2025- 01 - 27   |   بحث في الموقع  
logo ضغوط تطوّرات الجنوب ومطالب الكتل تدفع سلام لتجميد مشاوراته!.. عبدالكافي الصمد logo التحرير "باللحم الحيّ".. وحزب الله يعود إلى المعادلة الثلاثية logo تعاظم دور تركيا واستقواء إسرائيل: هل باتت المواجهة حتمية؟ logo الانقلاب على "الانقلاب": الزحف نحو الجنوب وفي شوارع بيروت logo الشرع يزور السعودية الأسبوع القادم.. ويلتقي قالن بدمشق logo استعصاء ملف قسد.. هل يتكرر السيناريو الليبي في سوريا؟ logo سوريا: مسح شامل للموظفين المسرحين قسرياً..لكن العودة ليست للجميع! logo عون يتابع اتصالاته وماكرون يطلب من نتنياهو الانسحاب
في الناقورة وعلما الشعب: الأرض لم تسلم من الخراب
2025-01-26 00:25:57


"كل شي مدمّر، الأرض مفلوحة"، هكذا تختصر كاملة سرور (85 عامًا) مشهد بلدة الناقورة، وهي تمسح دمعة هربت من عينيها وهي تحدّق في بقايا قريتها المدمّرة. الناقورة، تلك البلدة الجنوبية الساحلية الجميلة، أصبحت اليوم أطلالًا غير صالحة للسكن شاهدة على عنف الحرب الأخيرة.
‎كاملة، التي عاشت سنوات عمرها كلها في هذه البلدة، لا تكاد تصدّق ما تراه. تقول لـ"المدن": "لم يتركوا لنا شيئًا، حتى الأرض التي نزرعها، لم تسلم من الخراب". البنية التحتية للناقورة، كما يؤكد المطلعون في المنطقة، تعرضت لتدمير ممنهج يصعّب أي محاولات لإعادة الإعمار في المدى المنظور. الطرقات، شبكات المياه والكهرباء، وحتى الأبنية القديمة التي كانت رمزًا لصمود البلدة، أصبحت مجرد أنقاض.الناقورة منكوبة‎على مقربة من مقر اليونيفيل في الناقورة، تبدو البيوت للوهلة الأولى كما هي، إلا أن التقدم بضع خطوات يكشف حجم الدمار الهائل الذي لحق بالبلدة. منازل هجرت على عجل، تُركت فيها أثاثات مبعثرة، ملابس متناثرة، وكتب مهملة شاهدة على حياة انقطعت فجأة.‎في جولة ميدانية لـ"المدن"، التي واكبت عودة الأهالي لتفقّد منازلهم بعد تهجير قسري منذ بداية حرب الإسناد في 8 تشرين الأول، كانت المشاهد تفوق الوصف. الدمار لم يتوقف عند آثار القصف، بل امتد لما بعد وقف إطلاق النار.‎رئيس بلدية الناقورة، عباس عواضة، أكد في حديثه أن "الجيش الإسرائيلي دخل البلدة بعد وقف إطلاق النار وأمعن في تدمير المنازل"، موضحًا أنه "قبل وقف إطلاق النار، كانت نسبة الدمار تُقدّر بـ 35%، لكن بعد دخوله حيّز التنفيذ، ارتفعت النسبة إلى 90%".‎وأوضح عواضة أن هذا الدمار اللاحق لم يكن بفعل القصف فقط، بل جرى بشكل ممنهج عبر التفجير اليدوي واستخدام الجرافات، في خطوة تبدو وكأنها محاولة لطمس البلدة وتحويلها إلى أنقاض يصعب إحياؤها من جديد.‎بدورها، عبّرت يولا سيبليني، التي نزحت من الناقورة إلى صور، عن غضبها الشديد إزاء ما حلّ بمنزلها بعد سريان الهدنة ودخول قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى البلدة. تقول لـ"المدن": "منزلي دُمّر بالكامل بعد الهدنة، عندما أمعن الإسرائيلي في العبث بالبلدة نتيجة القرارات الدولية التي منحته الغطاء ليَسرَح ويمرح كما يشاء".‎بإصرار وحسرة تضيف: "أريد حقي. بيتي راح وشجراتي دُمّرت. نتنياهو يجب أن يُحاسَب، والقرارات الدولية هي التي دمّرت منزلي. كان متضررًا من الخارج فقط، وكان بإمكاني العودة إليه وترميمه والعيش فيه، لكن الإسرائيليين لم يتركوا شيئًا على حاله".زيتون الصمودوسط الدمار الذي خلّفته الحرب، سارع الأهالي الذين عادوا لتفقد بيوتهم إلى إنقاذ ما أمكن إنقاذه من بين الركام. البعض يجمع الصور العائلية والذكريات التي بقيت شاهدة على حياتهم السابقة، آخرون يحملون الملابس أو ما تبقى من أثاث، بينما يسترجع البعض المونة التي قد تكون سلمت من القصف.‎في مشهد مؤثر يعكس عمق التعلق بالأرض وتراثها، يظهر حسن مهدي، وهو يمسك بقرطاس زيتون ويحمله بين يديه كأنه كنز. يقول بتأثر: "ما بقالي شي من بيتي، إلا هالزيتونات. زيتون الجنوب بقي صامد، وآخدو معي".‎في الإطار عينه، شدد الأهالي على تمسكهم العميق بأرضهم وجذورهم، رغم كل الدمار الذي لحق بها. وبينما كان البعض يتفقد أنقاض منازلهم، عبّر أحد الحاضرين عن مشاعره قائلاً: "حابب نام هون، ببيتي متل ما هو".حرب لم نردهافي بلدة علما الشعب، البلدة المسيحية التي نالت نصيبها من القصف الإسرائيلي العنيف خلال الحرب الأخيرة، تحولت الكنيسة العريقة والحارة التاريخية التي تضم منازل يتجاوز عمرها 200 عام إلى ركام. على الرغم من الادعاءات الإسرائيلية المتكررة بأن القصف يستهدف مواقع تابعة لحزب الله، أكد سكان البلدة أن منطقتهم خالية تماماً من أي مراكز أو أسلحة.‎من بين سكان البلدة، نجمة فرح، التي تحدثت بمرارة عن الكارثة التي ألمّت بمسقط رأسها: " بلادنا مدمّرة ومتروكة. نحن لم نكن نريد أن نكون طرفاً في هذه الحرب". ‎وعن موقفها من الحرب وأسبابها، أضافت نجمة: "لا أحد يريد الحرب. نحن لسنا مسؤولين عن غزة حتى ندعمها. عندما وقع انفجار مرفأ بيروت، لم يلتفت إلينا أحد، وكذلك في حرب تموز. نحن لا نريد مساندة أحد، نحن نريد جيشاً قوياً، ودولة تجمعنا بالمحبة والسلام والوئام". وأشارت بطريقة غير مباشرة إلى تحميل المسؤولية لحزب الله قائلة: "هذه الحرب مخطط كبير، والجزء الأكبر منها بسبب من قرر مساندة غزة". لكنها تابعت بصوتٍ ملؤه اليأس: "لا أعتقد أن أحداً سيُحاسب على ما حدث".في الختام، وبين صمود يولا سيبليني التي دُمر منزلها، وإصرار نجمة فرح على العودة، يتّحد صوت أهل الجنوب -لو تفرقوا- ليؤكدوا تمسّكهم بأرضهم وديارهم رغم كل الدمار. بعزيمة لا تعرف الانكسار، يجددون العهد بالعودة، حاملين أملاً لا ينطفئ، مردّدين بصوت واحد: "أهل الجنوب ما بيكسرنا شيء، منرجع ورح نرجع، ورح نعمر أحسن ونزرع من جديد".


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top