يقبع الملف الحكومي في حالٍ من المراوحة بعد مضي أكثر من أسبوعين على تكليف الرئيس نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة، على الرغم من إشاعة اجواء إيجابية على أكثر من صعيد، بينما الأخذ والرد لا يزالان يسيطران على المشهد الحكومي، بعدما خرجت العقد الحكومية من عنق الثنائي الشيعي لتطال بقية الأفرقاء الذين يحاججون على حصصهم التمثيلية، بانتظار ما سيحمله الأسبوع الجديد من تطورات تفضي إمّا إلى ولادة تشكيلة جديدة أو تعثر يدخل البلاد في عداد تكرار سيناريوهات الحكومات المستعصية على التأليف.
سياسياً، وبينما التطورات الجنوبية تحتل المشهد الأمني، تُسجل مواقف سياسية عدة، أبرزها ما ورد في بيان "القوات اللبنانية" الذي ورد فيه: "يروّج بعضهم لمقولة مفادها أنّ مشكلة "القوات اللبنانية" مع التشكيلة الحكومية تكمن في حصة أو حقيبة معينة، وهذه المقولة خاطئة تمامًا، لأنه لم تكن الحصص ولا نوعية معينة من الحقائب محط اهتمام "القوات" في أي يوم من الأيام، ولكن السؤال الذي تطرحه "القوات اللبنانية" هو التالي: إذا كان مفهومًا الحظر في المرحلة السابقة على وجود "القوات" في الحكومة وعلى نيلها حقائب محدّدة تحديدًا خشية من دورها السيادي والإصلاحي، فليس مفهومًا على الإطلاق استمرار هذا الحظر في المرحلة الجديدة التي يجب أن تكون سيادية وإصلاحية بامتياز؟".القوات: لا للحظروأضاف بيان القوات بأنّ "ما لا تقبله القوات بتاتاً هو بقاء أي نوع من الحظر عليها، لأنّها في الخمسين سنة الماضية عمومًا، وفي العشرين سنة الأخيرة خاصّة، أعطت ما لم يعطه أي حزب آخر أو أي مجموعة أخرى للبنان، والقاصي يشهد والداني أيضًا بكفاءة وفعالية واستقامة مَن مثّل "القوات" ويمثِّلها في البرلمان أو في الحكومة، ولكن هل من تفسير لهذا الحظر غير أن ملائكة محور الممانعة ما زالت حاضرة وتتدخّل من هنا ومن هناك لمنع "القوات" من أخذ موقعها الطبيعي في الحكومة في المرحلة الجديدة؟".
وتابعت: "لم تحسب "القوات اللبنانية" يومًا أي حساب لمكسب سلطوي من هنا، أو مقعد نيابي من هناك، أو مقعد وزاري من هنالك، ولو فعلت لكانت تبوأت أعلى المناصب واستحوذت على أفضل الحقائب في الوزارات كلّها، والحساب الوحيد الذي تجريه هو لمصلحة الناس وتموضعها الوطني الذي يمنحها قدرة التأثير الأكبر في نضالها دفاعًا عن مشروع الدولة، وهذا ما جعلها في المعارضة معظم الوقت كونها رفضت التخلي عن نضالها مقابل السلطة".تمديد الهدنة من جهته، اكد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسين الحاج حسن ان لبنان لا يحكم الا بالشراكة وصيغة الوفاق الوطني والعيش المشترك، والتمثيل في الحكومة يعكس صيغة العيش المشترك والميثاق الوطني. وسأل خلال احتفال تأبيني في بعلبك "بالنسبة للبنان هل سمعتم ان العدو يقول انه مدد الى 18 الجاري والاميركيين وافقوا معه ويمكن ان يمدد اكثر وهو يتحدث عن البقاء في بعض النقاط الحاكمة وهناك شهداء قتلهم العدو وجرحى، الا يمكنكم حيال ما يجري ان تصدروا بيان استنكار واحد او تدلوا بتصريح او تتحدثوا ولو بكلمة نحن واياكم مختلفون على تقييم هذه الحرب كيف حصلت، ولماذا حصلت؟. لديكم رأي وعندنا رأي ،لن اناقش بهذا الموضوع لاننا لن نقنع بعضنا البعض ،هناك حقيقة ان العدو قتل لبنانيين بصرف النظر كيف ذهبوا ولماذا ذهبوا وجرح لبنانيين ذهبوا الى قراهم الا يعنيكم الشأن السيادي بان العدو قتل وجرح لبنانيبن اخرين، وما يزال يحتل الارض ويعتدي ويحرق المنازل والاراضي والبنية التحتية والبساتين والطرقات، ولا يصدر منكم تصريح الا الانتقاد للمقاومة".
وامل الأمين العام لـ"تيار المستقبل" أحمد الحريري، خلال زيارته دارة مفتي محافظة بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي، أن تستكمل انطلاقة عهد الرئيس جوزاف عون بتشكيل الحكومة سريعاً لتعمل على تنفيذ أجندة الإصلاح وإعادة الانتظام العام الى الحياة السياسية والديموقراطية في لبنان. وأضاف:" كلنا في انتظار ما سيقوله رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في إحياء الذكرى، وما سيرسمه من خارطة طريق لـ"تيار المستقبل" في المرحلة المقبلة، وسنكون معه على الضريح مع كل الأوفياء، كما كنا في كل السنوات الماضية".الراعي: أزمة حكموفي عظة الأحد، اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّه "لا احترام للدستور، بل مخالفة تلو المخالفة، ولا احترام لميثاق العيش المشترك ولوثيقة الوفاق الوطنيّ، فدبّت الفوضى في الحكم والحكومة". الراعي انتقد السياسيين قائلاً "كيف يمكننا ان نواجه حاجاتنا الوطنيّة مع السعي إلى المطالبة الضيّقة بالحصص البغيضة التي لا علاقة لها بالميثاق والدستور، بل هي نقيض لهما. فليعد المعنيّون بتعطيل تأليف الحكومة إلى ما جاء في خطاب القسم".
واعتبر الراعي أننا أمام "أزمة حكم وحكّام وعدم تطبيق الأنظمة أو سوء تطبيقها وتفسيرها وصياغتها، مشيراً إلى أنّه "يفترض فيها تغيير الأداء السياسي في رؤيتنا لحفظ أمننا وحدودنا، وفي سياساتنا الاقتصادية، وفي تخطيطنا لرعاية شؤوننا الاجتماعية، وفي مفهوم الديمقراطية وفي حكم الاكثرية وحقوق الأقليات، وفي صورة لبنان في الخارج وعلاقاتنا بالاغتراب، وفي فلسفة المحاسبة والرقابة وفي مركزية الدولة والانماء غير المتوازن وفي محاربة البطالة وفي مكافحة الفقر".روح الدستورمن جهته، سأل متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عودة "ألم يحن الوقت ليكون لنا وطن يجمعنا ولا تمزقه خلافات الزعماء ومن ينصبون أنفسهم قادة، وأهواؤهم ومصالحهم وشبقهم إلى السلطة أو التسلط". وقال "الحلول الجذرية المبنية على الدستور والقانون هي التي تؤدي إلى قيام الدولة، ووحدهم رجال الدولة يعملون بتجرد، ويتخذون القرارات الصعبة التي تضع مصلحة البلد فوق كل المصالح، ويجاهدون من أجل تغيير العقلية والنهج اللذين أوصلا البلد إلى الإنهيار والتفكك، ولا يخضعون لأي ضغط أو ابتزاز أو تهديد. بالتصميم والشجاعة والإصلاح والشفافية، لا بالتعلق بأعراف غريبة عن روح الدستور ونصه، تستعيد الدولة دورها، وتستعيد ثقة أبنائها واحترام الخارج. عندها فقط يلتفت العالم إليها ويساعدها على النهوض وبناء ما قد هدمته الحروب".
وشدد شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز سامي ابي المنى على "ضرورة التضامن الوطني الداخلي في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها لبنان وخاصة منطقة الجنوب في ظل استمرار التهديدات الاسرائيلية، وعلى تأليف حكومة جديدة، لبناء الدولة الضامنة لحقوق جميع اللبنانيين، والوقوف صفا واحدا إلى جانب الجيش والالتفاف حول قيادته العسكرية، لتنفيذ المهام العسكرية والأمنية الموكلة إليه، وبسط سيادة الدولة على كل الأراضي اللبنانية وعلى الاخص في جنوب الليطاني".