2025- 01 - 27   |   بحث في الموقع  
logo بدء عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة logo هل ينجو العلويون من محرقة "الأسدية"؟ logo كيف سيكون الطقس في الأيام المُقبلة؟ logo تعزيزات للجيش تمهيداً للدخول إلى ميس الجبل logo عون وميقاتي عرضا للتطورات جنوبا ولنتائج الاتصالات الجارية لاستكمال الانسحاب الإسرائيلي logo افتتاحية “الديار”: أهالي الجنوب يُحرّرون قراهم بقبضاتهم العارية logo مانشيت “الأنباء”: تمديد اتفاق وقف النار حتى ١٨ شباط وأهالي القرى الحدودية يتحدّون الاحتلال بصدورهم logo ضغوط تطوّرات الجنوب ومطالب الكتل تدفع سلام لتجميد مشاوراته!.. عبدالكافي الصمد
الجنوبيون يعودون إلى قراهم بـ"المقاومة الشعبية"
2025-01-26 14:55:56

انتهت مهلة الستين يوماً للهدنة بين إسرائيل و"حزب الله" التي خرقتها تل أبيب عدة مرات، وحانت لحظة عودة أبناء القرى الحدودية إلى منازلهم. طوال ليلة السبت، لم تهدأ دبابات الميركافا الإسرائيلية عن التقدم نحو قرى عجزت عن دخولها خلال الحرب، كما تعمدت قطع الطرقات لمنع الأهالي من الوصول إلى بلداتهم، ونفذت عمليات نسف وتفجير استهدفت عدداً من المنازل في ميس الجبل والمنطقة المجاورة.
ومع بزوغ شمس الأحد، احتشد الأهالي عند مداخل قراهم الحدودية، ونظموا مسيرات عازمين على دخولها رغم وجود الجيش الإسرائيلي، الذي أصدر كعادته بياناً حذر فيه سكان أكثر من 66 بلدة جنوبية من العودة إليها. وأضاف في بيانه أنه سيواصل إبلاغ الأهالي بالمناطق التي يمكنهم العودة إليها، في وقت كان الجنوبيون وصلوا بالفعل بمواكب بسيارات ومشياً على الأقدام إلى بلداتهم، ومنها عيترون، وحولا، وميس الجبل، ومارون الراس، ورب الثلاثين، والعديسة، وبنت جبيل، وطلوسة، وكفركلا، ومركبا ويارون، ويارين، والقنطرة، ودير سريان، وعيتا الشعب، والقوزح، ومروحين. وأظهرت الفيديوهات في مواقع التواصل الاجتماعي محاولات الترهيب والمواجهات وجهاً لوجه بين الأهالي والقوات الإسرائيلية.وفي مقاطع أخرى، ظهرت نقاشات يقودها عناصر من الجيش اللبناني مع أهالي البلدات العائدين لإقناعهم بعدم الدخول "حفاظاً على أرواحهم". وظهرت إحدى الأمهات الجنوبيات في نقاش مع جنود الجيش اللبناني حيث قالت له: "ابني بعدو بالأرض فوق صار له 3 شهر"، ليرد عليها الجندي: "هيدا خيي والله خيي".ولم تنحصر مشاهد العودة بأبناء الجنوب فقط، بل انضمت إليهم مواكب أخرى من البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت نحو الشريط الحدودي. وبمعزل عن نقاش الانتصار والهزيمة المرادف للحرب التي أطلقها "حزب الله" في البلاد، كان الجنوبيون يسيرون بمقاومتهم الشعبية نحو قراهم، وذلك ليس مصطلحاً جديداً في قاموس الجنوبيين.ومنذ إعلان الهدنة، عادت الحياة تدريجياً إلى البلدات التي كانت تُعتبر بوابات التحرير، المتاخمة للقرى الحدودية، كبلدة شقرا، حيث استقبلت سكان القرى الأمامية كما فعلت منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وقبل التوسع الذي شهدته هذه البلدات في أيلول/سبتمبر 2024. وفي ساعات الفجر الأولى من الأحد، تجمهر الأهالي على بوابات القرى حتى السابعة والنصف صباحاً، قبل أن ينطلقوا عابرين السواتر الترابية، وسط مشهد النساء الجنوبيات وهن يزيحن الحواجز بأيديهن، غير عابئات بالعوائق، فيما وقفت أخريات مغلوبات على أمرهن، يملؤهن القهر، بعدما مُنعن من دخول بلداتهن للبحث عن أشلاء شهدائهن.بدأت الأخبار تتوالى، صحف عبرية تتخوف من الغضب الشعبي الجنوبي والانسحاب المذل للقوات الإسرائيلية. فيما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن سقوط ما لا يقل عن أحد عشر شهيداً وثلاثة وثمانين جريحاً، في بليدا وحولا وعديسة وكفركلا وميس الجبل ومركبا وبني حيان ورب ثلاثين.يعكس المشهد شعبية الموقف. آلاف المواطنين يعودون إلى قراهم، ويرافقهم الجيش اللبناني ليسيطر على قرى في حين ينسحب منها الجيش الإسرائيلي. وكأنه مشهد سينمائي تحب إسرائيل تصوير نفسها فيه. هذه الصورة المذلة التي تكسرها الإرادة الشعبية. فبالعودة إلى تاريخ الجنوبيين وأساليبهم بمقاومة الاحتلال، تعلم إسرائيل قطعاً أنها لن تخيفهم في إعلان نيتها بالبقاء في قرى أو إنشاء "منطقة عازلة". وتعلم جيداً أن مطابخ الجنوبيات نفسها غَلَت الزيت وسكبته على جنودها أثناء محاولتهم اقتحام المنازل خلال اجتياح العام 1982.تعود القاومة الشعبية إذاً، بعيداً عن تلك المناكفات السياسية وحصرية "حزب الله" أو أي طرف آخر بالمقاومة. وتأخذ مشاهد عودة الجنوبيين من نكبتهم اليوم إلى شباط/ فبراير 1999، حيث شهدت بلدة أرنون في جنوب لبنان حدثاً بارزاً في تاريخ المقاومة الشعبية ضد إسرائيل، وتحولت إلى رمز للإرادة الشعبية. لم يكن الأمر مجرد احتجاج أو تظاهرة عادية، بل كان انتفاضة طلابية غير مسبوقة، قادها حوالي 2000 طالب لبناني من مختلف الجامعات والمناطق، متحدين الاحتلال بصدورهم العارية.وتوجه الطلاب نحو البلدة المحتلة، وأزالوا الأسلاك الشائكة بأيديهم، واخترقوا الحواجز، رافعين العلم اللبناني على بعد 500 متر فقط من قلعة الشقيف، أحد أهم المواقع العسكرية الإسرائيلية حينها. تحت أنظار الجنود الإسرائيليين، وقفوا متحدين، مرددين هتافاتهم بعيداً عن أي حسابات سياسية أو طائفية.المشهد بدا أقرب إلى لحظة مقاومة شعبية جماعية، حيث بدا أن إسرائيل، رغم ترسانتها العسكرية، عاجزة أمام هذا الطوفان البشري. لم يكن بيد الطلاب أي سلاح، ولا شعارات سوى صوت واحد: هذه الأرض ليست لكم. لقد اعتادت إسرائيل أن تواجه المقاومين بالسلاح، لكنها لم تكن مستعدة لمقاومة من نوع آخر، مقاومة لا تعرف الخوف، ولا تحتاج إلى بنادق لتفرض نفسها.وكما هو الحال دائماً، لم تترك إسرائيل ذلك التحدي الشعبي بلا رد. بعد أسابيع، عادت القوات الإسرائيلية إلى البلدة، محاولة استعادة السيطرة، لكن الصورة التي صنعها الطلاب في ذلك اليوم لم يكن بالإمكان محوها، حيث أثبتوا أن الإرادة الشعبية قادرة على تحقيق إنجازات مهمة، وأن تحرير أرنون شكل لحظة تاريخية مفصلية مهدت الطريق لتحرير مناطق أخرى في الجنوب اللبناني.تبرز اليوم المقاومة الشعبية، التي فتحت الطريق للجيش اللبناني للدخول إلى البلدات وانسحاب الجيش الإسرائيلي منها. عاد الأهالي اليوم أمام زخات رصاص الاحتلال واستفزازاته ووسط الدمار الهائل الذي خلفته الحرب على أرزاقهم وأرضهم وأبنائهم. تقف اليوم السيدة الجنوبية تتأمل كرم الزيتون الذي اقتُلع وتبحث عن أشلاء أبنائها الشهداء. هم الجنوبيون، متى سألتم عن دمهم، تجدونه يلعب بالتراب. هؤلاء صمدوا لأكثر من 400 يوم، يعبرون نحو قراهم حفاة، وسط وابل من الرصاص والقنابل الفوسفورية الصهيونية.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top