عندما جرى تكليف القاضي نوّاف سلام في 13 كانون الثاني الجاري تأليف الحكومة، تكوّن إنطباع لدى القوى السّياسية والكتل البرلمانية أنّ سلام سيواجه صعوبة في تجاوز عقدة التمثيل الشيعي في حكومته نتيجة عدم تسمية الثنائي الشيعي له خلال إستشارات التكليف، ومقاطعتهما له في استشارات التأليف، إلا أنّ الرجل الآتي من خارج النادي السياسي تجاوز هذا القطوع عندما لاقى الثنائي الشيعي في منتصف الطريق، واستجاب بعد أخذ وردّ لمطالبه، خصوصاً في الحصول على حقيبة وزارة المالية، وفي وزارات خدماتية أخرى.
غير أنّ حسابات حقل سلام التي انطلقت من أنّه إذا جرت حلحلة العقدة الشّيعية فإنّ طريق تأليف الحكومة سيضحى سالكاً أمامه لم ينطبق على حسابات بيدر القوى والكتل الأخرى، السنّية والمسيحية تحديداً، بعدما اعترضت على “التنازلات” التي قدّمها إلى الثنائي الشّيعي “تحت الضغط” واعتبروها “مخيبة”، ودفعتهم إلى مطالبة سلام للمعاملة بالمثل، على قاعدة “ما حدا أحلى من حدا”، خصوصا بعد تسريبات تحدثت عن مسودة شبه نهائية للحكومة المقبلة أعدها سلام، الذي نفاها أمس، معتبراً “ما يتردد عار من الصحة وفيه الكثير من الشائعات والتكهنات، ويهدف بعضها إلى إثارة البلبلة”.
الإعتراض السنّي على سلوك سلام برزت على لسان تكتلي “الإعتدال” و”التوافق” بعدما وجد الأوّل نفسه، بعد تسريبات إعلامية تناولت مسودة التشكلية، خارج التمثيل داخل الحكومة واستبعاده كليّاً عنها، وأنّ عكّار سيقتصر تمثيلها على الوزير السّابق طارق متري، ما دفع عضو التكتل النائب وليد البعريني إلى رفض “منطق الإقصاء والإلغاء”، داعياً إلى “تصحيح المسار”، ومعتبراً أنّ تجاهل تمثيل التكتل فيه “تجاوز للخطوط الحمر”، وملوّحاً بخطوات تصعيدية، ما دفع سلام أمس إلى استقبال عضوي التكتل البعريني ومحمد سليمان، بعد اتهامات وُجّهت إليه بأنه لا يعطي أهمية للتشاور مع النّوّاب السنّة، ويهملهم.
أمّا تكتل التوافق فلم يكن إعتراضه أقلّ بعدما نقلت التسريبات عن تسمية رئيسة دائرة التربية في الجامعة الأميركية في بيروت ريما كرامي لحقيبة وزارة التربية وأن يقتصر تمثيل طرابلس عليها، فأصدر بياناً رفض ما أسماها “التصرّفات غير المسؤولة المتّبعة في عملية تشكيل الحكومة”، معتبراً أنّ “الطائفة السنّية لم ولن تكون مكسر عصا لأيّ كان، ويجب أن ينطبق عليها ما ينطبق على باقي الطوائف في تسمية وزرائها واختيار حقائبها”.
أمّا العقبة المسيحية فلا تقلّ تعقيداً بعدما طالبت القوّات اللبنانية بأربع حقائب، والتيّار الوطني الحرّ بمثلها، ثلاث له والرابعة لحليفه حزب الطاشناق الأرمني، الأمر الذي أوجد إزدحاماً في التمثيل المسيحي وكباشاً بين الكتل المسيحية، نظراً لوجود المردة والكتائب والنوّاب المنشقين عن التيّار الوطني الحرّ، إضافة إلى النوّاب التغييرين الذين يعتبرون أنفسهم “بي الصبي” وأنّهم وراء المجيء بسلام، فيطالبون بحصّة الأسد في التمثيل المسيحي، من غير إسقاط حصّة رئيس الجمهورية، ما سيفضي نهاية إلى عدم قدرة سلام تلبية مطالب الجميع الذين سيجد البعض منهم نفسه خارج الحكومة، أو بتمثيل ضعيف قد يدفعه إلى مغادرة الحكومة مبكراً، والإستقالة منها.
موقع سفير الشمال الإلكتروني