2025- 01 - 23   |   بحث في الموقع  
logo بشأن اتفاق وقف النار مع “الحزب”.. هذا ما أعلنته الحكومة الإسرائيلية logo سوريا تعيد فتح أبوابها للبنانيين بشروط صارمة logo برعاية رئيس الجمهورية.. “بيروت ماراتون” تكشف عن حدث وطني في هذا الموعد logo المرتضى التقى سفيرة أوبرا العرب واشاد بمشروع تاريخ البشر في الحجر logo ما جديد ملف العفو العام؟ logo وزير البيئة: شكرا لكل مَن عمل مع لجنة الطوارئ الحكومية logo ميقاتي التقى وزير الخارجية السعودي في السراي logo شيخ العقل عزى بوالدة الأمير الوليد بن طلال والتقى كفوري
التفاؤل اللبناني الذي يخيفني
2025-01-23 12:56:02

التفاؤل الذي يخيم على لبنان يخيفني. أثناء الحرب الأخيرة كنت مؤمناً أن حزب الله إذا انتصر (ومعيار "الانتصار" مجرد نجاة)، فسيستفحل في البطش السياسي والتسلط. وإذا انهزم، فسيحملنا المسؤولية وينتقم منا شر انتقام. أي أنه في الحالتين، سيستأنف تدميره الممنهج لدولة لبنان ومؤسساته، ويستجلب المزيد من التعفن في الجسم الاجتماعي، ومن التهالك الاقتصادي والإفقار والعزلة، ومن تهافت السياسة واستتباب اليأس وانسداد الأفق. كنا أثناء الحرب نستعد لدفع الثمن فور انتهائها مهما كانت نتيجتها.بعد اتفاق وقف إطلاق النار، الأسوأ من اتفاقية 17 أيار 1983 (صيتها السيء يحتاج لمراجعة)، بدا حزب الله لأول مرة في تاريخه منكسراً وتائهاً وضعيفاً، فلم يرتد من الجبهة إلى الداخل كما كان يفعل سابقاً. بدا أن انتقامه أو استثمار البطولات والدم في المزيد من الاستقواء، مؤجل.. طالما أن "القيادة" تائهة وواهنة، وقاعدته الشعبية متعبة ومثخنة بالجراح، وجسمه العسكري مفكك.وإذ كنا على امتداد عشرين عاماً بالضبط (أي منذ انتفاضة الاستقلال 2005) نحمل تصوراً ومشروعاً سياسياً، يمكن اختصاره بكلمتي "الطائف" و"الدستور"، حال دونهما مشروع دويلة حزب الله، بالعنف والقوة الفائضة، فإن مسلسل "انتصارات" الحزب علينا وآخرها بُعيد انفجار المرفأ وإخماد عامية 17 تشرين، جعلنا مطواعين على نحو مثير للشفقة، رغم بقاء صرخاتنا وتذمراتنا عالقة في الهواء التلفزيوني، وما بين سطور الصحف.
وفي الأثناء، راحت طوائف وجماعات تبحث في الانفصال مثلاً، وأخرى تطور تقنيات التقية والتكيف، واستراتيجية الصبر والانتظار.. بالتلازم مع هجرة واسعة لأفضل النخب والعقول كنزيف قاتل للرأسمال البشري.أيضاً، في الأثناء، أرسى ما يسمى "الثنائي الشيعي" جملة أعراف ومفاهيم لا دستورية، وثبّتها كامتيازات دائمة باسم حقوق الطائفة، بات التراجع عنها وكأنه مس خطير بوجود الشيعة عن بكرة أبيهم!
وزيّن "الثنائي" كل هذا بوصفه تبديداً لمظلومية تاريخية، مجدولاً ومتشابكاً مع سردية أوسع تبدأ بتحرير فلسطين ولا تنتهي بتقويض الامبريالية الأميركية. بما يعني أن أي اعتراض على ما يقترفه هذا "الثنائي" إنما يندرج في خانة المؤامرة الصهيونية.ما بين الخريف والشتاء، والوقائع شبه الخيالية في لبنان وسوريا، تبدلت الموازين السياسية برمتها، ويسود اعتقاد قوي أن حقبة جديدة انطلقت في لبنان عنوانها الطائف والدستور وأفول الدويلة. انطلاقة مقرونة بنهاية نظام الأسد، وهزيمة "الممانعة" في لبنان.
هذا ما يخيفني بالضبط.قبل أيام وصلتني دعوة لإطلاق "الجبهة الوطنية"، وفي طيات الدعوة كلام من نوع أن ما حدث في سوريا هو: "وقع حدث بالغ الخطورة في سورية نتج عنه انهيار الدولة، وتعريض المجتمع السوري لفوضى شاملة قد ينجم عنها تداعيات بالغة الخطورة.
إن الحدث السوري لم ينقل هذا البلد المحوري في المنطقة، إلى مرحلة جديدة من التعافي بعد أربع عشرة سنة من الحرب الأهلية، بل شرعت سورية على مرحلة جديدة من الحرب الأهلية وانهيار الدولة ما يعرضها للتقسيم الإثني والعرقي والطائفي".
أما ما يخص لبنان، فتقول مسودة إعلان هذه الجبهة المزمع إطلاقها: "إن اتفاق الطائف لم يؤد إلى الدولة الوطنية القوية، ولم ينه الحرب الأهلية، إذ حولها إلى حرب أهلية باردة، كانت تزداد سخونة مع الأيام حتى بلغت درجةً خطيرةً مع العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان، نتيجة المواقف الإنفعالية وأحياناً المشبوهة التي كانت تصدر من هنا وهناك، لتضع لبنان اليوم في أتون واحد مع سوريا".فحوى هذه المبادرة تذكرنا بمحطات تاريخية شهدت إطلاق حروب أهلية عبر مسميات مشابهة، جبهات "وطنية، قومية، إسلامية.." كانت تمهيداً لائتلاف قوى تلجأ إلى السلاح والمتفجرات والتحريض. هذا بالضبط ما حدث ما بين 1969 و1975. ثم تكرر ما بين 1983 و1989. وأيضاً بين عامي 2006 و2008.
خلاصة هذا المشروع، العمل على إشعال حرب أهلية في سوريا، وتعبئة "البيئة الحاضنة" في لبنان ضد الطائف، باسم إلغاء "الطائفية السياسية". إذاً، المهزوم لا يتقبل واقعه ولا يقبل مراجعة ولا يتعظ من تاريخ. بل مصمم على تكراره بكل فداحته.لذا، "المعركة" القائمة اليوم لإعادة إنتاج السلطة في لبنان، تتخذ منحى مصيرياً. فإن حاز "الثنائي" على شروطه وفرض نوعية شراكته في الحكم، سينجح في إجهاض العهد الجديد بلا عناء كبير. وإن لم يحز على مطالبه، فإن تلك "الجبهة الوطنية" أو ما يشبهها ستكون عنواناً لبداية "شغب" بالغ الخطورة قد يتحول سريعاً إلى طعنة في ظهر لبنان وسوريا.
والمعذرة على تشاؤمي.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top