بعد انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتكليف نواف سلام تشكيل حكومة جديدة، انقلب المشهد في لبنان. وقد أتى ذلك في أعقاب الحرب الإسرائيلية على لبنان واتفاق وقف إطلاق النار الذي تخلفت إسرائيل عن الالتزام بكافة بنوده، فأبقت على احتلالها لقرى وبلدات جنوبية. ثلاث خطوات مرت لم ترق لحزب الله وإن تجاوزها على مضض: اتفاق وقف النار، انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية وتكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة.
بتعاطيه السياسي، ومن خلال مواكب العودة للجنوب لطرد إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة، عدل حزب الله وضعيته. أعاد تعويم معنويات جمهوره، عبّر بطريقته عن موقفه من الحكومة، وقد قالها أمينه العام نعيم قاسم بصريح العبارة بما معناه أن الحزب تجاوز فترة التكليف ليؤكد على حسن العلاقة مع الرئيس المكلف. لكن القصة لم تنته فصولاً بعد. تمثيل حزب الله في الحكومة والذي يصر عليه الحزب اليوم أكثر من أي وقت مضى، دونه تحفظات محلية وخارجية. وتبدو الخطوة محرجة للرئيس المكلف من ناحية الدعم الدولي المطلوب للوزارات في الحكومة، والتي يمكن أن يؤثر عليها تمثيل محازب.الضغوط الدوليةتأخر الانسحاب الإسرائيلي والدرون الإسرائيلي والذي لم يغب عن أجواء لبنان رسالة تحاكي تشكيل الحكومة. وتكشف الوقائع عن وجود ضغط دولي لمنع وجود حزب الله في الحكومة. وعلى هذا المستوى وجه عضوا الكونغرس من أصل لبناني، دارين لحود وداريل عيسى، رسالة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب تطلب دعم الإدارة الأميركية الجديدة للرئيس اللبناني جوزاف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام وعدم السماح "لأي أعضاء من حزب الله، أو وكلائهم السياسيين، بتولي مناصب في الحكومة الجديدة". واعتبارهما أن مشاركته ستؤدي "إلى تقويض السيادة اللبنانية تحت قيادة رئيس مستقل".
وانطلاقاً من تمثيلهما "مجتمعات نشطة وفاعلة من الجالية اللبنانية في دوائرنا الانتخابية، ونفخر بتراثنا اللبناني الأميركي في الكونغرس"، قادا "جهودًا لدعم الاستقرار في لبنان كشريك للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتمويل القوات المسلحة اللبنانية بمسؤولية، والقضاء على السرطان المتمثل في نفوذ حزب الله وإيران في لبنان".لا لحزب اللهتقول الرسالة: "في الأسابيع الأخيرة، شهد لبنان تغييرات جذرية على مدى أجيال. فقد توصل حزب الله وإسرائيل إلى وقف لإطلاق النار، وانتخب لبنان رئيسًا جديدًا وعيّن رئيس وزراء جديدًا، منهياً بذلك فراغًا سياسيًا استمر لأكثر من عامين".
وتابعت "سيحقق الرئيس جوزاف عون الاستقرار للبنان بدعم وثقة الولايات المتحدة وشركائنا الدوليين. وقد شجعنا خطابه الافتتاحي، الذي شدد فيه على أهمية بناء دولة قائمة على سيادة القانون، خالية من الفساد والمحسوبية الطائفية". واعتبرت أن لبنان "ظل لفترة طويلة رهينة لطبقة سياسية فاسدة، سمحت بتدمير اقتصاده ونظامه المصرفي، وتسببت في أزمة إنسانية وأزمة لاجئين، وفتحت الباب أمام النفوذ الخبيث لحزب الله وإيران. يجب على الحكومة اللبنانية الجديدة الآن أن تتقدم بقوة، وتلتزم بمبادئ الديمقراطية، وتواصل كسب ثقة المجتمع الدولي ودعمه تحت قيادة الولايات المتحدة".
وشددت الرسالة على وجوب "ألا تسمح الحكومة اللبنانية الجديدة لأي أعضاء من حزب الله، أو وكلائهم السياسيين، بتولي مناصب في الحكومة الجديدة. لتعزيز زخم انتخاب الرئيس عون، واختيار نواف سلام رئيسًا للوزراء، لا يمكن لحزب الله أن يكون جزءًا من الحكومة، حيث سيؤدي ذلك إلى تقويض السيادة اللبنانية تحت قيادة رئيس مستقل". بالمقابل اعتبرت "ينبغي على الحكومة اللبنانية العمل على تحقيق توازن في التمثيل داخل جميع الوكالات الحكومية، بحيث لا يكون النفوذ السياسي للأحزاب المتحكمة هو المعيار، بل التركيز على أولئك الذين يرغبون في خدمة احتياجات الشعب اللبناني". وطالبت بإيجاد "حل سلمي طويل الأمد للحدود بين إسرائيل ولبنان قيد البحث"، ودعم الجهود الرامية "إلى تحقيق استقرار دائم، بما في ذلك الامتثال لقرارات الأمم المتحدة القائمة، أو البحث عن مسارات أخرى للتفاوض".
وفي رأي لحود وعيسى فإن "التغييرات الإيجابية في الحكومة ستفيد ليس فقط الشعب اللبناني، ولكن أيضًا ستعزز نفوذ الديمقراطية في المنطقة".
ولا تخفي الرسالة التي أرسلت نسخاً عنها إلى كل من وزير الخارجية، والمبعوث الخاص للشرق الأوسط، وإلى مستشار الشرق الأوسط للرئيس الأميركي مسعد بولس، وجود اتجاه لمزيد من الضغط لمنع تمثيل حزب الله في الحكومة. وتوجه كهذا قد تصغي إليه الإدارة الأميركية الجديدة، بما يشكل مزيداً من الضغط على الرئيس المكلف والعهد معاً، وتكون له انعكاساته على التأليف وعلى الانسحاب الإسرائيلي وتنفيذ اتفاق وقف النار معاً.