يمكن تفنيد دفاع قناة "أم تي في" عن نفسها، بعد "طرد" الزميلة إلسي مفرج، إلى شقين. أولهما، تحريف بيان (ومقاصد) "تجمع نقابة الصحافة البديلة" لجهة اعتباره ضد القناة في تضامنه مع ثلاث صحافيات ومدوِّنات تم استدعاؤهن إلى "مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية". وثانيهما، الهجوم على التجمع زوراً، في عملية تضليل حوله، لجهة نسب قربه الى "حزب الله"، الى جانب الهجوم على المتضامنين في محاولة لاسكاتهم.فالتقرير الذي بثته "إم تي في" في نشرة أخبارها، مساء السبت، يشوبه الإجتزاء.
حرية التعبير أو التحريض على القتل؟https://t.co/KXVITFEa2v
— MTV Lebanon News (@MTVLebanonNews) January 25, 2025
ذلك أن بيان التجمع الرافض لاستدعاء ناشطين ومثولهم أمام الضابطة العدلية، درءاً لتكريس هذه المنهجية بدلاً من الاحتكام إلى محكمة المبطوعات، هو موقف مبدئي، بمعزل عن هوية الشخص وانتماءاته، ويُستدل الى ذلك بموقف النائب في "القوات اللبنانية" القاضي السابق جورج عقيص الذي أوضح أن الموقف مبدئي، ويستحق الدفاع عنه.
مع كل محبتي لمحطة Mtv وتقديري لجهودها في معارك الحرية والسيادة بحيث صارت مرادفاً في الوعي الجماعي لوجه لبنان الحر والسيد، ومع ادانتي لما تعرّضت له المحطة من تحريض وتشهير خلال الحرب الاخيرة،الا انني متضامن إلى أقصى حدّ مع الصحافية @emoufarrej السي مفرج في معركتها المبدئية حفاظاً…
— George Okais (@OkaisGeorge) January 25, 2025
المفاجئ في "تحريف المقاصد"، أن القناة، كانت في تجارب سابقة، رأس حربة في الدفاع عن الحريات ورفض مثول الناشطين والفنانين والصحافيين أمام الضابطة العدلية، عندما كان الاستدعاء يصدر عن جهة تعارضها القناة. وعليه، هل يصبح الاستدعاء في ملف غنى غندور وسحر غدار، قانونياً ومقبولاً؟بالتأكيد لا. بدليل تصريح محامي القناة، مارك حبقة، الذي نفى أي علاقة لها باستدعاء الناشطات، كون القضاء هو من اتخذ القرار. وفي هذا التصريح، تبرؤ من فعل غير قانوني، وغير مقبول في الأعراف الحقوقية، وتالياً، كان يستدعي رفضاً مبدئياً أيضاً من القناة، إذا كانت لا تكيل بمكيالين.. أو على الأقل، عدم توجيه اللوم الى "تجمع النقابة البديلة"، وعدم معاقبة منسقته، إتساقاً مع رفض هذا الإجراء القضائي غير المبرر!والدفاع عن الصحافيين، في المبدأ، هو أساس التجمّع الحقوقي، المدعوم من جهات دولية حقوقية، ويحظى بدعمها المعنوي، ومن بينها الاتحاد الأوروبي. وعليه، تصبح علامات الاستفهام التي أثارتها القناة حول علاقة التجمع مع "حزب الله"، مستحيلة، كذلك إثارة الشبهات حول تمويل التجمع، كما ورد في التقرير. وهي اسئلة يمكن التوصل الى إجابات عليها بسهولة، في حال كانت أسئلة صحافية لا تسعى لمجرد ضرب مصداقيته عندما تضاربت المصلحة معه!والتجمع، كما أي كيان حقوقي آخر في لبنان، معني بالدفاع عن الصحافيين وحرياتهم، يعزل بالمبدأ عمل الصحافيين المحترفين، عن الناشطين (ومن ضمنهم صحافيين) يخوضون معارك سياسية شخصية. فالكيانات الصحافية غير معنية بتلك المعارك إذا لم تكن متصلة بالعمل الصحافي. ولم يُسجل التجمع أي تضامن مع إعلامي من "حزب الله"، حتى لو تعرض لتهديدات مباشرة من خصومه. ذلك أن إعلاميي الحزب، بنظر الكيانات الحقوقية، جزء من مشروع سياسي... ولا داعي للتذكير بحياده، حين دخلت القناة في سجالات مع المتحدث باسم الحزب، الراحل محمد عفيف، على سبيل المثال لا الحصر، ما ينفي أي تهمة لانحياز التجمع لصالح الحزب.يذكّر التقرير الذي بثته "إم تي في"، بأزمة الإعلام اللبناني في مقاربة ملف الحريات. يحتاج لبنان الى قناعة بأن استدعاء الصحافيين الى المخافر وممقرات الجهزة الأمنية، خطأ يجب أن تتخلى عنه السلطات، كي لا يصبح رفع الشعارات الحقوقية أداة لاستهداف الخصوم فقط، ويشرّع الانتهاكات الحقوقية لمن يمتلك المصلحة والنفوذ.