تصدّرت عودة الجنوبيين الى قراهم رغم التهديدات الإسرائيلية واستمرار العدوان عليهم، المشهد السياسي في اليومين الماضيين، في رسالة واضحة الى العالم بأكمله بأن الأرض لأصحابها وتأكيدا على التلاحم بينهم وبين الجيش اللبناني في مواجهة العدو الإسرائيلي والدفاع عن الحدود. 

صورة اهل الجنوب عائدين مرفوعي الرأس ومنتصرين الى بلداتهم استفزت العدو الإسرائيلي الذي ما لبث رغم انقضاء مدة الستين يوماً يرتكب المجازر ويفجر المنازل والقرى، اضف الى ان فرحة الجنوبيين ازعجت عدداً من التيارات السياسية المعروفة بمعارضتها لحزب الله، وبدل ان يقف جمهورها الى جانب أهلهم في الوطن ويتضامنوا معهم وسّعوا من حملة الاتهامات ضد المقاومة وكأنها عدوّتهم وليست إسرائيل.

الى ذلك، قابل لبنان السياسي استمرار الهمجية الإسرائيلية بحسن نية ووافق على تمديد مهلة وقف اطلاق النار حتى الثامن عشر من شباط المقبل، طالباً دعم الدول الراعية للاتفاق من اجل اجبار العدو الإسرائيلي على الالتزام به ووقف انتهاكاته للقرار الاممي ١٧٠١.

وبحسب ما تم الاتفاق عليه، يتعين على قوات الاحتلال، خلال الفترة الزمنية المتبقية، ان تنسحب من بلدات القطاعين الأوسط والشرقي ومن التلال الخمس التي كان قد رفضت الخروج منها سابقاً، وهي: جبل بلاط واللبونة وجبل العزية (بين كفركلا ودير ميماس) والعويضة بين الطيبة والعديسة والحمامص. كما جاء في نص تمديد المهلة ضرورة ان تسلم اسرائيل أسرى المقاومة المعتقلين لديها في عملية التوغل البري الاخيرة، اضافة الى وقف تفجير القرى والبلدات الجنوبية.

وفي وقت يواصل فيه الجيش اللبناني انتشاره في القرى الجنوبية المحررة، تترقب الأنظار ما اذا كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي ستلتزم بما ذكر في اتفاق تمديد مهلة وقف اطلاق النار، ولا تستبعد مصادر متابعة ان يحاول الإسرائيلي مرة جديدة عدم الانسحاب بالكامل خاصة مع استمرار اعتداءاته والتي ذهب ضحيتها منذ يوم الاحد ٢٤ شهيداً و١٤٥ جريحاً، وهي وصلت أمس إلى النبطية بغارة من مسيرة استهدفت إحدى السيارات.

الى ذلك، وامام رفض حزب الله لتمديد المهلة وفق ما اعلن امينه العام الشيخ نعيم قاسم اول من امس، فإن الأنظار تشخص حول آلية عمل لجنة الاشراف على تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، التي يبدو انها حتى الساعة غائبة عن السمع، وما اذا كانت ستصبح اكثر فعالية، لا سيما بعد ان اعلن البيت الأبيض تعيين مورغان اورتاكوس خلفاً للمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، والتي من المفترض ان تزور بيروت نهاية هذا الأسبوع.

اذاً، هو التحرير الثالث بعد عامي ٢٠٠٠ و٢٠٠٦، جاء ليؤكد مرة جديدة ان ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” عصية على الكسر او الإلغاء، وهي ثابتة وراسخة وعلى اتم الجهوزية لردع أي عدوان يطال لبنان. فالارض التي ارتوت من دماء أبنائها لا يمكن ان تضيع وستزهر ورداً وريحانا.

موقع سفير الشمال الإلكتروني