قالت مصادر عاملة في المجال الإنساني، لـ"المدن"، إن برامج العمل الخدمي والإغاثي والإنمائي في الشمال السوري، تعاني جموداً جزئياً، وذلك بعد القرار الأميركي بتعليق جميع المساعدات الخارجية لمدة 90 يوماً، في حين شكا سكان من داخل المخيمات لـ"المدن"، من ضعف خدمات الصحة والإصحاح والإغاثة داخل المخيمات، ما يزيد معاناتهم، خصوصاً في ظل فصل الشتاء.
جمود وتعليق خدمات
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت عن إيقاف جميع المساعدات الخارجية التي تمولها مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، مشيرة إلى بدء فترة مراجعة مدتها 90 يوماً، لتقييم مدى امتثال هذه البرامج للسياسة الخارجية الأميركية. وبعد مراجعات قامت بها المنظمات الإنسانية العاملة شمالي سوريا للمانحين، أصدر وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو، إعفاءً جديدتً يسمح باستمرار تقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة.
وفور تعليق برامج المساعدات الأميركية، علّق مشروع الأيادي الخضراء العامل في المخيمات السورية، جميع أنشطة خدمات المياه والصرف الصحي والتوعية حتى إشعار آخر. وفي وقت لاحق، أعلن العودة إلى بعض الخدمات في ظل إعفاء الأنشطة الحيوية من القرار الأميركي، وتشمل الخدمات المستثناة من التعليق تزويد المخيمات بالمياه، وجمع النفايات، وشفط الصرف الصحي فقط.
كما أعلنت منظمة "أكتد" إيقاف جميع خدمات الورش (تزويد المياه، ترحيل القمامة، شفط الجور الفنية)، بالإضافة إلى خدمات مشروع النقد مقابل البناء، مؤكدة في كتاب موجه إلى الإدارة العامة للشؤون الإنسانية في باب الهوى، اطلعت عليه "المدن"، أنها تتفاوض مع المانحين المعنيين بهدف إيجاد حلول تضمن استئناف هذه الخدمات.
وذكرت المصادر العاملة في المجال الإنساني لـ"المدن"، أن عدد المنظمات الإنسانية التي تضررت برامجها وخدماتها من تعليق المساعدات كبير جداً، وتشمل إلى جانب الخوذ البيضاء، و"أكتد:"، كلاً من "سامز" و"شفق" و"الشروق" وجميع المنظمات الحاصلة على منح من الخارجية الأميركية، ما يهدد التجمعات الصحية مثل المشافي، والتجمعات السكنية المؤقتة مثل المخيمات، وهي قطاعات تعتمد على التمويل الإنساني بشكل رئيسي للاستمرار في تأدية الخدمات.
انعكاسات خطيرة
ويأتي هذا القرار في "وقت يحتاج فيه السوريون إلى الدعم أكثر من أي وقت مضى، في ظل الواقع الحالي في سوريا والتغيرات السياسية على الأرض وما تبعها من بدء عودة لجزء من المهجرين والنازحين"، بحسب تصريح مدير البرنامج الرئيسي في الدفاع المدني أحمد قزيز لـ"المدن".
ولفت قزيز إلى أن المساعدة الأميركية، "كانت حاسمة" في جهود الدفاع المدني لإنقاذ الأرواح، من خلال الاستجابة للطوارئ وعمليات البحث والإنقاذ والإسعاف والخدمات الطبية، وفي إزالة مخلفات الحرب، مؤكداً أنها "دعمت برنامج العدالة والمساءلة لدينا لتوثيق الفظائع، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية، ومحاسبة مجرمي الحرب".
وذكر قزيز أن الخوذ البيضاء أبلغت أن تمويل الحكومة الأميركية لبرامجها الإنسانية وبرنامج المساءلة العدالة، قد تم إيقافه لمدة 90 يوماً كجزء من مراجعة أوسع للمساعدات الخارجية، مشيراً إلى أن "تجميد التمويل هذا سيؤدي إلى تراجع الاستجابة للطوارئ، وتعطيل إزالة الذخائر غير المنفجرة، وتعريض حياة ملايين من الأسر النازحة العائدة إلى ديارها بعد سقوط نظام الأسد للخطر، وتراجع كبير في الخدمات الطبية والأعمال الخدمية والإصحاح، وتقويض جهود العدالة لمحاسبة مجرمي الحرب بشكل خطير".
إعفاءات غير واضحة
وتعليقا، يشير الناشط الإغاثي والإنساني مأمون سيد عيسى، إلى أن الإعفاءات التي تلت القرار الأميركي، والتي تشمل الأدوية الأساسية المنقذة للحياة والخدمات الطبية والغذاء والمأوى والمساعدة المعيشية، "ليست واضحة المعالم نظراً لعدم تحديد البرامج المحددة المدرجة في الإعفاء".
ويضيف لـ"المدن"، أن هناك أيضاً عامل الوقت الذي يتسبب في معاناة المدنيين، خصوصاً سكان المخيمات، حيث "سيستغرق تطبيق الاستثناءات وقتا ريثما تتوضح ماهية مجال المساعدات التي تشملها الإعفاءات بشكل دقيق".
ويلفت إلى وجود خدمات طبية تقدم للسوريين لا تشملها الاستثناءات كونها غير منقذة للحياة مثل اللقاحات والدعم النفسي والحماية للفئات الضعيفة والدعم النفسي ونقل المرضى.
ويرجح أن الخدمات السابقة "لن تشملها الاستثناءات من وقف المساعدات"، ما سينعكس سلبا على السوريين في المنطقة، خصوصاً النازحين في المخيمات الذين يصل عددهم شمالي سوريا الى مليوني نازح.
وحول مدى استمرار المشاريع والبرامج الراهنة التي تشرف عليها المنظمات، يؤكد أن المشاريع ذات التمويل المسبق لم تتوقف، نظراً للآلية التي يتم من خلالها التمويل عادة، وهي منح جزء من المبالغ للمنظمات عشية الشروع بالمشاريع، وبالتالي لا تتوقف المشاريع بشكل فجائي.