2025- 02 - 25   |   بحث في الموقع  
logo مجلس الأمن: اعتماد مشروع قرار أميركي بشأن أوكرانيا..بتأييد روسي logo جلسة الثقة.. 65 نائباً يطلبون الكلام! logo والد الرئيس السوري إذ يخالف ابنه الرأي logo "إسرائيل الموسَّعة": لبنان وسوريا ضفة شمالية بمسار الضفة الغربية logo لبنان يحسم صدارة المجموعة السادسة في تصفيات كأس آسيا logo أكرم حسني يستعد لطرح الأغنية الدعائية لـ«الكابتن» مع «شارموفرز» logo بيان لوزارة التربية عن إقفال المدارس بسبب العاصفة “آدم”.. logo وفاء عامر تقدم بطولة في المسلسل الخليجي «عابر سبيل»
سوريا نحو آفاق التعافي: إدارة التحديات في المرحلة الانتقالية
2025-02-06 09:25:56


بلغت سوريا شهرها الثالث منذُ سقوط نظام بشار الأسد وفراره إلى روسيا فجر الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024، في حدثٍ مفصلي يُعَدُّ من أبرز محطات تاريخ سوريا الحديث منذ تأسيسها في المؤتمر السوري العام عام 1920. غير أن التحديات الجسام التي تواجه الحكومة الانتقالية تتمثل في إرثٍ ثقيل من أعباء حكم عائلة الأسد الذي امتد لأكثر من خمسة عقود. يمكن تصنيف هذه التحديات إلى محورين رئيسيين: الأول، تحدي تحقيق الأمن والاستقرار في ظل أوضاع شديدة التعقيد. والثاني، التحدي الاقتصادي الذي يتطلب معالجة تراكمات عقودٍ من الفساد وسوء الإدارة.التحديات الأمنية واستحقاقات الاستقرارمع سقوط النظام السوري فجر الثامن من ديسمبر 2024، انهارت المؤسسة العسكرية والأمنية انهيارًا تامًا، ولاذ ضباط وعناصر الجيش والأمن بالفرار. في أعقاب ذلك، بادرت الحكومة الجديدة إلى افتتاح العديد من مراكز التسوية في مختلف المحافظات السورية، وعلى الرغم من غياب الإحصائيات الدقيقة حول أعداد الذين قاموا بتسوية أوضاعهم، إلا أن محافظة اللاذقية وحدها شهدت تسوية أوضاع نحو 40 ألف عسكري.ورغم هذه الجهود، لا يزال الوضع الأمني في سوريا برمته يعاني من عدم الاستقرار. وتواجه الحكومة الانتقالية السورية تحدياً في آلية التعامل مع فلول النظام السوري، ويتمثل هذا التحدي في التعرض المستمر لعناصر إدارة الأمن العام لسلسلة من الكمائن والهجمات التي تستهدف حواجزها المنتشرة في مختلف المحافظات السورية. وتتنوع الدوافع الكامنة وراء هذه الهجمات، وأبرزها رفض مبدأ التسوية بشكل قاطع نتيجة التخوف من المحاسبة بسبب التورط في جرائم وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين. كما تسعى بعض هذه الأطراف إلى كسب الوقت على أمل حدوث تحولات تفضي إلى جر البلاد نحو صراع مذهبي، مما يتيح لها التمترس ضمن هذا السياق على أمل أن يكون ذلك موئلاً لهم للتهرب من العدالة. إضافةً إلى ذلك، تبرز الدوافع الاقتصادية؛ حيث تورط العديد من عناصر جيش النظام السوري والميليشيات المرتبطة به في بناء اقتصاد حرب موازٍ، قوامه الرئيسي تصنيع وتهريب "الكبتاجون"، واستغلال المدنيين وابتزازهم عند نقاط التفتيش العسكرية في السابق.في سوريا، يشكل تحقيق الاستقرار تحديًا كبيرًا، ولا سيما في المجال الأمني. يُؤمَّل من الحكومة السورية الجديدة اليوم أن تُولي أهمية قصوى لفرض حالة من الأمن والاستقرار، باعتبارها مصلحة مشتركة للحكومة والشعب السوري ولدول المنطقة كافة. ولتحقيق هذا الهدف، يتعين تبني مسارين رئيسيين لا غنى عنهما، المسار الأول: العدالة الانتقالية، التي تقتضي محاسبة مرتكبي جرائم الحرب ضمن إطار قضائي عادل، وهو ما يسهم في الحد من أي عمليات انتقام فردية قد تنشأ في حال تم العفو عن هؤلاء المجرمين؛ مما قد يأخذ البلاد إلى مُنزلق لا يريده السوريون ولا يحتمله مستقبل سوريا. المسار الثاني: إطلاق عملية شاملة -لعناصر النظام السابق لمن لم تتلطخ أيديهم بدماء الشعب السوري- يُطلق عليها عملية نزع السلاح، والتسريح، وإعادة الإدماج. يكون هدفها الأساسي تحويل المقاتلين السابقين إلى حياة مدنية، وهي تشمل ثلاث مراحل، الأولى تسليم الأسلحة من قبل المقاتلين، والثانية تفكيك الهياكل العسكرية غير النظامية، والثالثة مرحلة طوية من عملية إدماج المقاتلين السابقين اجتماعياً واقتصادياً في مجتمعاتهم. ولا بد من الحصول على دعم مالي وتقني من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختصة من أجل ضمان نجاح العملية.واجهت عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج تحديات جمّة عند تطبيقها في بعض الدول العربية التي عصفت بها نزاعات مسلحة، مثل العراق وليبيا. ففي العراق، عقب الغزو الأمريكي عام 2003، جرت محاولات لتسريح المقاتلين السابقين، وصدر قرار بحل الجيش والأجهزة الأمنية. غير أن هذه الجهود افتقرت إلى خطة واضحة لإعادة دمج المقاتلين في المجتمع، ولم يكن هناك نهج شامل يأخذ في الاعتبار الأبعاد الطائفية والاقتصادية، بل على العكس، شابت هذه المحاولات سياسة الإقصاء التي استهدفت مجموعات بعينها بناءً على اعتبارات طائفية، ما أدى في نهاية المطاف إلى ظهور كيانات مسلحة متعددة، كان من أبرزها الحشد الشعبي وتنظيم الدولة الإسلامية. أما في ليبيا، فقد واجهت برامج نزع السلاح والدمج صعوبات عديدة بعد سقوط نظام القذافي عام 2011. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتسريح الميليشيات المسلحة، إلا أن هذه البرامج اصطدمت بتحديات رئيسية، تمثلت في تعدد الفصائل المسلحة، وغياب حكومة مركزية قوية، وصعوبة مراقبة انتشار السلاح.التحديات الاقتصاديةفي سوريا اليوم تتركز جهود الدول ولا سيما دول الخليج العربي على تلبية الاحتياجات الإنسانية والإغاثية بصورة أساسية. ولذلك بادرت هذه الدول إلى إطلاق جسور برية وجوية لإيصال المساعدات إلى الأراضي السورية. كان للحرب والاستبداد والعقوبات آثاراً كارثية على المدنيين. مع نهاية عام 2024، كان التمويل الإنساني قد انخفض إلى أدنى مستوياته منذ 14 عامًا، حيث لم تتلقَّ خطة الاستجابة الإنسانية سوى ثلث التمويل المطلوب، بينما لم تُموَّل استجابة فصل الشتاء والاستعداد للفيضانات في شمال غرب سوريا سوى بنسبة 10% فقط. وعلى الرغم من سقوط نظام الأسد وانتصار الثورة السورية، لا تزال الاحتياجات الإنسانية مهولة في جميع أنحاء البلاد. ففي شمال غرب سوريا، يحتاج نحو 4.2 مليون شخص، معظمهم من النساء والأطفال، إلى المساعدة الإنسانية، نصفهم يعيشون في نحو 1500 مخيم في محافظتي إدلب وشمال حلب، ويواجهون ظروفًا قاسية تتفاقم مع الشتاء وندرة الخدمات الأساسية. ومع الحديث عن عودة المهجرين، خصوصاً من دول الجوار كتركيا ولبنان والأردن، حيث تُشير الإحصائيات إلى عودة نحو 200 ألف شخص منذُ سقوط النظام السوري. لتتزايد الضغوط على البنى التحتية والخدمات الأساسية الهشة أصلًا. لذا، يُعد دعم وتأهيل هذه القطاعات أمرًا جوهريًا لضمان عودة كريمة وآمنة للمهجرين وتحقيق تعافٍ مجتمعي مستدام يقطع الطريق أمام أي اضطرابات مستقبلية.وتتجلى الأولوية القصوى اليوم للحكومة السورية الجديدة في العمل مع الدول الصديقة والوكالات الأممية والجاليات السورية في الشتات على تحقيق رفع تدريجي للعقوبات. ويُستفاد من الرخصة التي أصدرتها الولايات المتحدة مؤخرًا للسماح بإجراء معاملات مع المؤسسات الحكومية السورية بهدف تسهيل تقديم الخدمات الأساسية. وكذلك اتفاق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوربي على تعليق تدريجي لمدة عام للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، ضمن إطار "مقاربة التحرك خطوة خطوة". هذه الإجراءات، إن استمرت، كفيلة بتعزيز الاستقرار خلال المرحلة الانتقالية.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top