توفي رئيس تحرير مجلة "البلاغ"، الصحافي غسان موسى الزين شرارة، التي كانت مدعومة من الجزائر وصدرت على مدى سنوات ما قبل الحرب، وشكلت محوراً استقطابياً لتوجهات ثورية عربية عديدة (الجزائر - فلسطين - لبنان - المغرب - مصر إلخ ) في صيغة إعلامية...
كتب الناشر والصحافي الراحل طلال سلمان: "ما زالت تجربة مجلة "البلاغ"، التي كان صدورها حدثاً صحافياً مهماً في بيروت في العام 1972، تحتل مكانها في ذاكرتي مع أنها لم تعمّر أكثر من أربع سنوات، ثم أغلقها من أطلقها، غسان شرارة، وهي في شرخ شبابها. وحيث ذهب غسان كانت تطارده الأسئلة: لماذا أوقفتها وتخليت عن مشروع ناجح فكان يجيب بصمته العميق، فإن ألحّ عليه "الفضوليون" كان يترك الكلام لشقيقه عدنان الذي يندفع إلى تلخيص الموقف ببضعة أبيات من شعر أبيه موسى الزين شرارة".
غسان شرارة، كما كتب عنه، عرفته مدينة صيدا تلميذاً في مدارسها في أوائل خمسينات العقد الماضي، جنباً إلى جنب مع النقابي حسيب عبد الجواد والباحث مصطفى دندشلي، وعرفه حزب البعث في لبنان واحداً من أوائل المنتمين إليه، وعرفته القاهرة طالباً استطاع أن يتحول إلى قائد طلابي يترأس رابطة الطلبة العرب في مصر التي كانت تقود الحركة الطالبية العربية في زمن المد القومي العربي في أواخر خمسينيات القرن الماضي، لا سيّما في دعم الوحدة بين مصر وسوريا العام 1958، وثورة الجزائر (1954 – 1962)، وإسقاط حلف بغداد ومشروع إيزنهاور، حسبما ورد في المذكرات غير المنشورة للعروبي البحريني الكبير حسين قاسم. وشرارة، كما يكتب صديقه معن بشور، "عرفته الصحافة صاحباً لمجلة البلاغ التي ولدت عشية الحرب اللعينة في لبنان العام 1974، وتوقفت عن الصدور مع تصاعد أعمال العنف في بيروت العام 1975". واضاف: "منذ ذلك الحين ابتعد غسان شرارة عن عمله السياسي والصحافي واختار انكفاءً طوعياً عبّر عن شعوره بالحال المأسوية التي تمر بها أمته وعن الضياع الذي أصاب العديد من طلائعها وكان يرفض المشاركة في أي ندوة أو مؤتمر وعضوية أي هيئة، بل يرفض أي تكريم لشخصه". وبعدما أصبح شرارة بعثياً سابقاً وحاول أكثر من صحافي التواصل معه، رفض وآثر الصمت. وشرارة من مؤسسي الفكر القومي في جنوب لبنان. يكتب حازم صاغية أنه في وقت يرقى إلى 1952، دعا بعثيو (الجامعة) الأميركية إلى "مهرجان جماهيري" بمناسبة "عيد الشهداء" في السادس من أيار (مايو)، على أن يقام في مدرسة المقاصد الإسلامية في صيدا تحت عنوان "شهداء العرب". هناك رُفعت شعارات الحزب الوليد وكان الخطباء هم طلاب الجامعة الأميركية البعثيون إياهم". ويتابع صاغية: "لكن لولب "البعث" في "المقاصد"، كان الصحافي والمحامي اللاحق غسان شرارة، من بنت جبيل. وبعثية الأخير، المولود في 1933، جاءت ثمرة البيت أيضاً. فوالده الشاعر موسى الزين شرارة الذي عُرف بقصائده المنددة بعهود الاستقلال، كان يرعى في منزله حلقات ذات طابع أدبي وسياسي ينسجم مع توجهاته العروبية. هكذا مال غسان إلى الرسالة العفلقية، ومثله فعل ابن عمه طلال، المحامي ورجل الأعمال اللاحق، ومعهما آخرون من الأقارب، حتى عُد البعث، في بنت جبيل، حزب آل شرارة".