"الوفاء يكون للشهداء والمبادئ، التي أسميها الحرية، وليس لمؤسسة تتقاضى منها أجر تعبك". هكذا عبرت منسقة تجمع "نقابة الصحافة البديلة" إلسي مفرج في حديث مع "المدن" حول "طردها التعسفي من قناة أم تي في"، على خلفية عملها النقابي.
وجاء ذلك تبعاً للبيان الذي أصدرته "النقابة البديلة" في 16 كانون الأول/ديسمبر 2024، رفضاً للإجراءات القضائية التي اتخذت في الشكاوى المقدمة من قبل "أم.تي.في" ضد عدد من الصحافيين والناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي بتهمة التحريض على القناة.وهذه ليست المرة الأولى التي تدفع فيها مفرج ثمن دفاعها عن الحريات وتعبيرها عن مواقفها وآرائها. ففي العام 2020، أصدرت الهيئة الأولى لدى مجلس التحكيم في "التيار الوطني الحر" قراراً بفصلها من "التيار" ما يعني فصلها من القناة التابعة للحزب أيضاً وهي "أو.تي.تي".وأوضحت مفرج أنه "ليس من المفترض أن يكون هناك نوعاً من التبعية العمياء لمؤسسة أو أن تُهدد لقمة عيش شخص بسبب تعبيره عن رأيه، وهذا ينافي قانون العمل اللبناني".ورفعت مفرج دعوى قضائية ضد القناة لحماية حقوقها المالية والمدنية. وفقاً لقانون العمل اللبناني الذس "يعتبر الصرف من العمل إساءة أو تجاوزاً في استعمال الحق إذا تم بسبب انتساب العامل إلى نقابة معينة أو لممارسته نشاطاً نقابياً مشروعاً أو لممارسته حرياته الشخصية أو العامة".وأثارت قضية مفرج أسئلة جوهرية عن تضارب المصالح وقيود حرية التعبير في المؤسسات الإعلامية وشروط عدم التعرض لها. والسؤال هنا: "ألا يحق للصحافيين أن ينتقدوا المؤسسة التي يعملون بها؟". وأوضح المستشار الإعلامي لرئاسة الجامعة اللبنانية الدكتور علي رمال، أن "حرية التعبير والداعم المالي لا يلتقيان، فما تعرضت له مفرج هو موقف صعب، باعتبار أنها لا تستطيع سحب البيان كونه صادراً عن النقابة التي هي جزء منها، وليس صادراً عنها، والاستقالة من النقابة ستكون مهينة".وأضاف رمال أنه يجب على وسائل الإعلام التحلي بالجرأة أكثر في مواجهة الحقائق، وأن تتنوع في آرائها ولا تحصرها ضمن إطار معين.والبيان الذي تناول التضامن مع كل من غنى غندور وسحر غدار وإيفلينا مهوس في الدعوى التي رفعتها القناة ضدهن، تضمن موضوع حرية التعبير والإجراءات القضائية المخالفة، "ولا يضر بمصلحة أم تي في"، بحسب مفرج.إلى ذلك، قال المسؤول الإعلامي في "مؤسسة سمير قصير" جاد شحرور لـ"المدن"، أن "الإجراء الذي أقدمت عليه أم تي في يتعارض مع مبادئ الحرية التي تنادي بها، فما حصل مع أم تي في هو سياسي أكثر من حقوقي باعتبار أن القناة خونت من لم يتضامن معها بالحملة التي حصلت عليها".وأضاف شحرور أن القناة كان من حقها أن ترفع دعوة في قضية تخوين، لكن الخطأ كان بالاجراءات القضائية التي اتخذت لاحقاً.والحال أن لكل موظف هاجساً حقوقياً، ومن الطبيعي أن ينتمي إلى من يصون حريته ويسانده، وهذا يترجم في انتمائه إلى النقابات المخصصة لمهنته، خصوصاً في بلد مؤسساته الإعلامية تابعة إما للأحزاب أو لرجال الأعمال. وذكر شحرور: "شاء القدر أن تكون نقابة المحررين ونقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع انتمتا إلى نظام المحاصصة. والجسم البديل، الذي هو نقابة الصحافة البديلة، فرض على كثير من الصحافيين أن يكونوا جزءاً منه".وقالت مفرج: "خمس سنوات من دون توقيع على عقد عمل مع أم تي في، أو حتى التوقيع على شروط عمل لنظام داخلي"، وهي حالة تمس كثيرين في المؤسسة بحسب مفرج التي أضافت: "في طبيعة الحال قانون العمل ينافي تقييد الحريات"، كما أنه "ليس من المعقول أن يقيد أي نظام داخلي في المؤسسة حرية التعبير الرأي ويعيق نشاطه النقابي" بحسب شحرور.وهنا أشار رمال إلى أهمية حماية الصحافيين العاملين في المؤسسات الإعلامية، أي أن ينص قانون الإعلام الجديد على إنشاء نقابة تحمي الصحافيين داخل مراكز عملهم منعاً من خسارة وظائفهم تحت أي ضغط، خصوصاً في الظروف الاقتصادية الحالية الصعبة.