أثارت الأنباء عن تأسيس حزب سياسي سوري جديد، يحمل "بصمة" تركية، انقساماً في الأوساط السورية، بين مرحب بالحزب على اعتبار أن الدولة الجديدة بحاجة إلى أحزاب سياسية جديدة، وآخرون عبروا عن توجسهم من أن يكون تأسيس الحزب على أساس عرقي، لا سيما وأن الحزب بإشراف زعيم حزب "الحركة القومية" التركي دولت بهتشلي.حزب للتركمان؟
والحزب الجديد المسمى "الحياة الجديدة"، شُكل بتوصية من باهتشلي المعروف بقوته في التيار القومي التركي، ويحمل شعاره رمز "الهلال الأزرق"، شعار "التركمان"، إلى جانب غصن الزيتون، وثلاث نجوم حمراء، تحاكي العلم السوري الجديد، وفق مصادر تركية.
وتجمع بهتشلي علاقات "وطيدة" مع تركمان سوريا، حيث استقبل في مكتبه بالعاصمة التركية أنقرة، قائد لواء "السلطان مراد" فهيم عيسي (التركماني)، في العام 2023، وأهداه نص قصيدة للكاتب القومي التركي ضياء غوك ألب، الذي يعرف بـ"أبو القومية التركية".
ويبدو أن الهدف من الحزب هو تمثيل تركمان سوريا، وتمكينهم من المشاركة في إدارة سوريا الجديدة، وهو ما أكدته مصادر لـ"المدن"، مؤكدة أن "بهتشلي دائم الاهتمام بالمكون التركماني في سوريا".
وكشفت وسائل إعلام تركية عن جانب من وثائق تأسيس الحزب الجديد، مبينة أن الحزب ينظر إلى "التنوع على أنه ثراء، ويحتضن جميع الفئات". واعتبرت الصحافية التركية ناغيهان ألجي، في مقال نشرته صحيفة "خبر تورك"، أنه "يمكن القول إن تركيا هي المهندس الأساسي للحزب، الذي يسعى إلى احتضان جميع الأطياف، من العرب والأكراد والتركمان وغيرهم"، مضيفة أنه "إذا تبعت هذه الخطوة خطوات مماثلة من أحزاب أخرى، وإذا توسعت ساحة العمل السياسي، فإن سوريا قد تحقق تقدماً كبيراً في طريق الديمقراطية".
ويشير الكاتب والمحلل السياسي التركي عبد الله سليمان أوغلو، إلى "شح" المعلومات عن الحزب والجهة القائمة عليه. ويقول لـ"المدن": "توصية بهتشلي بتشكيل هذا الحزب، جاءت بعد انتقال سوريا إلى مرحلة جديدة، بمعنى انتهاء مرحلة العسكرة، وبدء مرحلة السياسة".
وعن الجدل حول "قومية الحزب"، يقول الكاتب: "بحسب ما كشف من أوراق الحزب التأسيسية، لم يُشِر بهتشلي إلى المكون التركماني السوري بشكل محدد، بل دعا إلى احترام حقوق المواطنة". ويضيف أنه "من الطبيعي أن تتشكل في سوريا الأحزاب، وهذا باعتقادي يدل على صحة الشعب السوري".انتقاد سوري
في المقابل، انتقد سوريون تشكيل حزب سوري بتوصية من سياسي أجنبي، وعبروا عن استغرابهم من اختيار صحيفة تركية للحديث عن تأسيس "حزب سوري".
ومنح سقوط نظام الأسد، وتولي الفصائل السورية المتحالفة مع أنقرة السلطة، تركيا قوة إضافية في سوريا، بحيث تحولت إلى أكبر الفاعلين في الملف السوري، وتجلى ذلك من خلال زيارات الوفود التركية المتكررة دمشق ما بعد سقوط الأسد.
والمؤكد أن الحزب الجديد سيكون بدعم تركي واضح، وليس من المستبعد أن يكون الغرض من تشكيله المشاركة في المرحلة الانتقالية، بعد تفويض الرئيس السوري أحمد الشرع بتشكيل مجلس تشريعي، عقب حل مجلس الشعب، وإلغاء الدستور.
وليس أدل على ذلك من استعجال بهتشلي بالدفع نحو تأسيس الحزب، حتى قبل صدور قانون الأحزاب السوري الجديد.