على خلاف العواصف الطبيعية الكثيرة التي تضرب أميركا وتلحق بهاً أضراراً كبيرة، بلغت عاصمتها لأيام مضت عاصفة اختارتها هي بنفسها. "عاصفة ترامب" التي أطلقها الأميركيون ويمنون النفس بانها ستجرف كل ما يعيق "الحلم الأميركي" أن يتحقق. ويستنفر جوارهم ومعظم العالم كل قواه للتقليل من الأخطار التي تحملها هذه العاصفة. والبلد الذي يكاد يكون وحيداً ويعتبر نفسه خارج دائرة مخاطر "عاصفة ترامب"، إسرائيل نتنياهو، التي فرض عليها مبعوث ترامب "صفقة غزة" التي كادت تطيح بحكومة حربها فاستعاضت مؤقتاً عن غزة بالضفة الغربية لمواصلة قتل الفلسطينيين وتهجيرهم.في المقابلة التي أجراها مع شبكة فوكس نيوز الخميس 24 الجاري، استعرض ترامب المفاصل الرئيسية في سياسته الخارجية. وصرح خلالها أنه على استعداد للقاء طاغية كوريا الشمالية، لكن ليس القيادة الإيرانية الدينية. وقد نقلت معظم مواقع الإعلام الروسية أهم ما ذكره ترامب بشان الموقف من روسيا والصين وإيران. وفي تعليق صحيفة Kommersant الروسية الاتحادية على المقابلة، قالت بأن ترامب اعترف بحبه للشعبين الروسي والإيراني، لكنه لم يجد غضاضة في فرض عقوبات على موسكو وطهران. وفي رده على إشارة محدثه من القناة الأميركية بأن الولايات المتحدة تتخلف في تطوير بعض التكنولوجيات العسكرية، زعم ترامب بأن روسيا سرقت من بلاده مخططات إنشاء صواريخ فرط صوتية.في معرض حديثه عن منافسي الولايات المتحدة الرئيسيين في العالم، تحدث ترامب بإيجابية أكثر عن الصين وروسيا، أكثر مما إلى أيران التي وصفها بأنها " قصة مختلفة كلياً". ووصف زعيم كوريا الشمالية بأنه "صديق"، وقال بأن علاقته مع بوتين كانت جيدة. أما إيران "القصة المختلفة"، فهي موضوع ديني شديد الخطورة.
وأضاف ترامب، أن أكثر ما يريد الحصول عليه من طهران هو منع التهديد المتمثل في حصولها على الأسلحة النووية. وقال بأنه يريد أن يكون لدى الإيرانيين "بلد عظيم". وهو لايستبعد عقد صفقة نووية جديدة معهم، إلا أن نظام التحقق من تنفيذ الإلتزامات ينبغي أن يكون موضع ثقة، برأيه. موقع caliber.az الآذري نقل في 18 الجاري عن مرشح ترامب لتولي وزارة الخارجية الأميركية ماركو روبيو إستعراضه في كلمة أمام المشرعين الأميركيين لعدد من المقولات التي يمكن أن تقوم عليها السيياسة الخارجية. في مقدمة ما قاله بشأن إيران، تمييز الإدارة بين الشعب الإيراني ورجال الدين المتطرفين الذين يحكمون البلاد. وأشار روبيو إلى أن الإيرانيين هم شعب ذو حضارة وثقافة عريقة، في حين أن النظام الحالي لا يعبر عن قيمهم. ورأى الموقع أن قول روبيو هذا تقف وراءه احتجاجات الإيرانيين الحاشدة الرافضة لديكتاتورية رجال الدين، وكذلك عمل المعارضة الإيرانية الدؤوب في الخارج، والتي تتمتع بنفوذ على المسؤولين والعسكريين الأميركيين.
حسب الموقع، رأى روبيو أن إيران الآن في أضعف موقف لها خلال السنوات الأخيرة، وأشار إلى وجود مقاربتين داخل إيران للبحث عن مخرج من الأزمة. الأولى ترى أن البحث عن مخرج من الأزمة يكمن في المفاوضات مع الغرب. أما الثانية فتصر على الطموحات النووية لخلق تهديد للقوى الخارجية.القسم الأهم من كلمة روبيو أمام البرلمانيين الاميركيين تضمن التحذيرات التي وجهها إلى إيران. وأولها حين قال إن إيران لن تستطيع أن تكون دولة نووية، فالولايات المتحدة لن تسمح بأن تحوز طهران على إمكانية تهديد الولايات المتحدة واصدقائها في الشرق الأوسط.
التحذير الثاني يشير إلى أن سياسة التنازلات حيال إيران قد تخلق الظروف لإحياء حزب الله وتعزيز القوة العسكرية الإيرانية. والثالث أشار إلى التهديدات الفعلية الإيرانية مثل تنظيم محاولات اغتيال إيرانية لكبار المسؤولين الأميركيين.
وينقل الموقع عن Bloomberg إشارتها إلى وجود توافق داخل إدارة ترامب إلى العودة إلى سياسة "الضغط الأقصى" على إيران، وفرض مروحة واسعة من العقوبات فوراً بعد مراسم التنصيب. وتطال العقوبات بالدرجة الأولى، اللاعبين الكبار في حقل النفط، والتي قد تفرض في شباط/فبراير المقبل.وكالة تاس نقلت في 24 الجاري عن موقع Axios قوله إن مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف سيتولى مهمة التواصل مع إيران. وقال الموقع الأميركي أن قرار ترامب تكليف ويتكوف أمر العلاقات مع طهران، يشير إلى رغبة الرئيس في عقد صفقة نووية إيرانية جديدة قبل البحث في الوسائل العسكرية.
وأضاف الموقع قائلاً إنه خلال الجولة الثالثة من مفاوضات إيران مع الترويكا الأوروبية التي عقدت في 13 الجاري في جنيف، أعربت إيران عن استعدادها للعودة إلى مفاوضات الصفقة النووية، لكن ليس بشروط صفقة العام 2015. ونقل عن وزير الخارجية الإيراني تصريحه الأسبوع المنصرم، أن إيران ليست عازمة على التفاوض مع الولايات المتحدة، قبل أن تعود الأخيرة إلى الإلتزام بشروط الصفقة النووية السابقة.موقع Detaly الإسرائيلي الناطق بالروسية نقل في 21 الجاري عن صحيفة هآرتس نصاً ناقشت فيه كم سيطول "تأثير ترامب" (L"effet Trump) في الشرق الأوسط. قالت الصحيفة إن ترامب نجح بطغيان شخصيته في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل فعال. لكن هو وأنصاره مخطئون إذا اعتقدوا بأن وقف إطلاق النار قبل ساعات من بدء رئاسته رسمياً يعني أنه حقق هدفه. وترى الصحيفة أن الشرق الأوسط لا يزال في الواقع يتأرجح على حافة الهاوية، مع اشتعال الصراعات المختلفة واتفاقيات السلام الهشة المهددة بالانهيار. إن الطريق الذي يسلكه ترامب نحو تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وتوسيع اتفاقيات إبراهيم، والفوز بجائزة نوبل للسلام ليس نزهة، بل هو حقل ألغام.
يسمي كاتب النص Ben Samuels المعضلة الإيرانية "اللغز الإيراني"، ويقول إن ترامب، كما الإدارة الراحلة، يدرك الدور الاستفزازي الذي تلعبه إيران في المنطقة. ويقول إن بايدن، بدعمه للعمليات الإسرائيلية ضد حلفاء إيران، حكم على إيران بأضعف حالة لها منذ ثورتها. لكن، على الرغم من ذلك، يتعين على ترامب أن يتعامل مع إيران التي أصبحت أغنى مما كانت عليه قبل أربع سنوات، وأقرب بكثير من الإختراق النووي. وقد ساعدها خروج ترامب من الصفقة النووية على التخلص من القيود المفروضة عليها.
ويقول إن مسؤولي ترامب عن الأمن القومي والمالية، يتوقعون عودة قريبة إلى سياسة "الضغط الأقصى". أما المسؤولون الآخرون فيقفون مع توجيه ضربة عسكرية حاسمة لإيران، تحل مرة وإلى الأبد هذه المسألة. وتتجاوب هذه النظرة مع رأي نتنياهو ووزير القضايا الإستراتيجية رون ديرمر، اللذين كانا يرميان بالونات اختبار في المرحلة الانتقالية.
ينقل الكاتب عن أحد أعضاء مجلس الشيوخ قوله إن ثمة فرصة من تريليون بإضعاف البرنامج النووي الإيراني بمساعدة الديبلوماسية، ونسبة 90% لتدميره بواسطة العمليات العسكرية الإسرائيلية بمساعدة الولايات المتحدة. ويضيف الشيخ الأميركي أنه سيبحث مع ترامب مسأة اغتنام فرصة هشاشة الوضع الإيراني لتدمير النووي الإيراني، كمساعدة لإسرائيل في توجيه ضربة قاصمة للبرنامج النووي.المسؤول عن متابعة قضايا الشرق الأوسط في صحيفة NGالروسية Subbotin Igor كان قد نشر في 12 الجاري نصاً بشأن انتخاب الرئيس اللبناني جوزاف عون بعنوان "إنهم يلقحون لبنان ضد النفوذ الإيراني". تواصلت معه "المدن" وسألته عن طول مدة فعالية هذا اللقاح برأيه. رأى Subbotin أن إيران ستحاول في فترة ما أن تستعيد نفوذها في مختلف مناطق الشرق الأوسط. وهذه المحاولات ستنشط في حال تمكنت طهران من الاتفاق مع واشنطن على "صفقة كبيرة" تحدد مناطق النفوذ. وإذا كانت شروط الصفقة لا تناسب إيران،، فسوف يستمر الصراع، وستبحث إيران عن إمكانية للثأر. وحزب الله بقي لمدة طويلة يحصل على المساعدات الإيرانية، وسيكون من الصعب قطع هذه العلاقة.