إحدى عشر شهيدًا بينهم عسكريّ في الجيش اللّبنانيّ، وما يربو عن الثمانين جريحًا سقطوا برصاصٍ إسرائيليّ استهدف عشرات المواطنين العُزّل أثناء محاولتهم العودة إلى بلداتهم وأراضيهم في القرى الحدوديّة الجنوبيّة، صباح اليوم الأحد، بمواكبٍ من مئات السّيارات، بعد انقضاء مهلة السّتين يومًا لاتفاق وقف إطلاق النار. هو يومٌ دمويّ محمومٌ، جاء على إيقاع الإصرار الإسرائيليّ العنيد بمخالفة أحد أهمّ وأبرز بنود الاتفاق الذي عُقد في السابع والعشرين من تشرين الثاني الفائت.
وفي الوقت الذي ترتفع فيه وتيرة المواجهات بين المواطنين المدنيين وجنود الجيش الإسرائيليّ الذين لا يزالون يتواجدون في عدّة قرى، واعتماد الجيش الإسرائيليّ سياسة الترهيب المُسلّح لطرد المواطنين بل واعتقال بعضهم، تشهد أخرى انسحابًا للوحدات الإسرائيليّة. وقُدّر عدد البلدات الّتي انسحب منها الإسرائيليّ كليًّا ودخلها المواطنون بمواكبةٍ من الجيش اللّبنانيّ بحوالى الــ18 بلدة، كحصيلةٍ غير نهائيّة. وتعمل الهيئات الصحيّة على انتشال جثامين ضحايا العدوان الإسرائيليّ في بعض القرى الحدوديّة جنوبي لبنان بعدما تمكنت من الدخول إليها.مواكبة أمنيّة للعودةفيضٌ من المقاطع المُصوّرة الّتي تُظهر مواكبة الجيش اللّبنانيّ لتحركات اللّبنانيين المُصرّين على دخول بلداتهم بعد انتظارٍ دام 60 يومًا، وعلى عكس المشهديّة الصباحيّة الّتي حاول فيها الجيش اللّبنانيّ تدارك الوضع وإغلاق الطرقات تفاديًّا لصدماتٍ بين المواطنين والجيش الإسرائيليّ، يواكب الجيش حاليًّا وحتّى لحظة كتابة هذا التقرير، المواطنين في عودتهم مُفسحًا لهم المجال للدخول، بل ومؤمنًا لهم غطاءً دفاعيًّا.
من جهتها، أصدرت قوّة الأمم المتحدّة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بيانًا أعربت فيه عن "قلقٍ بالغ" إزاء التقارير عن عودة المدنيين إلى القرى الّتي لا يزال الجيش الإسرائيليّ موجوداً فيها. وأشارت إلى وقوع إصابات جراء النيران الإسرائيليّة، مؤكدةً أنّ دورها يقتصر على مراقبة الوضع ومنع التصعيد بناءً على طلب القوات المسلّحة اللّبنانيّة، لكنها شدّدت أنّ "إدارة الحشود خارج نطاق ولايتها". وحثّت اليونيفيل المواطنين اللبنانيين على الالتزام بتوجيهات الجيش اللّبنانيّ، مطالبةً الجيش الإسرائيليّ بتجنّب إطلاق النار على المدنيين. وذكّرت بأهمية التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، الذي يشمل انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان وضمان عودة المدنيين بسلام إلى مناطقهم.
وفي بيانٍ مشترك، أكدت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، يان كوبيتش، وقائد اليونيفيل، الجنرال أرولدو لاثارو، أن التطورات السياسية الأخيرة في لبنان، بما فيها انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة، تشكّل خطوات إيجابية لبناء الثقة بين الدولة والمواطنين. وأشار البيان إلى انخفاض مستويات العنف منذ بدء تنفيذ تفاهم وقف الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني 2024، ما سمح بعودة مئات الآلاف إلى قراهم. ومع ذلك، أكّد أن الظروف الحالية ليست مؤاتية لعودة آمنة إلى المناطق الحدودية، داعيًا الأطراف إلى الالتزام بالقرار 1701 وتجنّب الانتهاكات اليومية له. وختم البيان بدعوة جميع الأطراف إلى تجديد التزامها بالسلام والاستقرار، مع تأكيد الأمم المتحدة على استعدادها لدعم أي خطوات تساهم في إنهاء النزاع وبناء مستقبل آمن للبنان والمنطقة.ضحايا يوم العودةأما الحصيلة غير النهائية لضحايا النيران الإسرائيليّة على المدنيين والعسكريين اللبنانيين في المناطق الحدوديّة، وفق عمليات الطوارئ لوزارة الصحة العامة، جاءت كما يلي:
- عيترون: ثلاثة شهداء و12 جريحًا.
- بليدا: شهيد وجريحان.
- حولا: ثلاثة شهداء و14 جريحًا.
- مركبا: شهيدان و12 جريحًا.
- كفركلا: شهيد و15 جريحًا.
- ميس الجبل: سبعة جرحى.
- بني حيان: جريحان.
- مارون الراس: جريح.
- شقرا: جريح.
- دير ميماس: جريح.
- رب ثلاثين: جريح.
- الطيبة: جريحان.
- العديسة: ستة جرحى.
- يارون: سبعة جرحى.
وأعلنت قيادة الجيش اللبناني عن استشهاد أحد عناصرها وإصابة آخر في بلدة ميس الجبل نتيجة استهدافهما بإطلاق نار من قبل الجيش الإسرائيلي، في إطار اعتداءاته المستمرة على المواطنين وعناصر الجيش في المناطق الحدودية.
ولم تسلم الفرق الإعلاميّة الّتي واكبت دخول الأهالي إلى بلداتهم من الترهيب الإسرائيليّ، حيث أطلق جيش الاحتلال النار على فريق عمل قناة "أن بي أن" أثناء توجهه إلى بلدة ميس الجبل برفقة الأهالي، وتوافدت أنباء عن استهداف المراسلة جويل عون من فريق "روسيا اليوم" أثناء تغطيتهم واطلقت تجاههم القوات الاسرائيلية نيران قناصتها لثلاث مرات متتالية، فاجبرهم الجيش اللبناني على التراجع.
أما عن الذين اختطفهم الجيش الإسرائيليّ من المدنيين، فقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "في وقت سابق اليوم قامت قوات جيش الدفاع التي تعمل في منطقة جنوب لبنان بإطلاق النار بهدف إبعاد وازالة تهديدات في عدة مناطق تم رصد مشتبه فيهم يقتربون منها. كما تم اعتقال عدد من المشتبه فيهم في المنطقة بعد ان تحركوا بالقرب من القوات وشكلوا تهديدًا حقيقيًا حيث يتم التحقيق معهم في هذه الاثناء في الميدان. ينتشر جيش الدفاع في جنوب لبنان ويواصل العمل وفق التفاهمات بين إسرائيل ولبنان ويراقب محاولات حزب الله العودة إلى منطقة جنوب لبنان. سيعمل جيش الدفاع لإزالة اي تهديد على دولة إسرائيل وقوات جيش الدفاع".البلديات المُحرّرةوفي أولى البيانات لليوم، أعلنت بلدية كفرشوبا، في بيان "أنّه بعد الإتصالات التي اجريت مع الجيش اللبناني، بإمكان أهالي البلدة، إبتداءً من صباح غد الاثنين، العودة إلى منازلهم شرط الالتزام بعدم تجاوز حدود البلدة لجهات النجمة والعين والكروم والشميس والصوان وخلة شباط في الوقت الراهن، كما تذكر البلدية بالامتناع عن رفع الأعلام والصور الحزبية باستثناء العلم اللبناني".