قلّل خبراء اقتصاديون من فاعلية قرار المصرف المركزي السوري، تجميد الحسابات المصرفية للأفراد والشركات العائدة للنظام السوري المخلوع ومجموعة "القاطرجي" والشركات المرتبطة بها، مؤكدين لـ"المدن" أنه رغم ضرورة القرار إلا أنه "عديم الجدوى"، بسبب نقل النظام المخلوع الأموال إلى خارج البلاد.
وكان المصرف قد طالب كل المصارف والمؤسسات المالية العاملة في البلاد، بطلب موافقته قبل تحريك حساب أي جهة تتبع للنظام المخلوع، مؤكداً في قرار موقع من ميساء صابرين، الحاكم المكلف بتسيير الأعمال، أنه قرر تجميد كل الحسابات التي تعود للنظام والقاطرجي.
القاطرجي القابضة
ومنذ سقوط النظام، ومصير هذه الشركات كان محط تساؤل واسع، ويأتي قرار تجميد الحسابات من المصرف ليكشف عن مصير يبدو أنه بات حتمياً، وهو "عودة هذه الأموال للدولة"، كما يؤكد الباحث الاقتصادي منذر محمد لـ"المدن".
ويرى محمد أن تجميد حسابات القاطرجي، مقدمة لإعلان الدولة وضع يدها على أموال وأصول مجموعة القاطرجي، التي أثريت على حساب فقر السوريين. ويقول إن "مجموعة القاطرجي" جمعت ثروات طائلة نتيجة الفساد والتجارة غير الشرعية، وقرار التجميد هنا يعني بداية التحقيق بهذه الأموال.
وسبق قرار المصرف تسريبات عن مفاوضات بين حكومة دمشق و"مجموعة القاطرجي القابضة"، التي تعمل في قطاعات عديدة من النفط إلى العقارات والزراعة والسياحة والتجارة والأعمال الهندسية، ليبدو وكأن المفاوضات قد انتهت إلى الفشل.
وكانت حكومة دمشق قد وصفت شركات القاطرجي بـ"المشبوهة"، "وقالت إن شركات القاطرجي وغيرها من الشركات التي كانت تعمل مع رأس النظام هي محل "نظر قانوني".
وتمكنت مجموعة القاطرجي من بناء ثروات ضخمة خلال فترة الثورة السورية، بحيث وظفت العائلة المالكة النفوذ الذي منحه النظام لها، للاستحواذ على تجارة النفط بين مناطق النفوذ السوري المختلفة سابقاً، فضلاً عن تجارة القمح والعملات وغيرها.
وتمتلك المجموعة الخاضعة للعقوبات الأميركية، عدداً ضخماً من المشاريع في غالبية المحافظات السورية، خصوصاً في حلب، وتوصف بأنها "واجهة" لعائلة الأسد، وتحديداً لأسماء زوجة الأخرس رئيس النظام البائد بشار الأسد.
فاعلية محدودة
ويقول الخبير الاقتصادي يحيى السيد عمر إن تجميد أي حسابات مالية لأفراد أو شركات هو إجراء قانوني، يُقصد به منع التصرف بالودائع لحين البت بها، بمعنى أن تجميد حسابات القاطرجي وغيره من المقربين من النظام لا يعني مصادرة هذه الأرصدة، بل تجميدها ومنع التصرف بها لحين الانتهاء من البحث والتقصي والتحقيق.
ويضيف السيد عمر لـ"المدن"، أنه "بعدها يتم القرار النهائي إما بالمصادرة والإيداع في الخزينة العامة أو الإفراج عنها". وحولل التهم التي استند إليها المصرف المركزي في قراره، يوضح أن الخطوة الحكومية استندت إلى "الشبهة" حول القاطرجي وغيره من الشخصيات المقربة من النظام، ولذلك لا بد من تجميد الأرصدة والبدء بالتحقيق.
لكن مع ذلك، لا بد من التأكيد، من وجهة نظر السيد عمر، على أن القرارات هذه بدون "فاعلية كبيرة"، مفسراً ذلك بـ"قيام القاطرجي وغيره من أعوان النظام المخلوع، بتهريب أموالهم باستمرار إلى خارج البلاد، وهذه العملية تسارعت قبل سقوط النظام بأيام، فقد تم نقل غالبية الأموال لا سيما الدولار"، مختتماً بقوله: "الأثر الحقيقي لهذا القرار منخفض نسبياً، لكنه يعد ضرورياً خاصة من الناحية القانونية".