2025- 02 - 03   |   بحث في الموقع  
logo  روسيا وإيران.. شراكة في زمن التحوّلات الجيوسياسيّة!.. بقلم: إيمان درنيقة الكمالي logo متغيرات هائلة ترسم الصورة الجيوسياسية للمنطقة!.. بقلم: العميد منذر الايوبي logo معايير سلام لتأليف الحكومة.. صيفٌ وشتاءٌ تحت سقفٍ واحد!.. عبدالكافي الصمد logo عاملان وراء تأخير تشكيل الحكومة!.. غسان ريفي logo بين الآمال والمخاوف: تحديات كبرى أمام سوريا ولبنان logo نتنياهو وترامب: توطين فلسطينيين في لبنان وفرض السلام بالقوة logo الحكومة بالأسماء وتوزيع الحقائب: ولادة متعثرة.. ولكن قريبة logo بالفيديو: إخلاء طائرة كانت متجهة من هيوستن إلى نيويورك… ما السبب؟
بين الآمال والمخاوف: تحديات كبرى أمام سوريا ولبنان
2025-02-03 00:55:57


مع سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الثامن من كانون الأول الماضي، اجتاح السوريين إحساس متجدّد بالأمل كادوا أن يفقدوه منذ سنوات. فقد رأوا في التغيير فرصة للعودة إلى وطنهم بأمان، وإيجاد حياة كريمة، وفرص عمل مستقرة واستعادة قدرتهم على التعبير بحرية. وفي التاسع والعشرين من كانون الثاني، أُعلن أحمد الشرع رئيساً لسوريا، ما مثّل بداية عهد جديد محفوف بالتحديات والفرص في آنٍ معاً.
أما في لبنان، فقد شهد التاسع من كانون الثاني انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، ليتبعه تكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة بعد أربعة أيام فقط. وسط هذه التغيرات، ازداد أمل اللبنانيين بتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وتطبيق القرار الدولي 1701، واستعادة الاستقرار الاقتصادي، ولو تدريجياً، من خلال إعادة الودائع المصرفية، وإنعاش الأسواق، وضمان محاسبة الفاسدين عبر قضاء نزيه، وإعادة هيكلة الإدارة في القطاع العام وإظهار أكبر قدر من الشفافية.
لكلّ بلد خصوصياته بالطبع لكن جغرافيا وتاريخ البلديْن يفرضان عليهما تحديات متداخلة.
التحديات المشتركة بين سوريا ولبنان
تواجه سوريا ولبنان معاً تحديات سياسية وأمنية واقتصادية عميقة تتطلب تعاملاً دقيقاً لضمان استقرار البلديْن في مرحلة ما بعد التحولات السياسية الأخيرة، وهي كما يلي:
1. أخطار الفوضى الأمنية والسياسية
لا تزال إمكانية وقوع اضطرابات سياسية أو طائفية في كلا البلديْن، وما بينهما، قائمة لا سيّما أنّ المناطق الحدودية قد شهدت توتّرات في البقاع وعكار خلال مراحل التحوّل السوري الأولى. وفي لبنان وسوريا تداخل طائفي بين العلويين والدروز والمسيحيين والسنة، حيث أنّ أيّ تصعيد أمني جديد قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار خاصة في ظل انتشار الأسلحة بين المجموعات مختلفة الولاءات في البلديْن.
2. مكافحة تجارة المخدرات
خلال العقود الماضية، تطوّرت تجارة المخدرات بين سوريا ولبنان لتصبح صناعة مزدهرة، خاصة خلال السنوات العشرة الأخيرة، حيث شكّلت مصدراً رئيسياً لتمويل النظام السوري واقتصاد سوريا إلى حد كبير. وعليه، يمثّل وضع حدّ لهذه التجارة غير المشروعة تحدياً أساسياً أمام حكومتيْ البلديْن، خاصة مع تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية لمكافحتها.
3. الحد من نفوذ حزب الله العسكري لحزب
تعهّد الرئيس السوري أحمد الشرع بسد طرق إمداد حزب الله العسكرية، وهو هدف يتوافق مع المطالب الأميركية التي فُرضت ضمن ملحق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل. هذا الإجراء قد يؤدي إلى تداعيات سياسية وأمنية كبيرة داخل لبنان، حيث يعتبر حزب الله قوة سياسية وعسكرية رئيسية. ولعل الأعمال الانتقامية التي تحصل في سوريا وفي أماكن متعددة مختلطة تحديداً والتي تعمل القيادة الجديدة على استيعابها نقطة تستحق الاهتمام والمتابعة الدقيقة.
4. أزمة اللجوء السوري
مع تحوّل النزاع السوري إلى حرب طويلة الأمد، نزح أكثر من مليون ونصف سوري إلى لبنان ليشكّلوا حوالي ثلث سكان البلاد. تأمين عودة هؤلاء النازحين إلى ديارهم يمثّل أولوية قصوى، لكنه يتطلب إعدادات سياسية واقتصادية في سوريا تضمن لهم حياة كريمة، مع فقدان الكثير من مقومات الحياة ومصادر الماء والكهرباء في أكثر المناطق السورية. ومن شأن هذه الخطوة أن تخفّف العبء عن الاقتصاد اللبناني وبنى البلاد التحتية المهترئة بسبب عدم الصيانة وكثرة الاستهلاك.
5. ترسيم الحدود وتسوية ملف مزارع شبعاتظل قضية الحدود بين لبنان وسوريا، سواء البرية أو البحرية، إحدى أبرز النقاط العالقة. كما أن تحديد ملكية مزارع شبعا يُعدّ عقبة رئيسية أمام أي تسوية سياسية طويلة الأمد بين البلديْن.
6. طبيعة العلاقة مع إسرائيل
تبدو العلاقة بين سوريا وإسرائيل في مفترق طرق، حيث لا يزال هناك تساؤل عمّا إذا كان البلدان في حالة حرب، أو هدنة أو بصدد الدخول في مفاوضات سلام. في هذا السياق، أثارت قصة تسريب حديث الرئيس أحمد الشرع خلال لقائه مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي اهتمام المراقبين. فوفقًا لصحيفة "الأخبار" ليوم السبت الأول من شباط، فإن الشرع قال لميقاتي: "قل لي دولة الرئيس، هل أنور السادات في نظرك يُعتبر خائناً؟ صمت ميقاتي ولم يرد، كمن ينتظر أن يواصل الرجل حديثه، لكن الشرع كرّر: سألت ولم تجب، هل تعتبر أنور السادات خائناً؟ أيضاً ابتسم ميقاتي بما يجعل الرجل يفهم أن لا جواب لديه. فأخذ الشرع نفساً ليكمل: فكّرت بالأمر طويلاً، وأنا درست كل ثورات العالم، وراجعت ما مر على الأمة العربية من أفكار وقوى، والآن، أفكر، لو أنني كنت مكان السادات في حينه، لفعلت الأمر نفسه!". هذا التسريب. الذي لم ينفه أحد، يعكس مقاربة مختلفة لسوريا تجاه الصراع مع إسرائيل، وهو ما قد تكون له تداعيات على السياسة الإقليمية وعلى لبنان بطبيعة الحال.
7. آفاق التعاون الاقتصادي
تتمتع سوريا بإمكانات زراعية وصناعية كبيرة، بينما يمتلك لبنان خبرات مصرفية وتسويقية واسعة. يمكن لهذا التكامل أن يساهم في خلق فرص اقتصادية جديدة، لا سيما من خلال تطوير مناطق اقتصادية حرة، مثل المنطقة القريبة من مرفأ طرابلس، الذي يعد شرياناً حيوياً لسوريا. غير أنّ نجاح هذه المبادرات يعتمد على طبيعة التوجه الاقتصادي السوري الجديد، ومدى استعداد البلديْن للتعاون في ظل العقوبات الدولية المفروضة على دمشق.
8. العقوبات وتأثيرها على إعادة الإعمار
تمثّل العقوبات الغربية المفروضة على سوريا عائقاً رئيسياً أمام الاستثمار في إعادة الإعمار. ورغم أنّ للرئيس الأميركي صلاحية رفع هذه العقوبات بشكل مؤقت واستثنائي لبعض القطاعات، إلا أن المؤشرات الحالية لا تدل إلى احتمال حدوث تغيير جذري في المدى القريب. وهذا يعني أن أي مشاريع مشتركة بين سوريا ولبنان ستواجه عقبات قانونية وسياسية تتطلب حلولاً مبتكرة.
بين الفرص والمخاطر
أسئلة كثيرة تُطرح في كلّ منتدى يعقد حول سوريا ولبنان لا تجد أجوبة سهلة. فالاتجاه إلى الاستقرار ليس محسوماً خاصة وأنّ المطلب الأوّل من الحكم في البلديْن حلّ المجموعات المسلحة بالاعتماد على دعم غربي وإقليمي، وهذا لن يكون كافياً بأي حال من الأحوال لتحقيق هذا الهدف صعب المنال خاصة بغياب القدرات الأمنية والعسكرية الرسمية في كلّ من لبنان وسوريا. وهنا، يأتي السؤال الثاني حول المشاركة والإقصاء ليؤشر إلى أنّ أيّ محاولة إقصاء لأطراف فاعلة في البلديْن لن تعزز الاستقرار ولا الأمن.
إلى ما سبق، يُفترض بالقيادتيْن في البلديْن الإدراك أنّ كلّ مواكبة دولية وإقليمية غير معززة بتفاهمات داخلية لا يُعَوّل عليها. فعمر التدخلات الدولية والإقليمية قصير، أمّا أهل الأرض وسكانها فباقون ولديهم القدرة على الانقلاب على التفاهمات الهشة.
وفي ظل اتضاح رؤية إسرائيلية توسعية شرسة يتشارك فيها الأميركيون وأكثر الغرب الأهداف مع إسرائيل، ورؤية تركية ساعية إلى تعزيز النفوذ والحضور الإقليميَيْن بعد الثامن من كانون الأول، ورؤية إيرانية فقدت الكثير من قوتها وأذرعها، وغياب رؤية عربية واضحة أو موحّدة بالحد الأدنى، تصبح الأهداف الإسرائيلية سهلة التحقيق. وهذا ما سيدفع المنطقة كلها إلى توترات بدأت مع إشهار الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظريّته بضرورة تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن وتالياً توطين المقيمين في سوريا ولبنان. ولعلّه من المفيد التذكير أنّ التوافق الدولي والإقليمي قد لا يؤمّن بالضرورة توافقاً وطنياً، والتجارب علّمتنا أنّ الغرب وخاصة أميركا تدير ظهرها في أي لحظة لأي حليف ولنا في التاريخ القريب أمثلة لا تعد ولا تحصى.
الصدمة الجماعية التي عاشها الشعبان السوري واللبناني تدفعهم إلى التعلّق بالأمل وفي ذلك مناعة كبيرة وتمسك بالحياة وتفاؤل مطلوب، إلا أنّ الحذر واجب والمسؤولية الملقاة على عاتق الحكميْن الجديديْن ذات وزن ثقيل تنوء عن حمله جبال. وهكذا، تكون سيناريوهات الأشهر القليلة المقبلة مفتوحة على كل الاحتمالات، والنجاح يعتمد على قدرة القيادات الجديدة على تحقيق التوازن بين الضرورات الأمنية والسياسية، وبين تطلعات الشعبيْن إلى حياة أفضل.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top