2025- 01 - 29   |   بحث في الموقع  
logo حصار الرئيسين: "الثنائي" وخصومه يهددان العهد والبلاد logo اندفاعة العهد تصطدم بالواقع المأزوم: سلام في مواجهة الأحزاب logo "شيعة..شيعة": رسائل سياسية لا تختزل الطائفة logo ما لم يكن من الفيل والقبّرة logo "حراس الدين" يحل نفسه: لدولة "تحكم بشريعة رب العالمين" logo إيهاب مطر: لعدم تهميش عاصمة الشمال وأبنائها logo حريق كبير في العريضة.. هل من إصابات؟ logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الثلاثاء
موسم العراضات في دمشق
2025-01-27 12:55:59


العراضة طقس دمشقي خاص، له ما يماثله في المدن والأرياف السورية، وغير السورية، حينما يتعلق الأمر بالاحتفال بمناسبة كالعرس، أو استقبال عائد من سفر إلى مكان بعيد، أو رحلة ذات طابع ديني كالحج إلى بيت الله الحرام. ومثل أي مظهر احتفالي تطور من الحال العفوي إلى فن مشهدي للاستعراض، كي يتماشى مع تحولات الفضاء العام، لكنه بقي حرفة، تؤديها عدة فرق معروفة بأسعار تختلف، وفقاً للمناسبة والشخصية والزمان والمكان. تكاليف إحياء عرس أعلى من استقبال الحاج العائد من مكة، أو طهور الصبي. واللافت أن الحداثة، التي عرفتها مدينة دمشق لم تقوض هذا الفولكلور الشعبي، أو تحد منه بوصفه من مظاهر العادات والتقاليد، التي تعكس فولكلور أهل الشام، وقابليتهم على تطويع الطقوس والعادات ضمن علاقة جدلية تزاوج بين الفن والاقتصاد والموروث الشعبي، الذي يشكل أحد مظاهر جماليات دمشق ومنطقة بلاد الشام ذات التنوع الكبير.
شهد مطار دمشق في الآونة الأخيرة عراضات عديدة لاستقبال عدد من الشخصيات العائدة إلى سوريا، بعد أعوام من الغياب، بسبب ظروف التهجير، التي حلت بالشعب السوري على يد النظام وحلفائه الإيرانيين والروس والميليشيات الطائفية العابرة للحدود. وخلقت العراضات جواً من الفرح والبهجة بالتحول الجديد، ولكن بعضها أثار انتقادات، وتحدث عدد من رواد وسائل التواصل عن خروج بعض الاستقبالات عن الطابع العفوي إلى ترتيبات مسبقة، تقوم بها جهات مختصة بتنظيم الأفراح والأتراح، وأن بعض ما حصل كان مدفوع الثمن ومدروس ومخطط له من من لحظة النزول من الطائرة الى صالة الشرف في المطار، ومن ثم الانتقال الى الفندق، ومن بعد ذلك إلى مقهى الروضة، من أجل التقاط الصور من حول المناسف ولحم الخرفان.
لا يوجد ما يعيب في تنظيم عراضات في المطار لبعض العائدين، طالما أن الاحتفالات قائمة في الساحات والأماكن العامة، وهناك جهات مدنية تطوعت لاستقبال العائدين، وقدمت لهم الزهور. لكن هناك من تناول بالنقد حالة من المبالغة والبذخ رافقت عودة بعض الشخصيات الفنية بعينها، في حين أن آخرين لا يقلون عنهم موهبة ومرتبة لم يحظوا بذلك. وصل بعض هؤلاء إلى البلد من دون ضجيج، وغلبت على تصرفاتهم مراعاة الوضع العام في بلد لا يحتمل المبالغة، بسبب ما يعانيه من فقر ودمار. وكان الناس ينتظرون من هذه الشخصيات أن تقوم بمبادرات ذات طابع مختلف، كزيارة أهالي الضحايا والمغيبين قسريا ومناطق الدمار في محيط العاصمة في داريا ودوما وجوبر ومخيم اليرموك، بعد الانتهاء من التقاط الصور في مقهى الروضة، ولكن هؤلاء عادوا أدراجهم إلى أماكن سكنهم في الخارج، أو إلى أماكن تصوير المسلسلات الفنية في دول الخليج. وبقيت صورهم تتداولها وسائل التواصل، في مقابل صور أخرى لحملات تطوعية يقوم بها العشرات من أجل تنظيف حوض نهر بردى وبعض شوارع العاصمة وساحاتها وزراعة الورود والأشجار. وفي ذلك مقارنة صريحة بين حس استعراضي سطحي، ووعي مدني حريص على مشاركة السوريين الظروف الصعبة، التي يعيشونها وتخفيف جزء من معناتهم برفع آثار الدمار والقبح، التي تركها النظام البائد.
بخلاف بعض المستعرضين، هناك من دخل البلد وقام بجولات لبعض المناطق وكون صورة كاملة عن الوضع المأسوى، وشارك بعض أهالي الضحايا آلامهم، وغادر من دون أن يعرف أحد بوصوله أو مغادرته. لم يستأجر فريقاً من الهتيفة والطبالين كي يستقبله، أو يتصور في مقهى الروضة، وهو يتناول المنسف بلحم الخروف، أو يستجدي لقاء وصورة مع أحد مسؤولي الإدارة الجديدة. اكتفى هؤلاء بأن شاركوا السوريين اللحظة بكل ما تحمله من فرح وألم، وهذا هو المهم بالنسبة لهم، ومثل هؤلاء كثيرون يتابعون بصمت من الخارج وينتظرون اللحظة المناسبة، كي يزورا البلد.
هناك من قال، إن الناس كانت تأمل بأن ترى من بين الذين يحطون في مطار دمشق أو يعودون إلى سوريا عبر الحدود من لبنان او تركيا، من يرفع صورة أحد الذين حلموا بحرية سوريا، وعاشوا تجارب السجن والمنفى، في الوقت ذاته الذي يتم فيه التطبيل والتزمير لبعض العائدين. على قدر الفرح بالخلاص ثمة غصة أن شخصيات مثل رياض الترك، ميشيل كيلو، حكم البابا، مي سكاف، بسمة قضماني، لم يشهدوا مع السوريين هذا الفرح التاريخي، الذي هرمت عدة أجيال سورية بانتظار حصوله.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top