2025- 02 - 01   |   بحث في الموقع  
logo الصايغ: في لبنان إن اختلفنا نعطل الدستور وان اتفقنا نشوهه logo غسان ريفي لـ”روسيا اليوم”: نحن في بداية الأزمة والمؤشرات لا تبشر بالخير!.. logo هيئة قناة السويس: الاستقرار عاد إلى البحر الأحمر logo "صنع في إثيوبيا": ثلاث نساء وعولمة صينية logo ارتفاعات قاسية في أسعار الغاز في أوروبا logo الجيش: تفجير ذخائر غير منفجرة في جرد الطيبة – بعلبك logo حريق في منزل الأب مجدي علاوي logo قرار لمحافظ بيروت بتعديل التعرفة القصوى لمواقف السيارات
جنوب لبنان: إشكال العودة وإشكاليّة الوظيفة
2025-02-01 10:28:41


لم يلتزم العدو الإسرائيلي بتنفيذ انسحابه من القرى المحتلة، في الموعد المحدد، وأعطى لنفسه مهلة إضافية كي يستكمل تعميم خرابه على البلدات التي لم تعرف الهدم والتجريف قبل دخول قواته.
غضَّ "الدوليّ" الطرف عن العدو "الخائف"، فأبدى فهماً وتفهّماً لضروراته الأمنية، وأعطاه إشارة الموافقة على استكمال ما بدأه، من دون عوائق تعترضه، ومن دون تقييده باستثناء عملي ذي طابع يحفظ "حقوق الإنسان".
تحرّك أبناء البلدات والقرى، وواكبهم الجيش، فواجهوا العدو، وكان لهم بعض حصاد عزيز، وكان لهم فرح كثير، لم ينغّصه انتظار البلدات الأخرى التي مكث فيها الاحتلال.
تحرّك الجنوبيون، فتحرّكت التفسيرات، وعلا صوت الإسهاب في شرح الأسباب، وتوزع "القوم" على اصطفافاتهم المعهودة، فلم يغادر أي طيفٍ موقعه الأصلي، في حالة شرح دعمه الطارئ، للتحرك الشعبي، أو في حالة إعلان توجّسِه مما قد ينجم عن التحرك من نتائج ميدانية وسياسيّة.
سريعاً، وبعد ترحيب مدروس، وبعد نشوة انتصار استكمالية، لازم تحرك الجنوبيين ثنائيّ جديد قطباه: إشكال المناسبة، ومشكلة وإشكاليّة توظيفها. هكذا عاد السجال ليندلع بين خطاب المقاومة التي أعلنت ثبات المناسبة الراهن، على ثبات أصلها السابق، وبين خطاب المعارضة التي أعلنت ثباتها المتجدد، على أصل ثبات مخاوفها المقيمة.إشكال المناسبة:راوح التحرك الجنوبي بين إشكال فَهْمِه، وبين الانتقال إلى المنازعة حول حدود تنفيذه، وحول حيثيات خطواته العملية. الالتباس الذي غذّته المفاجأة، كان السائد لدى الطيف اللبناني المعارض للمقاومة، والمعترض على سياساتها. لكن ذلك لم يكن مناخ من اتخذ القرار، أي مناخ المقاومة، ولم يكن مناخ الرأي العام من اللبنانيين الذين أخذتهم دهشة الحدث، ثم استعادوا زمام وعيهم، فبادروا إلى الترحيب بالقول وبالتأييد وبالمساندة الميدانية، لمن استطاع مساندة.
لم يكن الحدثُ متوقّعاً، ولم يكن متوقعاً أيضاً قدوم لبنانيين من مناطق بعيدة، للمشاركة في الحدث "الوطني الكبير". لقد تكفَّلت التطورات المتسارعة ميدانيّاً، بتبديد الإشكال بما هو التباس على الفهم، فكان الدليل إلى الوضوح النجاح في دخول الأهالي إلى عددٍ من بلداتهم، وكان دخول الجيش اللبناني عامل ترسيخ وتعزيز ودعم لهذا الوضوح، وكان تراجع الجيش المحتل، آيةُ وضوح النجاح الشعبي المُبين.
عند هذا الحدّ، اكتمل جزء من المشهد الوطني الجامع، وفي إطار لوحة المشهد، اجتمع الالتفاف حول تعريف العدو بصفته العدو، وحول هدف العودة، بصفته تحريراً فرضته الإرادة الشعبية، وحول الجيش اللبناني بصفته سياج الفوز المتحقّق، والحاجز الحصين المستند إلى شرعيته الوطنية والدولية.
على هذا الصعيد، كان من شأن الدعوة إلى إسناد لبناني واسع، لحركة العودة الجنوبية، أن يحقق أمرين هامين، أولهما، إعطاء العودة طابع المشاركة الوطنية العامة، بحيث تطغى العمومية اللبنانية على الخصوصية الجنوبية، وثانيهما، تكريس دور الجيش اللبناني، وتسهيل انتشاره حتى الحدود الدولية. من زاوية النظر هذه، من المجدي قراءة التحرك الجنوبي على وجه استعادة الشرعية عمليّاً، واستعادة احتكار حمل السلاح، والدفاع عن مقومات الوطنية اللبنانية.
هكذا قراءة، تسهّل النفاذ إلى عالم مشكلة وإشكالية توظيف المسألة الوطنية الحدودية، في "عوالم" الإشكاليات الداخلية، الطائفية والمذهبية، التي ما زالت ريحها تصفر في ميادين البنية الكيانية.إشكالية الوظيفة:إلى حدّ لا تخفيه مجاملات طوائف الكيان، تحوّل إشكال التحرك إلى إشكالية، حصل التحوّل بعد أن أحاط كل طرف اللثام عن اللبس التي اعترى الأفهام للحظات سياسية وجيزة، ثم انتقل الجميع إلى حالة الانقسام حول مسألة لبنان الصراعية مع العدو الإسرائيلي، وحول السياسات المتعلقة بهذا الصراع.
فريق المقاومة سارع إلى استعادة زخم توظيف العودة بصفتها واحدة من بنات نضاله، لذلك كان على "البنت" أن تؤوب من حقل الأب إلى بيدر جناه.
حركة المقاومة التوظيفية، كانت دفاعية، في معرض سياسة هجومية تحاول أن تستعيد اتزانها بعد الزحزحة التي أصابت كيانها، لكنها، أي الحركة، تجاهلت واقع الساعة اللبنانية الراهنة، تجاهل العارف، لكن ذلك لم يسعفها في إعادة صياغة المعادلة القديمة صياغة جديدة، ما دامت الصياغة تُصَنّعُ في ذات المصنع، ومن ذات المواد، وبذات الأيدي التي كانت لها حِرْفَةُ الصناعة. ثمّ جديد تحرّك في الواقع اللبناني، لكن المقاومة لمّا تتحركّ معه، ولعلها ستكون مضطرّةً للتحرك ذات يوم سياسي آخر. هل يقع ذلك في باب التقصير في القراءة السياسية؟ لنا أن نقول ذلك. وهل يقتضي الأمر مراجعة سريعة، تفيد في إعادة تشكيل موقع المقاومة ضمن بيئتها المذهبية، وضمن مجموع البيئات اللبنانية؟ هو الأمر المجدي، وهو القرار المسؤول في الظرف اللبناني المعلوم.
واستطرادٌ لا بدّ منه، تستفيد المقاومة في نَفَسِها الهجومي من ثقل القضية الوطنية، قضية الصراع ضد العدو المحتل، لكنها اليوم لن تستطيع أن تأخذ كل ثقل القضية إلى ميزانها، لأنها مطالبة بأن تكون طرفاً في القرار، وليس كل "أطراف" القرار. هذه الخلاصة لها ممرّاتها ضمن أروقة "الدولة" اللبنانية، ولها اقتراحاتها ونقاشاتها وقراراتها الملزمة، ولها وسائلها التنفيذية التي تتحرك بقرار سياسي من قبل السلطة اللبنانية. هل من خلاف على ذلك؟ يجب ألا يكون أمر نقاش الصراع ضد إسرائيل موضع خلاف، ويجب فصل مسألة الصراع عن مسألة القتال، وعلى الدولة اللبنانية أن تكون هي مرجعية تحديد وسائل الصراع، وتحديد كيفية إدارة هذه الوسائل.
على الهامش، وفي متنه، على فريق المقاومة أن يبذل جهداً استثنائياً لدى جمهوره، لينقله من حالة "شيعة... شيعة"، إلى حالة "لبناني... لبناني"، وفي هذا المجال، يتحمل الرئيس نبيه برّي، وحركة أمل، مسؤولية خاصّة في استعادة لغة الإمام موسى الصدر التشاركية، والدولتية، والاندماجية، وعلى الفرقاء الآخرين، تسهيل عودة "حزب الله" إلى" بيته" اللبناني، من خلال قراءتهم لإشكاليته الوظيفية، قراءة أكثر انفتاحاً وأقل مراهنات.
في موازاة فريق المقاومة، ذهب فريق المعارضة إلى توظيف التحرك الجنوبي بما يستجيب لقراءته وبما ينسجم وتطلعاته. كما سلف، أثنى المعارضون على حركة الأهالي وعلى شجاعتهم وندّدوا بالعدوان الإسرائيلي... هذا كان في "فجر" السياسة المواكبة، لكن الكلام اختلف عند "ضحى" السياسة، وعند "ظهيرتها".
من الأخطاء التي وقع فيها فريق المعارضة، اللجوء إلى وصف التحرك بالاستعراض، ثم نسبته كاملاً إلى "حزب الله"، ثم التشكيك في أهدافه، خصوصاً لجهة علاقة المتحرّكين بالجيش اللبناني، ثم التحذير من استعادة حزب الله توازنه في الداخل السياسي، على رافعة الاندفاعة الشعبية. لو اعتمدنا ما يقوله بعض الماركسيين، عن التناقض الثانوي والتناقض الرئيسي لقلنا، إن معارضي المقاومة قد أضاعوا فرصة إطالة أمد الإقامة في موقع تقديم الرئيسي على الثانوي، لأن في ذلك فائدة سياسية وطنية عمومية.
ارتبك المشهد بعد أن ارتفعت وتيرة إعلان ثوابت حزب الله القديمة، وارتبك أكثر، بعد التجّوال المنظّم لفرق الدراجات النارية، فهؤلاء نفثوا في الفضاء سموماً مذهبية تقتضي محاسبة القائمين بها والمشرفين عليها. المحاسبة رسالة لخفض سقف الهواجس لدى أطراف لبنانية لا تحتاج إلى النفخ في نار هواجسها.خلاصة المشهد:استعادة حرفية خطاب المقاومة القديم، تجاوزته الحالة اللبنانية، وبات واحداً من علامات تأزمها.
استعادة حرفية خطاب المعارضة حول سلاح المقاومة، وضعف بنيتها، وارتباك بيئتها، قول مفارق تشهد عليه أحوال البنية اللبنانية. الموقفان يجتمعان في قفزة واحدة في الهواء، أما المطلوب، فهو عودة القافزين إلى الأرض، للوقوف على أقدامهم الثابتة فوق أرض ثابتة.
على الهامش، وعلى هامش الهامش، ما زالت القوى الطائفية سيدة تخاطبها، وما زالت التوازنات الهشّة أو الهجينة... تُصَنعُ في ما بينها، وما زالت الجسور رجراجة، وأحياناً زَلِقَة، لأنها من طين الطائفيات ومن حصاها... لذلك، ما زالت الضرورة تشير إلى أهمية بناء "قوّة" من خارج المنطق الطائفي، تخاطبه من موقعها، وتعتمد قاموسها، وتقف دون مطالبها ومصالح جمهورها وقفة وطنية جامعة...
حتى ذلك الحين، سينوء اللبنانيون بأحمال سياسات دهاقنة الطوائف، أولئك الذين سدّوا أمام اللبنانيين كل منافذ الإصلاح.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top