2025- 01 - 24   |   بحث في الموقع  
logo جعجع: لا نمانع في تولي شيعي حقيبة المالية.. بشرط! logo الخارج يتدخّل لإزالة “الألغام” من أمام حكومة نوّاف سلام؟!.. عبدالكافي الصمد logo شروط ومطالب وتعقيدات تعيق تشكيل الحكومة!.. حسناء سعادة logo "إميليا بيريز" يتصدر سباق الأوسكار بـ13 ترشيحاً logo بحضور راعي الطائف: مطلب برّي بـ"المالية" ممر لتعديل الدستور! logo جنين: من السور الواقي إلى السور الحديدي logo نجيب ميقاتي من لاعب الوسط إلى كابتن احتياط logo إبطال التعميم 151: هل سيتمكّن المودعون من استرجاع أموالهم؟
نجيب ميقاتي من لاعب الوسط إلى كابتن احتياط
2025-01-24 00:25:45

لم يكن موفقاً الرئيس نجيب ميقاتي، في العبارة التي صدرت عنه حين زاره الرئيس المكلف الدكتور نواف سلام، في منزله، إثر تكليفه، من ضمن الزيارات البروتوكولية. إذ حين سئل عن الفرق بينه وبين الرئيس المكلف، رد مبتسماً "الفرق متر طول". وقد اعتبر كثر أن هذه العبارة أتت "واقفة" كما يقال بالعامية.
ومن المعروف، أن مؤسس التحليل النفسي سيغموند فرويد، قد رد الكلمات والعبارات التي تصدر بشكل عفوي عن أغلب البشر، بأنها تعكس حالة اللاشعور الذي يضمره العقل الباطني للفرد.لكن الرئيس ميقاتي الذي سبقه اللاشعور، إثر استقباله الرئيس المكلف، والفائز عليه بالاستشارات النيابية الملزمة، عاد وتحدث بوضوح وصراحة خلال حديثه التلفزيوني مع محطة (أل بي سي) بجرعة مطعمة بالإيحاء والرسائل المكثفة، حين قال: "طلبت من الكتل السنية أن تُعطي الرئيس نواف سلام في إثنين الاستشارات لكي نوفر له غطاءً سُنّياً. كذلك، فإنَّ السعودية مهتمة جداً بلبنان واستقراره وازدهاره"!
بعد أن كان قال في المقابلة نفسها: "اتصلت بالرئيس سلام خلال الاستشارات النيابية وباركت له"!
في الواقع، فإن أسلوب وكلمات الرئيس ميقاتي، هي في أغلب الأحيان تأتي بعيدة عن الحدة، بل أنه امتاز بأسلوب محدد ودبلوماسي، يعتمد الإيماء والإيحاء، والتلميح أكثر ما يعتمد المباشرة والتهجم والكلام الجارح، حتى في أصعب الظروف.
والدليل، أنه نجح في تمرير أصعب مرحلة مر بها لبنان، وعلى وجه الخصوص مرحلة التعاطي مع الرئيس السابق، "بيّ" ومخيب الكل، ميشال عون، الذي أعلن بنفسه دخول لبنان إلى جهنم.يمكن القول إن الرئيس ميقاتي، يجب أن ينال تنويهاً متقدماً، لنجاحه في التعاطي بمرونة وكبر عقل، ويقظة مسبقة، مع العهد السابق واستيعابه، وتمرير المرحلة الماضية بأقل الخسائر، التي كان من الممكن أن تصيب الدولة والمؤسسات، وبأقل الأضرار الممكنة.
إذ بمجرد التفكير بالممارسات الكيدية الجنونية، غير المعتادة التي كانت تصدر عن رئيس الجمهورية، وصهره المتحكم بمفاصل وأنفاس العهد، لأدركنا حجم النجاح الذي حققه الميقاتي في تمرير وتجاوز تلك المرحلة السوداء والمظلمة.
كان الميقاتي، مستوعباً للحالة الماثلة أمامه، من دون تنظير أو ادعاء. وذلك نتيجة التجارب الكيدية السابقة التي تعرض لها الرئيس سعد الحريري وغيره، وخصوصاً في فترة الأزمات، وبالتالي كان متحسباً سلفاً، إلى طريقة التعاطي، وطبيعة الأفخاخ المنصوبة والمعدة للإطباق عليه، والانفجار في البلاد والمؤسسات، التي لا يمكن أن تدار بعقلية الكيد، والنكايات والتعنت.اعتقد غلاة العهد السابق وحرسه القديم والجديد، أن مهمة رئيس الجمهورية إعادة تربية وتأديب رئيس الحكومة وتكسير رأسه، والانتقام من التاريخ وإعادته إلى الخلف، من دون التوقف أمام النتائج على البلاد ومصالح المواطنين. حتى انفجرت الكارثة التي حلت بلبنان، فهشمت وعطلت المؤسسات، وأدت إلى انهيار الاقتصاد وانكشاف التدهور المالي، وحلت العتمة بدل نور وطاقة الكهرباء وتبخرت آمال النفط، والوعود الدونكيشتية، وغرق لبنان بأزمة استدعت وصاية عربية دولية لانتشاله منها.
في كل هذه اللجة، كان الميقاتي واعياً ومدركاً للعقلية المتحكمة الموجودة في قصر بعبدا، فتصرف بتحسب، للافلات منها والتخفيف من خسائرها وأضرارها قدر الإمكان.
في المقابل ظُلم الرئيس ميقاتي في تقييم ومحاكمة العلاقة بينه وبين الرئيس نبيه برّي و"الثنائي الوطني"، الذي كان متحكماً بالقرارات والأوضاع وخصوصاً خلال الفترة الماضية وطريقة التعاطي خلال العدوان الإسرائيلي.
إذ في كل خطوة كان يقدم عليها، كانت تقارن تصرفاته ومواقفه مع مواقف الرئيس فؤاد السنيورة، حين اندلع النزاع والمواجهة بين الطرفين خلال رئاسة الأخير للحكومة الأولى والثانية.كثر، عادوا إلى مقارنة مع المرحلة الماضية، وكيف تصدى السنيورة لممارسات ومواقف حزب الله وبعض التجاوزات ومحاولات التشبيح.
لكن هؤلاء، لم ينتبهوا أن الظروف والموازين كانت قد تغيرت كلياً عن السابق، عبر خروج عنصرين مهمين من المعادلة.
الأول، أن الرئيس السنيورة، خلال مواجهته لمواقف وتصرفات الثنائي، كان مدعوماً ومؤيداً، من قوى تحالف 14 آذار شعبياً وسياسياً.
أما الرئيس ميقاتي، فلم يكن معه أي طرف سياسي داعم، فكان عليه أن يدبر رأسه بنفسه ويقلع شوكه بيديه.
كما أن السنيورة، في فترة المواجهة السابقة، مع طرفي الثنائي، كان يحمل هم وهدف انشاء واطلاق عمل المحكمة الدولية للتحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري، وبالتالي فقد كانت المواجهة عنيفة وقاسية، لتمرير هذا الهدف، أي إنشاء المحكمة، والذي تحول مهمة شخصية للسنيورة، ووعد لتحقيق المحكمة لاستعادة حق صديقه، الذي استشهد وقتل غيلة بتفجير طن من المتفجرات، إضافة الى استعادة حق باقي الشهداء الذين تعرضوا للاغتيال.
لهذه الأسباب كلها، كان تعاطي الميقاتي مع الثنائي مختلفاً عن تعاطي السنيورة. فمن جهة كان مكشوف الظهر سياسياً، كما انه لم يكن راغباً في مواجهة مع القوى المسيطرة الموجودة وما ترتبه من أكلاف، ومفضلاً عدم المجابهة. لذلك ركز عمله على تمرير المرحلة بأقل الخسائر بالنسبة له وللبلاد، على أن تكون النتائج من مسؤولية من قرر الحرب من دون العودة إلى الحكومة أو الشعب اللبناني. في الأساس، إن طريقة ممارسة الميقاتي للسياسة والمسؤولية مختلفة عن غيره من الساسة. فهو قد دخل الحلبة السياسية بذهنية رجل أعمال لإدارة الشأن العام، من دون التمترس خلف مواقف حادة، على قاعدة تيسير الأمور وتأمين الخدمة للناس والدولة ولأعماله، متمسكاً بما يسمى نهج ومنهج وسطية الإسلام، وأهل السنة، أبناء المدن.
الميقاتي كثير الحرص على عدم إغضاب أحد من الأطراف، على أساس أن ينصرف لتأمين أعماله ومصالحه من دون شوشرة، وبأقل قدر من الخسائر، والسماح للآخرين بالعمل.
ولهذه الاسباب نجح في تحقيق ثروة معتبرة، فيما تصنفه وسائل إعلام متخصصة في صدارة اغنياء لبنان. وقد طرحت حول بعض ممارساته علامات استفهام وأسئلة متعددة، لكنه لم يثبت أنه خالف القانون.نجح الميقاتي في أن يرضي كل الأطراف، ولا يغضب أحداً، فلم يترشح للانتخابات النيابية حتى لا يثير أو ينافس أي طرف.
وصل الأمر أن أغلبية أطراف الدولة باتت لا تخاصمه. فعلى سبيل المثال، فإن النائب بلال الحشيمي المقرب من الرئيس فؤاد السنيورة، أيده لرئاسة الحكومة. في المقابل، تردد أن النائب بهية الحريري كانت تنصح من تتحدث معه من النواب بتسميته هو، لا أي مرشح آخر، إلى حين اتساع موجة تسمية نواف سلام التي حسمت معركة التسمية وخرج الأمر من يد كثر.
في بداية ادواره السياسية، بدأ مهامه كلاعب وسط، في وزارة تقنية وشركة صغيرة، واستكمل هذا الدور بعد اغتيال رفيق الحريري، وانتقل بعد فشل تجربة سعد الحريري إلى لعبة حفظ التوازن، وتخفيف الأضرار، على قاعدة "دعه يعمل دعه يمر"، وانتقل الآن إلى ضفة نهر الرئيس السابق للحكومة، والتفرغ لأعماله ودوره، كابتن فريق بانتظار مباراة مقبلة غب الطلب.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top