2025- 02 - 02   |   بحث في الموقع  
logo قطر تؤكد أهمية بدء مفاوضات المرحلة الثانية لاتفاق غزة logo تصفيات كأس آسيا لكرة السلة: لبنان يختتم مبارياته بمواجهة البحرين والإمارات logo للراغبين في التطوّع بصفة ضابط اختصاص في مجالات الطب والصيدلة والهندسة.. بيان من الجيش logo نتنياهو إلى لقاء ترامب: مناقشة مصير غزة.. ومواجهة إيران logo سوريا: تشكيلة جديدة لخطباء المساجد ومسؤولي الأوقاف logo مواجهة خطة ترامب التهجيرية.. أبعد من الخطابة logo جنوب سوريا: إسرائيل تبني قواعد عسكرية ومواقع استيطانية logo نظام مصرفي جديد على أنقاض الودائع!
لا عدالة للمفقودين في سوريا
2025-02-02 11:26:00

عاد موقع وكالة الأنباء السورية للعمل، ولكن بالبلادة نفسها التي كان عليها قبل سقوط النظام، وزاد من بلادته إحالة القراء إلى مواقع تلغرام لمتابعة تفاصيل الأخبار، هذه الأخبار التي لا تحمل جديداً لأي باحث عن المفقودين أو المعتقلين في سوريا، لا في مرحلة النظام السابق، ولا أولئك الذين تعتقلهم قوات السلطة الجديدة.
ليلة سقوط دمشق، كانت فصائل الجيش الحر التي استعادت نشاطها من المناطق المحيطة بمدينة حمص نزولاً نحو العاصمة قد تلقت خلال اتصالها بـ"قوات الشمال" تأكيدات بأن الأخيرة ستسيطر على السجون ومراكز التوقيف، وستضع يدها مباشرة على الوثائق وتحفظ الأماكن وتطلق سراح المعتقلين والموقوفين. وأن مجموعات خاصة مكلفة بهذا الأمر وهي جاهزة للتنفيذ فور دخول مناطق حمص ودمشق.
"قوات الشمال" كان اختصاراً لتسمية هيئة تحرير الشام بشكل أساسي، القادمة من شمال البلاد نحو جنوبها، وطبعا يضاف إليها العديد من الفصائل الأصغر، أهمها الجيش الوطني.وتأكيدات قوات الشمال كانت كافية ليطمئن المقاتلون المحليون إلى مصير المعتقلين ومحاسبة المجرمين. ولكن مع دخول القوات المحلية إلى سجن صيدنايا "اكتشفنا أن قوات الشمال بطيئة جداً، ولم تشكل أي مجموعات مختصة لحماية الوثائق والمعلومات، بل كانت أكثر ضياعاً من غيرها". كما يقول أحد المقاتلين المحليين الذي كان من أول المسلحين الداخلين إلى صيدنايا لحماية مدنيين رموا أنفسهم بالاقتحام السريع لإطلاق سراح أحبائهم.هستيريا جماعيةلم تحصل عمليات جمع للمعلومات أو صيانة لمواقع الاعتقال والتعذيب والأرشيفات التابعة للنظام السوري، بل سادت الفوضى في الأيام الأولى، وبينما كان المقاتلون المحليون قد حصلوا على وثائق من سجن صيدنايا تصف المبنى هندسياً، وتشير إلى عدم وجود أي طابق تحت الأرض، كانت الهستيريا الجماعية تنتشر بحثاً عن مهاجع سرية.
الأيام القليلة الأولى لسقوط النظام كانت كابوساً لبعض الباحثين والمختصين السوريين في الخارج والداخل على حد سواء. هؤلاء حاولوا بكل الطرق الاتصال بهيئة تحرير الشام، وفصائل من الجيش الحر لحماية مواقع المدافن الجماعية التي تخلص فيها النظام السوري من معارضيه.
إحدى الباحثات في أوروبا لم توفر أحداً من طلبها تأمين منطقة المدافن الجماعية في حي التضامن في دمشق، دون نتيجة. هيئة تحرير الشام لم تبد الكثير من الاهتمام بالأمر، وكل فصائل الجيش الحر كانت تعمل على خطوط السلطة والسيطرة على بعض النقاط في العاصمة خصوصاً أنهم دخلوها قبل قوات الشمال، وأعادوا تمركزهم بعد عدة أيام. وفي النهاية دخل المدنيون يبحثون عن بقايا أبنائهم ونبشوا المقابر الجماعية بحثاً عن بقايا ثياب احبائهم ليتعرفوا على من فقدوهم وينتشلوا عظامهم ويدفنوهم بشكل لائق، مخلفين المكان بحالة من الفوضى ومبعثرين أي أثر يمكن أن يسمح بالتعرف على الجثث المتبقية.
مضت الأسابيع والقائد العام الجديد لسوريا أحمد الشرع يستقبل الموفدين الدوليين والمغتربين من السوريين، ولكن إحدى الجمعيات المشكلة من عائلات ضحايا صور "قيصر" لم تجد من يستقبلها إلا قيادي من الصف الثاني أو الثالث من الهيئة، وسمعوا منه كلاماً مبهماً حول العدالة الإنتقالية وخطة مستقبلية شاملة لمعرفة مصير الضحايا، لم يوضح لهم أي من بنودها ولا جدولها الزمني.العدالة الانتقاليةتتأسس العدالة الانتقالية على خمس زوايا: كشف الحقيقية كاملة، المساءلة والمحاسبة، تعويض الضرر، الإصلاحات المؤسساتية لضمان عدم تكرار الانتهاكات، وحفظ الذاكرة. وكشف الحقيقة يكاد يكون أهم ركن فيها، وتغص المعتقلات في سوريا ومنذ العام 1970 بالنزلاء، ولا أحد يعلم عدد أولئك المختفين، ويبدو أننا لن نعلم في المدى المنظور.
وإذ يقول أحمد الشرع، الرئيس السوري الجديد، في خطاب انتصار الثورة يوم 29 من كانون الثاني 2025 بأن الأولوية هي للسلم الأهلي، فهو لا يمر ولا حتى بإشارة على ملف المعتقلين والمخفيين قسراً. رغم أن هذا الملف هو مدخل السلم الأهلي والعدالة الإنتقالية.إذ كيف يمكن وقف عمليات الإنتقام العشوائي من دون وضع المحاكم في نصبها وإصدار الأحكام على المجرمين وكشف مصير الضحايا؟ وكيف يمكن إقناع أهالي الضحايا بأن العدالة استقامت وحقهم سيصلهم، وسيتم تعويض الضحايا أنفسهم ممن قضوا أعواماً في السجون والمنافي، سواء أكان التعويض مادياً أم معنوياً، من دون كشف الحقائق وإقامة المحاكمات المستقلة عن السلطة والمحايدة؟ وكيف يمكن ضمان مستقبل الشعب السوري وحريته دون إصلاحات قضائية وسياسية مبنية على التجربة الماضية وعلى منع تكرارها؟ولكن شيئا من هذا لم يحصل، لا بل يتم استبعاد الحديث عن العدالة الإنتقالية وعن جمع الحقائق وعن إقامة المحاكمات، ومن يتابع الملف من المختصين يشير إلى أن كل ملف المعتقلات والتعذيب والقتل في السجون خارج دائرة أولويات الإدارة الحالية في سوريا.أوستن تايسعلى عكس الجمعيات والروابط المعنية بملف المفقودين والمعتقلين في سوريا، تمكنت والدة الصحافي الأميركي المفقود في سوريا، من مقابلة أحمد الشرع بعد ساعات من وصولها إلى العاصمة دمشق. اهتمام الشرع بوالدة المفقود تايس لا يشذ عن سياسة الحكام الجدد لسوريا: العلاقات الخارجية أولاً، والداخل السوري هو تحصيل الحاصل.
البحث عن أوستن تايس اتخذ مساراً جدياً لدى هيئة تحرير الشام منذ اليوم الأول لسقوط النظام، ولكن إضاعة الأرشيفات والتفريط بالمعلومات المجمعة في مراكز الاعتقال، وترك كبار الضباط دون ملاحقة جدية، واعدام آخرين دون تحقيقات ومحاكمات، واختفاء بعضهم في ظروف غامضة، أو في ما بات يعرف بحوادث فردية، كل ذلك إضافة إلى قلة خبرة أجهزة هيئة تحرير الشام وعدم كفاءتها، وقلة عناصرها، أدى إلى استحالة معرفة مصير تايس، ومعه مئات آلاف المعتقلين والمخفيين قسراً خلال مرحلة النظام السابق.الضياع والتخبط واللحاق بالإشاعة وعدم تجميع المعلومات والحقائق ضرب كل ملف المعتقلين والمخفيين قسراً، حتى باتت القيادة الجديدة تستخدم الشائعات بصفتها حقائق، كمثل التحدث عن المكبس البشري في سجن صيدنايا، مع كل التوضيحات التي أوردها معتقلون سابقون عن ماهية المكبس وعدم صحة الحديث عن استخدامه في كبس البشر.السلم الأهليإذا كان السلم الأهلي من أولويات الإدارة الجديدة، فلماذا التراخي والإهمال لملف المعتقلين؟تدرك القيادة الجديدة، كما كل من يصل إلى السلطة في ظروف مشابهة، بأن الحقيقة لا تكون إلا شاملة، وأن الحقيقة والمحاكمات المستقلة لن توفر طرفاً من دون غيره في مسار العدالة الإنتقالية، وأن ما مارسته في الماضي سيقفز إلى مقدمة المشهد في التحقيقات وتالياً المحاكمات، والتي يفترض أن تكون علنية.يكاد يمكن الجزم بأن طرفاً في سوريا لا يريد العدالة الإنتقالية ما عدا الضحايا، وهؤلاء، ومع عدم توفر آلية وهيئات ومسار واضح لإظهار الحقائق وإعلانها ومحاكمة المجرمين، سيلجأوون إلى الإنتقام للحصول على ما يعتقدون أنه حقهم الطبيعي. وبدل العدالة سيسود الإنتقام والحوادث الفردية، وبدل التعويضات ستكون السرقات والنهب، وبدل إعلان الحقائق وإيقاع العقوبات ستكون التوترات الطائفية والقتل المذهبي.ستكون حالة من الفوضى الأهلية التي ستواجهها الإدارة الجديدة بعمليات عسكرية، غير متوازنة وغير متكافئة، ولكنها لن تدفع هذه الإدارة إلى اظهار الحقائق وجمع المعلومات وإقامة المحاكمات. إذ إن المسار الجنائي والقضائي للعدالة الانتقالية سيعني حتماً إشهار ما قامت به هيئة تحرير الشام، وقبلها جبهة النصرة من تجاوزات واعتقالات واغتيالات وإعدامات. وسجل جبهة النصرة التي ترأسها أحمد الشرع نفسه يبدأ من ما قبل أول عملية إعدام علنية لأسرى من الجنود السوريين العام 2012، ولا ينتهي مع المزيد من الاعتقالات والاعدامات التي تحصل اليوم مع تحولها إلى إدارة جديدة.
فمن ذا الذي سيريد السلم الأهلي، الذي يدينه، كما يدين النظام السابق ويدين اغلب مجموعات الجيش السوري الحر؟ ويفتح باباً للبحث عن مصير كل المخطوفين والمعتقلين والذين خطفوا وتم بيعهم من جهة لأخرى قبل أن تختفي أثارهم نهائيا؟


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top