2025- 01 - 24   |   بحث في الموقع  
logo جعجع: لا نمانع في تولي شيعي حقيبة المالية.. بشرط! logo الخارج يتدخّل لإزالة “الألغام” من أمام حكومة نوّاف سلام؟!.. عبدالكافي الصمد logo شروط ومطالب وتعقيدات تعيق تشكيل الحكومة!.. حسناء سعادة logo "إميليا بيريز" يتصدر سباق الأوسكار بـ13 ترشيحاً logo بحضور راعي الطائف: مطلب برّي بـ"المالية" ممر لتعديل الدستور! logo جنين: من السور الواقي إلى السور الحديدي logo نجيب ميقاتي من لاعب الوسط إلى كابتن احتياط logo إبطال التعميم 151: هل سيتمكّن المودعون من استرجاع أموالهم؟
جنين: من السور الواقي إلى السور الحديدي
2025-01-24 00:25:45


أطلقت إسرائيل الثلاثاء، عملية أسمتها "السور الحديدي" ضد مدينة جنين ومخيمها وقضائها بغرض القضاء على مجموعات المقاومة فيها. بدت العملية استعراضية وسياسية إلى حد كبير ومن دون هدف عسكري واضح، لتزامنها مع وقف إطلاق النار المؤقت في غزة، خصوصاً مع توسيع أهداف الحرب الإسرائيلية لتشمل فرض الأمن بالضفة الغربية. وهو مصطلح فضفاض وهدف حزبي أيضاً، سعى أساساً إلى إبقاء زعيم حزب الصهيونية الدينية وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وإغرائه لعدم مغادرة الحكومة، وبالتالي سقوطها، خصوصاً مع مغادرة زميله وحليفه زعيم حزب القوة اليهودية وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير لها. وبالعموم وكما العملية المماثلة قبل أكثر من عقدين، تبدو إسرائيل مستلبة لقاعدة إن ما لم يتحقق بالقوة يتحقق بالمزيد منها، علماً أن الاستلاب للخيار العسكري، لن يجبر الشعب الفلسطيني على الاستسلام حتى مع تحقيق إنجازات عسكرية دموية وتكتيكية، تبدو قاصرة عن فرض الهزيمة عليه أو شطب القضية الفلسطينية العادلة عن جدول الأعمال الإقليمي والدولي.
إذن، أطلقت إسرائيل الثلاثاء الماضي، ما أسمتها عملية "السور الحديدي" ضد محافظة جنين ومخيمها بغرض القضاء على مجموعات المقاومة فيها.
بدت العملية سياسية واستعراضية إلى حد كبير، وكالعادة مع إطلاق اسم لافت عليها هو "السور الحديدي"، مستنسخ حرفياً تقريباً من شعار منظر اليمين ومرشده زئيف جاوبوتنسكي معلم عائلة نتنياهو الأب "بن صهيون" والابن "بنيامين"، والهدف كان بناء السور الفولاذي، ولكن نفسياً ومعنوياً تجاه الأعداء العرب لإقناعهم باستحالة التحدي، ناهيك عن تحرير فلسطين وهزيمة إسرائيل. ومن هنا بدا الاسم الأخير للعملية في جنين، ليس فقط عودة للبدايات، لشد العصب وما تسميها الدولة العبرية حرب الاستقلال - يكثر نتنياهو من استخدام المصطلح – ولكن في السياق أيضاً، إرضاء اليمين المتطرف والغاضب من وقف إطلاق النار المؤقت في غزة، والمطالب والمدافع عن حرب أبدية فيها وحتى عودة الاستيطان إليها.
واستطراداً، جرت إضافة هدف فرض الأمن في الضفة الغربية إلى أهداف الحرب الأربعة الأخرى المتمثلة باستعادة الأسرى، وإزاحة حماس من السلطة في غزة، بحيث لا تشكّل أي تهديد أو خطر على الدولة العبرية، وعودة المستوطنين إلى شمال فلسطين.
في السياق الحزبي الداخلي أيضاً، بدت العملية إغراءً لسموتريتتس للبقاء في الحكومة وعدم الاستقالة والانسحاب منها، ما يعني سقوطها على خلفية اتفاق وقف النار المؤقت بغزة، خصوصاً بعد مغادرة زميله بن غفير وبقاء الائتلاف الحكومي هشّاً من 62 مقعداً برلمانياً، علماً أن ما أنقذه من التفكك انضمام الليكودي السابق زعيم حزب أمل جديد جدعون ساعر إليه، وهو ما اعتبره الوزير السابق حاييم رامون -وعن حق- التطور السياسي الأهم بالدولة العبرية خلال العام الماضي، أي منذ بداية الحرب أكتوبر 2023، وهو ما أضعف المعارضة وأعطى جرعة أوكسجين لنتنياهو وحكومته التي كانت ستسقط حتماً في حال مغادرة بن غفير وعدم انضمام ساعر إليها.
في ما يخص إنهاء الحرب بغزة، فقد أكدت العملية الجارية في جنين مرة أخرى-ليست أخيرة- استلاب الدولة العبرية الدائم إلى القوة والعيش على حد السيف، ولا يريد الجيش أن يبقى عاطلاً عن العمل بعد اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت في غزة بظل صعوبة العودة للحرب الموسعة والممتدة هناك، حتى لو سعى نتنياهو ومتطرفوه إلى عكس ذلك.
ومن هذه الزاوية تمكن قراءة ما كتبته صحيفة معاريف العبرية أيضاً الأربعاء، عن كون العملية في جنين استعداداً لصفقة التبادل والإفراج عن الأسرى القادة تحديداً زكريا الزبيدي باعتباره أحد رموز العمل الوطني المقاوم هناك.
وفي سياقها السياسي أكدت العملية الراهنة، سعي إسرائيل المستمر إلى إضعاف السلطة الفلسطينية ودق إسفين بينها وبين مواطنيها والدول العربية والمجتمع الدولي، وإيصال الرسائل لهم بعجزها وضعفها، وأنها غير ذات صلة، وذلك لقطع الطريق على الدعوات لسيطرتها على غزة وإنهاء الانقسام، وإعادة توحيدها مع الضفة ضمن أفق مسار سياسي لا رجعة عنه نحو الدولة الفلسطينية، وهو ما يرفضه نتنياهو ويفسّر من جهة أسباب نقل الحرب إلى الضفة. ومن جهة أخرى تعمد إطالة أمدها في غزة، ورفض أي حل سياسي أو تقديم التصوّر الإسرائيلي لليوم التالي لها، في ظل إصرار فلسطيني عربي مدعوم دولياً، على سيطرة السلطة بعد إصلاحها وبشكل توافقي، للقيام بمهامها وواجباتها في غزة والضفة كوحدة واحدة على طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة.
من هنا يمكن أيضاً فهم سعى نتنياهو المستمر والاستراتيجي إلى إضعاف وإهانة وتهميش وتحجيم السلطة ضمن تحويها إلى إدارة ذاتية خاضعة للهيمنة الإسرائيلية، والتشكيك بقدرتها على تمثيل الفلسطينيين وجدارتها لقيادتهم نحو الدولة المستقلة، وفي السياق الخروج من مسار مدريد- أوسلو وعملية التسوية برمتها "على علاتها" وتحويل المؤقت فيها إلى نهائي.
وفي ما يتعلق بجنين المخيم المدينة والمحافظة كلها بريفها وقضائها وقراها، فإن اسم العملية "كما هي برمتها"، يعيدنا عقدين تقريباً إلى الوراء أي إلى عملية السور الواقي 2002 التي دمرت المخيم، وقضت على مجموعات المقاومة هناك، من دون أن تقضي على الفكرة ذاتها، ولا طموحات وآمال الفلسطينيين في التخلص من الاحتلال.
وبالعموم أظهرت العملية الراهنة وسابقاتها، إنه وفي غياب الحل السياسي العادل والشامل والمستدام، لن تستطيع إسرائيل فرض إرادتها أو إزاحة القضية عن جدول الأعمال أو النيل من طموحات الفلسطينيين وإرادتهم، حتى لو قضت على مجموعات المقاومة والكفاح المسلح كهدف معلن للعملية، وهذا ما يجب أن ننتبه إليه وفهمه جيداً لجهة إن فضاء المقاومة رحب جداً وبأشكال ومستويات متعددة سياسية واقتصادية واجتماعية وإعلامية وميدانية، ولن تستطيع إسرائيل القضاء عليها أو قتل الرواية الفلسطينية العادلة، وتبني وتأييد العالم لها ضد آخر استعمار واحتلال في العصر الحديث.
مع ضرورة الانتباه كذلك إلى أن إبادة غزة وتدميرها لن تزيلها ولن تشطب القضية عن جدول الأعمال، بل على العكس ستكرّس وتعمّق القناعة باستحالة تجاوزها، وحقيقة أن لا سلام أو أمن واستقرار في المنطقة من دون حلّها حلاًّ عادلاً يرتضيه أصحابها وممثلوها الشرعيون.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top