تخرج من الجامعة اللبنانية الفرنسية في هندسة الميكانيك، لكن الأمر انتهى به كعامل في متجر لبيع الورود. والسبب أن شهادته، التي لم يتمكن من الحصول عليها، كانت مزورة. هذه هي حال الطالب نور حفوظة الذي يتصارع مع الجامعة منذ العام 2018 للحصول على إذن بمزاولة الهندسة. زملاؤه تخرجوا قبل انكشاف فضائح الجامعة ونالوا إذن المزاولة، بينما بقي هو بلا شهادة بعدما تبين أن شهادته مزورة. وحيال المماطلة في عدم إصلاح إدارة الجامعة الخطأ الذي ارتكبته، تقدم بدعوى لدى النيابة العامة، ولا يزال ينتظر القضاء لإحقاق الحق، منذ أربع سنوات.
محاولة لملمة الفضيحةبعد انفضاح أمر الجامعة بتقديم مستندات مزورة إلى لجنة مزاولة الهندسة في وزارة التربية، كان يفترض أن يصار إلى إقفال الجامعة وسحب الترخيص منها، لولا أن جرت محاولات للملمة الفضيحة من خلال توسط أحد الموظفين في وزارة التربية يدعى غ. م. وقد باءت المحاولة بالفشل.وفي التفاصيل، تخرج حفوظة في العام 2018 باختصاص هندسة الميكانيك والطاقة البديلة. مساره الأكاديمي كان دراسة ليسانس ثم ماستر واحد وأثنين. عندما تقدم بطلب الحصول على إذن مزاولة المهنة، رُفض طلبه لأنه لم ينجز كل الفصول التي تبيح له الحصول على شهادة هندسة تخوله الدخول إلى النقابة. بل كان بحاجة لفصل دراسي إضافي. الجامعة ببساطة عادت وصدّرت له إفادة ثانية في 2019 قدمها إلى وزارة التربية. لكن تبين وجود عملية تزوير، نظراً لاختلاف التواريخ والعلامات والفصول بين الطلب الأول والثاني. فرفض ملفه. هنا توسط غ. م. بين الجامعة ولجنة مزاولة الهندسة لمحاولة سحب الطلب الأول وعدم رفع الملف إلى مجلس التعليم العالي. لكن المحاولة فشلت.خدمات انتخابية وأكثروغ.م. متعاقد في التعليم المهني في المشروع المشترك منذ سنوات عدة. وبعد تعيينه مديراً عاماً لوزارة التربية نقله فادي يرق إلى مكتبه على سبيل تقديم خدمات لأهالي المنطقة يمكن ترجمتها كأصوات في الانتخابات النيابية. لكن أمر غ. م. لم يقتصر على تسريع معاملة من هنا أو هناك، وتسهيل إجراء معاملات لأبناء زغرتا والجوار. بل توسع في خدماته ليغطي على فضائح وتزوير هذه الجامعة. وربما غيرها، ومن يعلم؟وبمعزل عن أن بقاء غ. م. لسنوات في مكتب المدير العام للتربية يعد فضيحة بحد ذاته، يصعب على الوزارة تبريره إن لجهة مكان توقيعه على الدوام، وإذا كان في الخالدية في زغرتا مكان تعاقده أم في الوزارة، أو كيفية يتقاضيه لراتبه، إلا أن طبيعة تدخله في هذه الملفات الحساسة أمر خطير.التزوير هذه المرة كان كبيراً، ولم يتمكن غ. م. من لململة الفضيحة. وقد طالت الدعوى التي تقدم بها حفوظة، ليس الجامعة فحسب، بل هذا المتعاقد أيضاً لدوره الملتبس. لكن السؤال الأساسي الذي يطرح هو: لماذا حاول هذا المتعاقد لملمة فضيحة الجامعة؟ هل لدوافع شخصية، أم لحماية أشخاصاً نافذين قد تطالهم الفضيحة؟ ومرد هذه الأسئلة هو كيفية تصرف وزارة التربية بهذه القضية ومحاولة حماية الموظف. فقد تبين أن قاضي التحقيق في القضية طلب من وزير التربية عباس الحلبي اذن ملاحقة، لكن ثمة مماطلة لأسباب مجهولة. فهل تطال هذه الفضيحة أشخاصاً نافذين داخل وخارج الوزارة؟التسوية وفضيحة التلاعب بالتقييمتاريخ السمعة السيئة لهذه الجامعة والموثق بالمستندات الصادرة عن وزارة التربية يعود للعام 2018 (اطلعت عليها "المدن"). حينها صدر عن اتحاد المهندسين العرب تقييماً سلبياً عن عملها. ولاحقاً صدرت توصيات من لجنة مزاولة مهنة الهندسة بتعليق إعطاء الإذن لخريجيها. وصدرت عن اللجنة الفنية في مجلس التعليم العالي توصية بسحب الترخيص من الجامعة. ثم صدر تقرير بتاريخ 13 تشرين الأول العام 2020 عن لجنة مزاولة المهنة بعد دراسة ملفات الطلاب أظهر أن نسبة المخالفات في تخريج الطلاب لم تتغير وأن 90 بالمئة من خرجيها متعثرون في دراسة الهندسة. وعليه اتخذ قرار بتعليق إعطاء إذن مزاولة المهنة للخريجين. لكن التدخلات السياسية، وتحت حجة تسوية أوضاع الطلاب وأن لا ذنب لهم بما ارتكبته الجامعة، أفضت إلى اتفاق وتسوية لإعادة تقييم الطلاب من خلال لجنة مختصة يشارك فيها أساتذة من الجامعة اللبنانية.ومرة جديدة يتبين أن تلاعباً حصل في التقييم. وما زالت قضية الجامعة تتناسل. فقد شكل وزير التربية لجان هندسة لإجراء مقابلات مع الطلاب. وخضع بعضهم لهذا التقييم ومنح المستوفون للشروط الأكاديمية إذن المزاولة. وقد صدرت بالموازاة توصية عن مجلس التعليم العالي في العام 2023 بمنع الجامعة من استقبال طلاب جدد بفرع الهندسة. لكن حتى هذه التسوية مع الجامعة لم تكن بمنأى عن الفضائح. فقد تبين من خلال مراجعة التقييم الذي أجرته لجان الهندسة أن ثمة تلاعباً بالمعايير. فقد جرى التوافق على أن تتألف اللجنة من ثلاثة مهندسين بينهم أستاذ من الجامعة اللبنانية. لكن جرى التقييم من خلال أستاذ واحد. وهذا ما دفع إلى رفض نتائج التقييم، وتم سحب إذن المزاولة من بعض الطلاب أيضاً. وحالياً سيعاد تقييم الطلاب في الأيام المقبلة. لكن ثمة رفض منهم للخضوع للتقييم.