاء المربوطة. ففي العام 1860 أصدر بطرس البستاني، أوّل الداعين إلى وطنيّةٍ سوريّة جامعة، صحيفةً سمّاها "نفير سورية"، وتبعه صحافيّون وكتّابٌ آخرون، أشهرهم المطران يوسف الدبس في كتابه الضخم "تاريخ سورية الدنيوي والديني" الذي طُبع جزؤه الأوّل في بيروت في 1893 واكتملت طباعته في 1903. وكان قانون الولايات العثماني قد أنشأ في 1864 ولايةً باسم ولاية سورية، تضمّ سناجق دمشق وحماة وحوران والكرك، وكان عنوان النشرة الإداريّة السنويّة عن أحوالها، منذ 1865، "سالنامة ولاية سورية".
وهكذا، بالتاء المربوطة أيضاً، كُتب الاسم في العهد الفيصلي (فأوّل جريدةٍ صدرت آنذاك في دمشق كان اسمها "سورية الجديدة"، أسّسها حبيب كحّالة في 1918)، ثمّ في أيّام الانتداب الفرنسي (مثلاً في دستور 1928 كما عُمل به معدّلاً بعد 1930، وكذلك في طوابع البريد)، ثمّ بعد الاستقلال، خصوصاً في المادّة الأولى من دستور 1950 الذي أقرّته جمعيّةٌ تأسيسيّة منتخبة انتخاباً ديموقراطيّاً.
لماذا لا تُحبّونها، هذه التاء المربوطة الأنيقة، يا عشّاق الألف؟!ّ(*) مدونة نشرها الكاتب والناشر السوري فاروق مردم بك في صفحته الفايسبوكية