لا دخان أبيض حكومياً بشكل نهائي بعد. عقدة تمثيل الثنائي تمت فكفكتها بينما بقيت عقدة التمثيل المسيحي رهن الانتظار. بعدما استقبله ليل أمس بعيداً عن الإعلام، ينتظر رئيس الجمهورية جوزاف عون أن يعاود الرئيس المكلف نواف سلام زيارة بعبدا مجدداً، وفي حوزته تشكيلة حكومية متفق عليها. نقل سلام لعون نتائج اجتماعه مع الثنائي. بدت أجواء بعبدا أكثر تفاؤلاً "الأوضاع يلزمها بعض الشيء للنضوج".
ويعول كثيرون على زيارة مرتقبة للموفد السعودي، يزيد بن فرحان إلى لبنان مجدداً، مطلع الأسبوع، على سبيل إعطاء قوة دفع لتشكيل الحكومة. هذه الزيارة كانت مقررة هذا الأسبوع وتم التريث في تحديد توقيتها. وعلمت "المدن" أن بن فرحان آثر عدم التجاوب مع اتصالات عدد من المسؤولين لحثه على التدخل مع الرئيس المكلف. وعلى خط الحكومة علم أيضاً أن اتصالات من مسؤولين سعوديين جرت مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل تتعلق بتشكيل الحكومة.
وتلمس بعض القوى السياسية أجواء مشابهة لما رافق انتخابات رئاسة الجمهورية في التاسع من كانون الثاني الماضي، إذ سيكون لبنان على موعد مع تشكيل حكومة أمر واقع مفاجئة تلبي طموحات الخماسية السياسية. وينقل عن أحد المعنيين بالتشكيلة الحكومية قوله إن استمرار الوضع على حاله يدفع باتجاه تشكيل حكومة أمر واقع، ومن يعترض عليه بمجلس النواب، وفي نهاية المطاف فإن الجيش موجود.
ونقلت مصادر موثوقة أن السفارة الأميركية في بيروت لم تكن على علم بكل ما يثار نقلاً عن مسؤولين أميركيين حول منع تمثيل حزب الله في الحكومة. وقالت مصادر متابعة إن السفارة لم تتبلغ أجواء كهذه بعد. غير أن البعض يعتبر أن حقيقة أزمة التشكيل مردها إلى التحفظ الدولي والعربي على تمثيل حزب الله والحقائب المنوي تسلمها.زمن الدوحة مضىكانت أجواء الاجتماعات المتكررة بين سلام والثنائي تتأرجح ما بين السلبي والإيجابي. يصر الرئيس المكلف على اقتراح أسماء مغايرة لتلك التي اقترحها الثنائي لاعتبارات يتولى شرحها. وفي أحيان كثيرة كان يسود التوتر علاقة الطرفين. وعلمت "المدن" أن أحد أطراف الثنائي بات أقرب للتسليم بالتغيرات التي طرأت، وهو قال في مجلس خاص إن الزمن الأول قد تحول وربما لم يعد يوسعنا الاتفاق على تشكيل الحكومة والحصص والأسماء بالشكل الذي كان سائدا في الماضي ناعياً زمن اتفاق الدوحة.
تتلاحق الأزمات على مستوى تمثيل الأحزاب التي ترفض بالمطلق اخيتار سلام لأسماء تمثلها في الحكومة أو الوقوف على رأيهم بشأنها. وتقول مصادر حزبية مسيحية إن سلام يريد تقاسم الحكومة ورئيس الجمهورية ويتفقان على عدد من الأسماء لتوزيرها.الاتفاق مع الثنائيواستكمل يوم أمس الرئيس المكلف نواف سلام مشاوراته الحكومية، والتقى الثنائي الشيعي. البحث تناول مجدداً مسألتي الحقائب والأسماء لوجود تحفظ لسلام حول بعض الأسماء المقترحة والحقائب أيضاً. ويؤكد الثنائي على حسم المالية ليتولاها الوزير السابق ياسين جابر. وفي مجالسه يؤكد بري على أن الحكومة ستعلن الأسبوع المقبل وسيكون ياسين جابر وزيراً للمالية..
وعلمت "المدن" أن البحث بين الرئيس المكلف والثنائي انتهى إلى الاتفاق على حصة من خمس حقائب هي المالية (ياسين جابر)، الصحة (ركان ناصر الدين)، العمل (أمين الساحلي)، والصناعة المتأرجحة ما بين ناصيف سقلاوي أو تمارا الزين، أما الحقيبة الخامسة فستكون البيئة أو التنمية الإدارية. رفض الرئيس المكلف تسمية علاء حمية ووافق الثنائي، على أن تسمى لتوليها شخصية شيعية يختارها رئيس الجمهورية بالتشاور مع الرئيس المكلف. وعلم أن سلام رفض ترشيح علاء حمية المحسوب على حزب الله لتولي حقيبة البيئة، لما لذلك من أثر سلبي على الحكومة خشية أن يشكل وجوده حجة دولية على خلفية أنشطة حزب الله في جمعية أخضر بلا حدود التي اتهمتها إسرائيل بعمليات تشجير على الحدود، لإستحداث نقاط مراقبة على طول الحدود. ويسجل للثنائي تراجعه عن التمسك بتسمية كل المرشحين والقبول بمشاركة تسمية وزير شيعي من قبل الرئيسين تماشياً مع الواقع.يبدو أن عقبة التمثيل للشيعة انتهت، لكن بقي التمثيل المسيحي معلقاً لعدم امكانية تمثيل الكل مع احتساب حصة لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة المكلف. بينما أنهى سلام مشكلة التمثيل السني، فكانت الغلبة في التسميات له بالتشاور مع الرئيس عون الذي احتفظ لنفسه باختيار المرشحين لحقائب الداخلية والدفاع والخارجية.السنة: للرئيس المكلف حصتهللسنة خمس حقائب وزارية هي الى جانب رئاسة الحكومة، حقائب حسم منها، التربية (ريما كرامي)، الداخلية (أحمد الحجار) وهو من حصة رئيس الجمهورية، حنين السيد وعمر البساط (قد يصار إلى استبداله بإسم آخر). اللقاء بين سلام والنائب فيصل كرامي لم يكن إيجابياً ولا سلبياً ولم يحمل جديداً على مستوى التمثيل والحقائب.
الخارجية تطالب القوات باحتسابها من ضمن حصتها، ولكنها محسومة من حصة رئيس الجمهورية ويحتفظ بالتسمية لنفسه. البحث مع القوات لم ينته إلى اتفاق بعد. بحديثه عن تمثيل الحزبيين، نقل رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع رسائل بالجملة إلى نواف سلام. العلاقة بينهما غير ثابتة وعلى توافق قريب. ونقل إبلاغ القوات لسلام ما مفاده أنه في "حال لبيت مطالب الثنائي فشكل الحكومة معهم وسلّم على حسان دياب بطريقك".
بين ليلة وأخرى وجلسة مشاورات وأخرى، تتبدل الحقائب وأحياناً كثيرة الأسماء المرشحة. ومن الأسماء المقترحة حتى الساعة: بول سالم للثقافة، وطارق متري نائباً لرئاسة الحكومة. وزارات الإعلام مرشحة لتوليها شخصية مسيحية يسميها رئيس الجمهورية، كذلك لم تحسم الأسماء لحقيبتي السياحة والشباب والرياضة.
مشكلة جديدة استجدت يوم أمس في ضوء ما تردد عن تبديل اقترحه الرئيس المكلف بأن يكون للإشتراكي حقيبة واحدة بدل حقيبتين، فأبلغه النائب وائل أبو فاعور أن أي تغيير يعني الانسحاب من المشاركة في الحكومة. كما رفض رئيس المردة تسمية شخصية لحقيبة وزارية من الوزارات العادية.
عقبات بالجملة ليس معلوماً كيف سيتصرف الرئيس المكلف حيالها، وهو المستاء من تسريبات من يلتقيهم، وفي أحيان كثيرة يبادر من يلتقيهم للمعاتبة على بعض التسريبات التي تؤخر عليه إعلان حكومته.
لسلام تشكيلته وأسماء يقترحها، وللأحزاب مرشحوها. الأول لا يريد أسماء حزبية، ويتجه لحكومة أكاديميين مشهود لهم بكفاءاتهم في الجامعة الأميركية، والأفضل أن يكونوا من حملة الجنسيات الأميركية لتسهيل مهمة الحكومة. المشكلة في مقاربته المختلفة كلياً عن مقاربة رؤساء الأحزاب للحكومة. مقاربتان مختلفتان ليس معلوماً كيف ستلتقيان على طاولة حكومة واحدة.