2025- 01 - 23   |   بحث في الموقع  
logo ميقاتي خلال لقائه وزير الخارجية السعودي: نتطلع تأمل الى احتضان المملكة لبنان ودعمه في كل المجالات logo شو الوضع؟ صفحة جديدة للعلاقات السعودية - اللبنانية مع زيارة بن فرحان... والحكومة تتقلّب على نار الشروط logo بشأن اتفاق وقف النار مع “الحزب”.. هذا ما أعلنته الحكومة الإسرائيلية logo سوريا تعيد فتح أبوابها للبنانيين بشروط صارمة logo برعاية رئيس الجمهورية.. “بيروت ماراتون” تكشف عن حدث وطني في هذا الموعد logo المرتضى التقى سفيرة أوبرا العرب واشاد بمشروع تاريخ البشر في الحجر logo ما جديد ملف العفو العام؟ logo وزير البيئة: شكرا لكل مَن عمل مع لجنة الطوارئ الحكومية
إزالة التناقضات...المرحلة الانتقالية الحالية في سوريا
2025-01-23 13:25:51

قال السياسي المعارض ميشيل كيلو في حديث له العام 2013 أن الانتقال إلى الدولة الديموقراطية لن يكون سهلاً ولا سريعاً، كما قد يعتقد البعض. ويسمي المرحلة الأولى من هذا الانتقال، بعد سقوط الاستبداد الذي وافته المنية قبل أن يكحل عينيه به، يسميها إزالة التناقضات بين القوى الثورية والسياسية ومكونات المجتمع السوري. ويعرّف كيلو نفسه السياسة بأنها "إخراج العنف من السياق العام في المجتمع" بينما يرى أن ما سعى إليه "البعث" خلال فترة حكمه الطويل في سوريا هو عكس ذلك تماماً.
بالعودة إلى سمة المرحلة الانتقالية الحالية وهي إزالة التناقضات، سأركز في هذا المقال على نوعين من التناقضات فقط:أولاً، تناقضات الهوية، وهي طاغية الآن في الساحة السورية. فمكونات المجتمع بكل أطيافها عانت لعقود من تهميش وطمس الهويات تحت نظام الأسد. أما اليوم فالنقيض يولّد النقيض حيث يتمترس الجميع حول الهوية الخاصة وينفخ فيها ويعيد انتاج خطابات عرقية من خلال فضاء الحرية الجديد غير المألوف سابقاً.
إن عملية إزالة التناقضات تبدأ من خلال الاحتكاك بين مكونات المجتمع السوري والتعارف والتلاقي. الكشف عن حضارة وتاريخ القوميات والشعوب في سوريا لا يجب أن يبقى أسيراً للكتب والمطبوعات، بل أن تدبتحول إلى واقع معاش.
لطالما اطلق النظام السابق شعارات مثل "سوريا مهد الحضارات" لكنه، من جهة أخرى، قام بإفراغها من مضمونها حيث عاش آلاف الأكراد مثلاً دون جواز سفر أو هوية مدنية سوريا. والواقع على الأرض مخالف لما يسوّق له فقد تجد إنساناً سورياً يبلغ من العمر كثيراً لم يصادف في حياته سورياً كردياً أو درزياً. ولا يعرف لا عن الكردية ولا الدرزية، على سبيل المثال، اي شيء، أو أنه يعرف أشياء مغلوطة، وهذا أنكى وأخطر. يجب أن تتنفس هذا القوميات هواءً نقياً فتعبر عن نفسها للعلن، ويشارك الآخرون في عملية التعارف والتلاقح الحضاري والثقافي والاجتماعي.
ثم يأتي لاحقاً دور الدستور الجديد الذي تقع عليه مسؤولية احترام واستيعاب كل الهويات المتنوعة في سوريا من جهة، دون أن تتحول سوريا إلى كانتونات عرقية أو دينية، بل إلى حديقة جميلة ملونة ومثمرة.ثانياً، التناقضات الدينية. وينطبق ما رود أعلاه على ما يأتي هنا، مع وجود خطر أكبر يلف عملية إزالة التناقضات وهو بروز الطائفية. والطائفية سرطان ينتشر بسرعة كبيرة في أنحاء الجسم. إن الأنشطة الدعوية التي لم يعتد السوريون على رؤيتها في الأماكن العامة، وحتى مرافق الدولة، كما يرونها الآن، هي ليست أمراً غريباً عن كل الدول الديموقراطية في أوروبا وأميركا، لكنها خاضعة لمعايير محددة تضمن عدم المساس بحرية الآخرين. ولا أعتقد أن حركات التبشيرية البروتستانتية سوف تتأخر كثيراً في ممارسة النوع نفسه من العمل الديني في الأماكن العامة. ثمة خوف طبعاً من أن يصل الأمر إلى الصداع العنفي بين هذه الحركات الإسلامية أو المسيحية مع الشارع.
مهما يكن الأمر، فإن نجاح محاولة إزالة التناقضات الدينية بين السوريين لن يكون الا بإزالة مسببات العنف من الشارع قبل أن يقع. وقد تغذي هذه المظاهر الدعوية في بدايتها الشعور الطائفي، خصوصاً أن الحالة الأمنية السائدة هشة جداً.
إن الطائفية في شكلها العام هي حالة سياسية اكثر منها دينية. وعليه، فإن إزالتها من السياق لا يتم إلا بوجود دولة مدنية قائم على التنوع يشعر فيها كل انسان سوري أنه مواطن كامل الحقوق بصرف النظر عن عرقه ودينه وجنسه.
غنيٌ عن القول أيضاً، أن ما يغذي الطائفية ليس تفسير النصوص الدينية فقط، بل سلوك الدولة في مجال العدالة الاجتماعية والاقتصادية. ان الاختلاف الديني أو العرقي ليس خطراً على الدولة إلا عندما يتحول إلى معارك تلغي الآخر وتقصيه أو عندما تهتز العدالة الاجتماعية وتصبح التنمية مناطقية ومتناقضة.
أخيراً، التحول الديموقراطي ليس عملية سهلة، هذا ما قاله الفلاسفة منذ زمن اليونان القديمة، ويحتاج إلى مراحل تسبقه وأخرى تليه. لكن الخوف الأكبر هو أن نعود في البلاد العربية إلى ما قاله يوماً المفكر محمد عبده: لا يُصلح الشرقَ إلا مستبدٌ عادل!


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top