عادت قضية هانيبعل القذافي إلى الواجهة مجدّدًا بالتزامن مع انتقال لبنان لمرحلة جديدة سياسيًا. وفي غياب أي أفق لحلّ هذه القضيّة والإفراج عنه بعد توقيفه منذ العام 2015، ناشدت شقيقته عائشة القذافي، رئيس الجمهورية اللبنانيّ، جوزاف عون طالبةً منه التدخل للإفراج عن شقيقها وتسليمه إلى ليبيا، خصوصًا بعد تعثّر المفاوضات بين الجانبين اللبنانيّ والليبي لحل القضايا العالقة بينهما.
لقاء قضائيوحسب معلومات "المدن"، اجتمع وفد قضائيّ لبنانيّ بوفد ليبيّ مؤلف من قاضيين في تُركيا، في كانون الأول الماضي، للتباحث في مجموعة من القضايا، واتفقا على التفاوض في تُركيا بسبب العدوان الإسرائيليّ على لبنان في تلك الفترة وصعوبة التنقل في لبنان. وضمّ الاجتماع ممثلين ليبيين عن لجنة متابعة قضية القذافي، وآخرين عن لجنة متابعة قضية الإمام المغيب موسى الصدر ورفيقيه، ومن ضمنهم مقرر متابعة اللجنة الرسمية للقضية، القاضي حسن الشامي، وجرى التداول حينها بأن الأجواء ايجابيّة، إلا أنها تعثرت في لحظاتها الأخيرة.
وكانت مطالب الدولة اللبنانيّة واضحة في هذه القضية، وهي حصولها على التحقيقات القضائية التي أجريت في ليبيا بعد اختفاء الصدر، وتشمل مجموعة من الشهادات وجلسات الاستجواب لعدد من الشخصيات الأمنية والسياسية، لكون هذه التحقيقات من شأنها مساعدة لبنان في الوصول إلى خواتيم هذه القضية ومعرفة تفاصيل ما حصل آنذاك مع الصدر ورفيقيه، وإن كانوا لا يزالون على قيد الحياة أم لا. وسبق وأكد القضاء اللبنانيّ امتلاك هانيبعل القذافي الكثير من المعلومات عن عملية اختطاف الصدر، إذ حدد البقعة الجغرافية التي وضع فيها الصدر ورفيقيه وهي منطقة أمنية تدعى جنزور، وأنه وضع في إقامة جبرية في هذه المنطقة لأكثر من أربع سنوات، كما حدد هوية الشخصية الأمنية التي تنقلت في روما بثياب الصدر.القذافي مقابل الصدروتؤكد مصادر قضائية لـ"المدن" إلى أن الأجواء كانت ايجابية وهي ليست المرة الأولى التي يتم التواصل فيها بين الجانبين، لكن المفاوضات باءت بالفشل حتى الساعة، فالجانب الليبي لم يسلم القضاء اللبناني محاضر التحقيقات التي طلبت منه للاطلاع عليها. وتضيف المصادر إلى أن الجانب الليبي قرّر وضع بعض الشروط على لبنان قبل تسليمه محاضر التحقيقات. وتؤكد المصادر إلى أن "وسيطًا أبلغ لبنان بأن ليبيا وضعت شرطًا أساسيًا لتقدم المعلومات المطلوبة منها عن الصدر ورفيقيه، وهي تسليمها هانيبعل القذافي وترحيله إلى ليبيا بطائرة خاصة، على أن يسلم لبنان بعدها التحقيقات القضائية".
الحاجة إلى التحقيقات الليبيةوتضيف المصادر إلى أن الوفد الليبي أكد للجانب اللبنانيّ عن وجود معلومات أمنية قيّمة ومهمة في محاضر التحقيقات من الممكن أن تحرك قضية الصدر من جديد، وأن المعلومات المذكورة في المحاضر هي ناتجة عن تحقيقات طويلة أجريت في ليبيا بعد الاستماع إلى عشرات الأشخاص الأمنيين والسياسيين، الذين كانوا يملكون الكثير من المعطيات. لكنها أكدت أن هذه التحقيقات لن تسلم للبنان ولن يسمح بالاطلاع عليها قبل وضع هانيبعل القذافي في الطائرة تمهيدًا لتسليمه لليبيا. وهو الأمر الذي اعترض عليه الجانب اللبنانيّ على اعتبار عدم وجود أي ضمانة حول أهمية المعلومات المذكورة في محاضر التحقيقات، إذ من الممكن أن تكون معطيات عادية يملكها لبنان منذ سنوات. وأفادت مصادر قضائية لـ"المدن" أنه وعلى الرغم من فشل إبرام أي اتفاق مع ليبيا في هذا الخصوص، إلا أن التواصل لم ينقطع بشكل نهائيّ، وهناك محاولات لتسليم لبنان التحقيقات والتباحث مع ليبيا حول هذا الأمر.
وجاء في رسالة عائشة التي ناشدت فيها عون: "أجدد المناشدة للرئيس اللبناني بالامتثال للعقل والاستماع للغة العدالة والضمير، بالعمل على إنهاء هذا الاعتقال التعسفي لأخي هانيبعل، الذي لا تحتاج براءته لأي أدلة أو براهين".
إذًا، لا تزال قضية القذافي موضع جدلٍ قضائي وحقوقيّ وسياسيّ بين لبنان وليبيا، فهل ستُحلّ القضايا العالقة بين البلدين مع بداية العهد الجديد؟