أسبوعان مضيا على تكليف القاضي نوّاف سلام تأليف الحكومة، في 13 كانون الثاني الجاري، كشفا بأنّ معضلات تشكيل الحكومة كثيرة، والعقبات تتوالد تباعاً أمامها يوماً بعد يوم، ما جعل آمال البعض ورهاناتهم على ولادة الحكومة في غضون 10 أيّام، حسب قولهم، تذهب أدراج الرّياح.
يومها عبّر كثيرون ممّن رحبوا بتكليف سلام على آمالهم بتشكيل الحكومة قبل موعد 26 الجاري، أيّ يوم أمس، وهو اليوم الذي انتهت فيه مهلة الـ60 يوماً إيذاناً بانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي ما يزال يحتلها ودخول الجيش اللبناني إليها، وفق اتفاق وقف إطلاق النار، في تطوّر من شأنه أن يرسم مشهداً سياسياً جديداً على المسرح الداخلي اللبناني.
لكن مهلة الأيّام العشرة إنتهت ومشاورات التأليف ما تزال تراوح مكانها بفعل تمسّك كلّ طرف بمطالبه وحصّته في حكومة سلام، ما جعل الأخير يُجمّد إتصالاته مع أغلب القوى والكتل بانتظار مساعدة ما تأتيه، من الداخل أو الخارج، لفكّ عقد التأليف التي يبدو أنّ معالجتها تحتاج إلى جهد لا يستطيع لوحده القيام به.
وجاء ما حصل أمس من تطوّرات ميدانية في الجنوب تمثلت في تقدّم أهالي البلدات والقرى التي كانت تحتلها إسرائيل لتحريرها أمام عناصر الجيش اللبناني الذين قاموا بتغطية تقدّمهم، في مشهد رسم عمق التلاحم بين الجيش والأهالي في مقاومة المحتل، سقط نتيجته شهداء وجرحى من الجيش والأهالي، لترخي بكلّ ثقلها على المشهد السّياسي الداخلي عامّة وعلى عملية تأليف الحكومة خاصّة، وجعل ما بعده غير ما قبله من حسابات ومعادلات سياسية وحكومية داخلية.
تطوّرات الجنوب كان سبقها تصعيد بالمواقف حيال تأليف الحكومة بين القوى والكتل المعنية، وتراشق وتبادل إتهامات، ما زاد طين عملية التأليف بِلّة، وأربك حسابات سلام وحركته ومشاوراته لتأمين ولادة سهلة للحكومة في أسرع وقت ممكن، لأنّ أيّ تأخير بتأليفها من شأنه أن يستنزف رصيده السّياسي والزّخم الذي جاء به رئيساً مُكلّفاً.
أبرز ما شهدته السّاحة الدّاخلية في هذا المضمار تمثل في الإتهامات المتبادلة بين القوّات اللبنانية وحركة أمل، نهاية الأسبوع الماضي، وكشف حجم الصراع السياسي المحلّي على تناتش حقائب وزارية داخل حكومة سلام، عندما اتهمت القوات الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) بتعطيل التشكيل وأنهما “يتعاملان مع التأليف على قاعدة “قدَم في التشكيل وقدَم في التعطيل”، متهمة “محور الممانعة بأنّه يشكل بحدّ ذاته العقدة أمام قيام دولة فعلية”، ما دفع حركة أمل للردّ بأن القوات “تتحدث عن ضفّة هنا وضفّة هناك، في محاولة لتغطية تخمة سماوات مطالب “الحكيم” بقبوات البيانات الفارغة”.
هذا الكباش دفع النائب وليد البعريني إلى اتهام الطرفين، القوّات وأمل، بأنهما يسهمان ويتقاطعان في عرقلة تشكيل الحكومة، عندما قال إنّ “يَد الثنائي من طرف ويَد القوات من الطرف الآخر تزيدان من شدّة عقدة المالية وتكبّلان بالتالي عملية التأليف”.
يأتي كلّ ذلك في ظلّ رفع كلّ تكتل نيابي سقف مطالبه بالحصول على حقيبة وزارية في حكومة سلام، ورفعهم شعار وحدة المعايير والتمثيل في سبيل تحقيق ذلك، وصولاً إلى تهديدهم بحجب الثقة عن حكومة سلام إذا لم يلتزم بذلك.
موقع سفير الشمال الإلكتروني