لم يكد يسري تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار في قطاع غزة وبدء عودة الأهالي الى منازلهم ودخول المساعدات الإنسانية، حتى اخرج بنيامين نتنياهو من جعبته قراراً قضى بوقف اعمال وخدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في مدينة القدس واخلاء مكاتبها، اعتباراً من يوم غد الجمعة.
قرار نتنياهو هذا يعود الى قانونين كان قد صادق عليهما الكنيست الإسرائيلي نهاية شهر تشرين الأول الماضي، حيث نص الاول على حظر نشاط الوكالة داخل المناطق الخاضعة للسيادة الإسرائيلية، في حين يحظر القانون الثاني أي اتصال مع هذه الوكالة الدولية. ويأتي ذلك بعد سلسلة اتهامات شنتها حكومة نتنياهو على الوكالة متهمة بعض موظفيها بأنهم يعملون لصالح حركة حماس، زاعمة ان بعضهم قد شارك في هجمات السابع من تشرين الاول ٢٠٢٣.
وفي حين اشار الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتييريش الى انه يتعين على اسرائيل ضمان استمرار الخدمات التي تقدمها الوكالة في حال وقف أنشطة الأونروا في الأراضي الفلسطينية، اكد المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني ان قطع العلاقة بين الوكالة واسرائيل لن يمنعها من تشغيل المنشآت الصحية. وقال: “سنواصل عملنا حتى آخر لحظة”.
تجدر الاشارة الى ان الازمة هذه التي تواجه الوكالة ليست الاولى، فهي كانت قد عانت من ازمات التمويل منذ العام ٢٠١٦، تاريخ وصول دونالد ترامب الى البيت الابيض للمرة الاولى، وصولاً الى العام الماضي حين اعلن البيت الابيض تعليق دعم الاونروا ابان حرب طوفان الاقصى.
الى ذلك، يعدّ القرار الاسرائيلي بحظر عمل الاونروا، انتهاكاً للمواثيق والتعهدات التي تنظم العمل مع منظمات الامم المتحدة التي كانت قد وقعت عليها. ناهيك عن خرقها للاتفاقية التي سبق ووقعتها مع الوكالة منذ سنة ١٩٦٧ والتي تنص على حماية الوكالة وتسهيل عملياتها.
ووفق ما يؤكد خبراء القانون الدولي فإن اصدار القانونين سابقة خطيرة وتعدٍّ على الأمم المتحدة ووكالاتها وميثاقها، وانتهاك لقرار تأسيس الأونروا رقم 302.
وبحسب المعطيات، فإن حظر عمل الوكالة سيوقف عملياتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.
الامر الذي سينعكس حرماناً لاكثر من ٤٧ الف طفل فلسطيني من التعليم، واكثر من نصف مليون فلسطيني من الخدمات الطبية والصحية.
اذاً، هي محاولة اسرائيلية مدعومة اميركية لقطع شريان الحياة عن الفلسطينيين، علها بذلك تنجح محاولة تهجيرهم الى الدول المجاورة وبناء مستوطنات جديدة تنفيذاً للمخطط التوسعي الاسرائيلي.
وامام المشهد القاتم الذي ينتظر وكالة الاونروا ومن خلفها كل المستفيدين من خدماتها يبقى الرهان على صحوة ضمير دولية تضع حداً للاجرام الاسرائيلي المتفلت وتعيد للفلسطينيين بعض حقوقهم المسلوبة.
موقع سفير الشمال الإلكتروني