بلغت حصيلة العملية العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في جنين منذ نحو 10 أيام، وفي طولكرم لليوم الرابع، بالترافق مع الاغتيالات من الجو في بلدة طمون بطوباس، أكثر من 27 شهيداً، وعشرات المعتقلين، عدا عن تدمير وتفجير عشرات المنازل.لا سقف زمني.. أو جغرافيوتبدو العملية الإسرائيلية المسماة "السور الحديدي" بلا جدول زمني، ولا نطاق جغرافي محدد، حيث يقول جيش الاحتلال إن عمليته مستمرة في جنين حتى تحقيق كامل أهدافها، وتفكيك "كتيبة جنين"، بينما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن العملية العسكرية ستمتد أيضاً خلال الفترة القادمة إلى مناطق جديدة بالضفة لم يسبق لها أن شهدت نشاطاً عسكرياً إسرائيلياً لافتاً.. وهو أمر يثير علامات استفهام بشأن المناطق المنوي استهدافها بالأيام القادمة، وغايات العملية المستترة والمعلنة.وجاء اقتحام وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس لمخيم جنين الأربعاء، ليبعث برسائل ترهيب للفلسطينيين، بقوله إن الجيش يعكف على إقامة نقاط عسكرية "دائمة" داخل المخيم حتى التأكد من عدم عودة "الإرهاب" إليه.عملية جنين "بطيئة"!لكنّ مصدراً من مخيم جنين أكد لـ"المدن" أنه بالرغم من مرور 10 أيام على إطلاق عملية الاحتلال العسكرية، إلا أنه لا توجد علامات واضحة لغايات العملية ونهاياتها، موضحاً أن القوات الإسرائيلية تتعمد تنفيذ العملية العسكرية بشكل "بطيئ جداً"، خاصة أنها تتركز حالياً على مساحة صغيرة من المخيم، ويُلاحظ أن العملية تسير بنفس الوتيرة منذ يومها الأول وحتى الآن.ووفق المصدر، فإن قوات الاحتلال تنفذ عمليات تجريف في محيط مخيم جنين بدءاً من جهته العليا، وتسير نزولاً، لكنها لم تدخل إلى عمقه حتى اللحظة. وتدل طريقة التجريف ونسف المنازل التي شملت قرابة 60 منزلاً في المخيم، بأن الاحتلال لا يتبع معياراً أمنياً وعسكرياً، بقدر أنه يسعى من خلال التجريف والتدمير إلى إعادة هيكلة شوارع المخيم وأزقته، وذلك عبر توسعتها بهدف التسهيل اللوجستي للاقتحامات الإسرائيلية. وقد أسفرت عملية جنين منذ بدئها، عن أكثر من 17 شهيداً، واعتقال ما يزيد عن 40 فلسطينياً، إضافة إلى إحداث دمار كبير في المنازل والبنى التحتية.بعض الكمائن.. لا اشتباكاتوقالت مصادر "المدن" من داخل جنين، إنه لا توجد اشتباكات في هذه العملية الإسرائيلية، وإنما تفجيرات، وبعض الكمائن من قبل المقاومة بين الفينة والأخرى، كان أحدثها كمين استهدف جنوداً إسرائيليين في المخيم بتفجير عبوات ناسفة، أدى إلى مقتل وجرح عدد منهم، وفق ما أعلنته "كتيبة جنين".في حين، نقل مراسلون عسكريون عن قادة بالجيش الإسرائيلي تقديرهم بأن عدد المطلوبين في جنين ومخيمها وبلداتها يتجاوز 150 فلسطينياً، وهو رقم يؤكد بحد ذاته أن حجم عملية "السور الحديدي" أكبر من هدفها المعلن، وأن أهدافها السياسية تفوق تلك العسكرية المزعومة.. فهل يستدعي هذا الرقم من المطلوبين كل هذا الحشد العسكري من قبل الاحتلال؟وفي طولكرم ومخيمها لم يختلف الحال كثيراً عن جنين، حيث أسفرت العملية الإسرائيلية المستمرة منذ أيام، عن شهداء وجرحى ومعتقلين، وسط مداهمات وتفتيش للمنازل والمباني السكنية والتجارية، وتجريف للممتلكات والبنية التحتية.ما علاقة عملية الضفة بتبادل الأسرى؟وبينما تطغى الضبابية على عملية الاحتلال "السور الواقي"، قدرت مصادر فلسطينية ل"المدن" أن جنين وعموم الضفة الغربية تبدو أنها ستبقى في هذه الحالة طيلة عمليات تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، خاصة أن الاحتلال بدأ عمليته العسكرية في جنين، وشدد الخناق على جميع مناطق الضفة، بمجرد انطلاق أول عملية تبادل للأسرى.في حين، زعمت وسائل إعلام عبرية أن العملية جاءت مع ورود إشارات من حركتي "حماس" و"الجهاد"، بأنها تريد إشعال الضفة الغربية، وأن الجيش الإسرائيلي رد على ذلك بشن عملية عسكرية "استباقية" في جنين وباقي مناطق الضفة، قبل الوصول إلى لحظة "فقدان السيطرة"."حسم الضفة"بدوره، قال المختص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد لـ"المدن"، إن موضوع الضفة الغربية مرتبط بجوهر مشروع وبرنامج الحكومة الإسرائيلية، الذي تم تبنيه بالإجماع منذ أكثر من سنتين، ويقضي بالذهاب باتجاه حسم أمر الضفة، وإنهاء سياسة "إدارة الصراع" التي انتهجتها إسرائيل على مدار سنوات طويلة.وبحسب شديد، يقوم مشروع حكومة اليمين على تفكيك "الكيانية" الفلسطينية، من خلال ضم ثلثي الضفة، وحشر وجود الفلسطينيين في البلدات والمدن الفلسطينية المكتظة. وإلى جانب ذلك، تسعى حكومة اليمين من خلال العملية العسكرية الجديدة إلى إضعاف المقاومة، وتوجيه ضربة سياسية للسلطة الفلسطينية، بما يؤدي إلى إنهاك الحالة الفلسطينية، باعتبار ذلك مدخلا لإنهاء أي إمكانية للحل السياسي، وتكريس "الحسم" اليميني الإسرائيلي.ويبدو أن إسرائيل تحاول تكريس وقائع جديدة في الضفة، ليس فقط من خلال العمليات العسكرية والأنشطة الاستيطانية، بل أيضاً من خلال الكنيست الذي صدق أخيراً قانوناً يتيح الإمكانية لتملك اليهود لأراضِ بالضفة. واللافت هنا، ليس فقط مضمون "القانون" الإسرائيلي، بل أيضاً باعتبار إصدار الكنيست للقرارات والقوانين المتعلقة بالضفة، يؤشر إلى تعامل إسرائيل مع الضفة، وبشكل علني، كأنها "تل أبيب" ومثلها مثل أي منطقة داخل أراضي 48.مع العلم، أنه درجت العادة أن "الإدارة المدنية" التابعة للجيش الإسرائيلي هي التي تصدر التعليمات والقرارات العسكرية الخاصة بالضفة الغربية، لكن دخول الكنيست على الخط، وإصدار قانون لتملك اليهود في الضفة، يؤكد إصرار اليمين الحاكم في الدولة العبرية على حسم السيطرة التامة على الضفة، وبشكل عملي.