تستحضر التدوينات وشهادات الفيديو التي ينشرها ناشطون ومدونون في مواقع التواصل صوراً ولمحات لمدينة داريا التي تعرف بمدينة العنب والدم.
وتبرز تفاصيل من تاريخ المدينة التي واجه ثوارها الماكينة العسكرية للنظام السوري المخلوع بالورود وأغصان الزيتون وتعرضوا للرصاص المباشر في المظاهرات السلمية العام 2011، ثم للتجويع على مدار أربع سنوات من الحصار انتهت بالتهجير بعد إفراغ المدينة من ساكنيها، وقلبها إلى أكوام من الركام تسببت بها آلاف البراميل المتفجرة.
كيف كانت الحياة في داريا بريف دمشق في عهد الأسد؟ وكيف حالها اليوم؟#الجهبذ #سوريا #داريا #دمشق pic.twitter.com/SvzJ9BejYF
— AJ+ عربي (@ajplusarabi) January 18, 2025
وأقام سكان المدينة مؤخراً مظاهرة احتفالية بحضور لافت من منشدين وشخصيات ثورية، للتذكير برمزية المدينة، فكما تميزت مدينة كفرنبل مثلاً بلافتاتها الشهيرة جرى ربط داريا وأيقوناتها الثورية مثل غياث مطر ويحيى الشربجي بالسلمية في أبهى صورها، وبقدرة ثوارها على الخروج بأفكار ومبادئ مثل الحريات وحقوق الإنسان والعمل السياسي الجماعي، مشكلة نموذجاً لطالما شكل إزعاجاً للنظام وسرديته القائمة على أن من يواجهونه على الطرف الآخر هم إرهابيون متشددون، أو شخصيات مندسة تعمل لصالح الخارج.
أم من داريا فقدت 3 من أولادها شهداء، تحضر بدموعها وروحها لتحيي ذكرى شهداء داريا في تجمع لأهالي المدينة الحاجة أم عبدو تمثل الهيئة الدارانية بتعبها وفقدها وفرحها بصوتها ودموعها ولهجتها الدارانية الأصيلة ولباسها التقليدي pic.twitter.com/sZJteyepMj
— تمام أبو الخير (@RevTamam) January 19, 2025
ونشر مدونون صوراً تجمع بين الذاكرة والحاضر للمدينة تظهر الثوار السلميين وهم يهتفون ضد النظام السوري، بينما لم تخل مشاهد الاحتفالية التي جرت في المدينة بمناسبة النصر من الورود، وحازت تلك الصور على تفاعل كبير كونها تلخص فكرة الثورة من منظور اللاعنف وهي مدرسة حازت على جزء كبير من المشهد الثقافي والمجال العام في المدينة منذ بداية القرن الحالي على يد أحد أبرز الشخصيات الدينية والفكرية في داريا عبد الأكرم السقا، كما كانت الفكرة امتداداً لمدرسة جودت سعيد الذي زار داريا مراراً وتأثر قسم من أبنائها بأفكاره السياسية.وتعد مجزرة داريا التي جرت في 25 آب/أغسطس 2012 وقضى فيها قرابة 700 شخص، شاهدة على مستوى العنف الإجرامي للنظام السابق، وتداول مدونون تفاصيل حول المجزرة عشية النصر، خصوصاً مجزرة القبو الشهيرة التي قضى خلالها عشرات المدنيين من بضعة عائلات كانت مختبئة في قبو وسط المدينة وتمت تصفيتها بدم بارد حتى آخر فرد.كما لفتت مشاهد الدمار غير المسبوق أنظار زائري المدينة بعد النصر، الذين اعتبروا أن النهوض باالمدينة التي مازالت تحمل في طياتها روحاً قادرة على الحياة من جديد هي مسؤولية الجميع.وعلى مدار 14 عاماً من عمر الثورة، عاشت داريا محطات مفصلية من تاريخها الثوري، حيث كان المشهد السلمي لثورتها طويلاً استمر لسنتين أو أكثر بينما حملت المجموعات المسلحة التابعة لـ"الجيش الحر" حينها مبدأ حماية الثورة السلمية، وفي وقت لاحق تحررت المدينة على أيدي ثوارها الذين شكلوا "المجلس المحلي" و"لواء شهداء الإسلام" وحينها تم جمع وتحشيد أبرز القوى الثورية في هذين التجمعين اللذين أدارا المدينة حتى إخلائها صيف العام 2016.
داريا ٢٠١١ - داريا ٢٠٢٥ pic.twitter.com/hVaGayoFMS
— أسامة (@OsamaSHL) January 18, 2025
وشكلت استعادة النظام للمدينة نصراً خلبياً للأسد الذي عاقب أهلها بتعفيش كامل للبيوت والمحال وتسوية أحياء كاملة مثل حي الخليج المتاخم لمطار المزة والتأخر بالسماح بعودة جزئية للسكان، بينما أعطى النظام المخلوع للمخرجين في الدراما السورية، مثل مثل نجدة أنزور وسمير حسن، الحرية كي يعيثوا الفساد بعقارات المدينة التي تم استخدامها كـ"لوكيشن" لمشاهد سينمائية وتلفزيونية تروج لسردية النظام ولو على أنقاض السكان الأبرياء.وحينها تم تداول تصريحات وقحة للمخرج سمير حسن خلال تصويره مسلسل "فوضى" حيث أبهرته مشاهد الدمار في داريا خلال تقديمه مشاهد استعراضية تشكل تعبيراً عن الابتهاج بالنصر المزعوم.
هنا وقعت مجزرة القبو الشهيرة في داريا بتاريخ25-08-2012وثقت شهادة رجل فقد 23 من أهله وامرأة فقدت زوجها وابنها وزوج ابنتهاأخدو ابنها محمد كان عمره 12 عام وتوسلت بهم حتى تركوه،جمع الناس في هذه البناية الطابق الأول كانت للنساء والأطفال والقبو للرجالتم أعدامهم جميعا بعديد وصل 73… pic.twitter.com/ni5vjzmmkx
— Ahmed Saeed (@ahsaeedhd) January 3, 2025
وبينما ركز مخرجو النظام على إهانة داريا باستعمال منازلها المهدمة وصولاً إلى تدمير قسم من أبنيتها في مشاهد التصوير، تمكن أبناؤها من الظهور في إصدارات غربية، مثل الفيلم التسجيلي "داريا، مكتبة تحت القصف"، الصادر العام 2019، وكتاب الفرنسية دلفين مينوي "مهربو الكتب- مكتبة سرية في سوريا"، الصادر نهاية العام 2017، وكتاب المراسل البريطاني مايك تومسون، "مكتبة سوريا السرية: القراءة والخلاص في مدينة تحت الحصار"، الصادر العام 2019.وتعد مشاركة "حزب الله" في معارك داريا إلى جانب تشكيلات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة فصلاً آخر من تاريخ المدينة التي تحولت تحت ذريعة وجود مقام غير مؤكد للسيدة سكينة بنت الحسين إلى وسيلة للتحشيد الطائفي، وكان ضباط "حزب الله" يقاتلون إلى جانب النظام على مشارف المقام الذي تم تدمير معالمه بسبب المعارك الحامية.
داريا، مركز الحراك السلمي، المدينة التي كانت نابضة بالحياة، تقف اليوم شاهدة على دمار هائل خلفه النظام البائد. هذه المشاهد المؤلمة تذكرنا بحجم التحدي والعمل الذي ينتظرنا لإعادة البناء، وإعادة الأمل لأهلها الصامدين. مسؤوليتنا المشتركة هي النهوض بهذه المدينة التي لا تزال تحمل في… pic.twitter.com/bRt28LjoL4
— المنتدى السوري (@SyrianForum) January 10, 2025
حي الخليج بمدينة #داريا بريف #دمشق بعد تدميره ومسحه بالكامل من قبل النظام البائد، في محاولة لضم أراضيه إلى مطار #مزة العسكري.#سوريا pic.twitter.com/D0f6QMHRk9
— مكتب أخترين الإعلامي (@AkhtarinMedia) January 19, 2025