أكد المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السورية في عهد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، جهاد مقدسي، على ضرورة الاعتراف بـ"المظلومية السنية" التي تعرضت لها الطائفة خلال الحرب السورية، فيما كشف عن أن المستشار السابقة في القصر الجمهوري لونا الشبل، عرضت عليه شراكة تجارية للاستفادة من الحصار الاقتصادي المفروض على سوريا، كما كانت علاقتها مباشرة بالأسد.
المظلومية السنية
وقال مقدسي في الجزء الثاني من مقابلته مع "التلفزيون العربي"، إن المكون السني تعرض لمظلومية كبيرة خلال الحرب السورية، بينما هناك تركيز على أقل المكونات تأثراً من هذا الصراع، على حساب الناس أصحاب المظلومية والدماء.
وأضاف أن عدد "الشهداء" فقط من الطائفة السنية جراء الحرب، "يفوق تعداد الأقليات في عموم سوريا"، مشدداً على ضرورة وجود خطاب يطمئن هذه الأكثرية السنية، بالتوازي مع الدعوات لحماية باقي المكونات الأقلية في سوريا. واعتبر أن جزءاً من التطمين للسنة، يكون بتجريم إنكار هذه المظلومية التي وقعت ضدهم، على غرار ما فعلت ألمانيا بتجريم النازية وإنكار افعالها.
يُشار إلى أن جهاد مقدسي هو من الطائفية المسيحية في سوريا، وينحدر من مدينة صيدنايا في ريف دمشق، لكنه يقيم حالياً في العاصمة الأميركية، واشنطن، وهو حاصل على الجنسية الأميركية.
وأشار مقدسي إلى أن هناك مظلومية تعرضت لها باقي الطوائف من قبل نظام الأسد، مشدداً على أن الأخير ليس نظاماً علوياً، إنما هو نظام عائلي، ودلّ على ذلك بالقول إن أي معارض علوي للأسد، كان يُرسل إلى غياهب السجون دون رجعة.
وعلّل مقدسي حديثه عن ضرورة الاعتراف بهذه "المظلومية السنية"، بأن الدعوات اليوم هي لحماية من كان بمنأى عن هذا الصراع، معرباً عن رفضه الاعتراض على طقوس الإسلاميين قائلاً: "ليس كل إسلامي داعشي".
وعبّر عن رفضه اللجوء إلى السفراء لحل الحساسية من تلك الطقوس، في إشارة إلى زيارة السفراء والدبلوماسيين الأجانب للمسيحيين والدروز في سوريا، مشدداً على أن حل هذه الحساسية يكمن بالحوار، كما أكد أنه لا يخشى من الإسلام السياسي.
وقال إن لا خطر وجودياً يتهدد المسيحيين السوريين، لا تاريخياً، ولا الآن في عهد الإدارة الجديدة، معتبراً أن الحساسية المفرطة تجاه تلك الظواهر، كمثل دعوات أطلقها أشخاص لاعتناق الإسلام في أحياء دمشق المسيحية، "غير مبررة"، وكذلك اعتبر أن تلك الخشية أساسها سياسي، تتعلق بأن "الإسلاميين أكثر تنظيمياً".
ووصف تلك الحساسية بـ"المعارك عديمة القيمة"، بينما لفت إلى أن معركة السوريين الحقيقية يجب أن تكون على الحقوق والحريات والدستور الجديد.
دعوة للمؤتمر الوطني
وعلى صعيد آخر، قال مقدسي إنه تلقى دعوة لحضور المؤتمر الوطني للحوار السوري المزمع عقده، لكنه أوضح أن الدعوة كانت شفهية، وأخبره المتصل بأنه سيتلقى دعوة رسمية عندما يتم تحديد موعد عقده.
ودعا وزارة الخارجية في الإدارة الجديدة إلى توسيع الفريق الدبلوماسي، بما في ذلك ضم أشخاص من دبلوماسيي الخارجية في نظام الأسد، من الصفين الثاني والثالث، وتعيين مبعوثين في جميع دول العالم، لافتاً إلى أن جزءاً من الانفتاح الدولي هو بسبب سقوط النظام.
ولفت الدبلوماسي إلى أن إزالة العقوبات الأميركية مهمة ليست بالسهلة، وتحتاج إلى جهد مشترك من الإدارة الجديدة مع الجالية السورية في الولايات المتحدة.
منظومة الأسد
وفي معرض حديثه، كشف مقدسي تفاصيل عن فترات عمله بالسلك الدبلوماسي للنظام، كان أبرزها اتهامه بالعمالة لإسرائيل، لأنه قرأ البيان الذي أعلن من خلاله امتلاك نظام الأسد ترسانة الأسلحة الكيماوية والجرثومية، المحرمة دولياً.
وحول سبب تبرئته من قبل الأسد شخصياً من فحوى البيان، قال إن الأسد لا يريد أن "يجعل منه بطلاً"، في مقابل عدم إفشائه لأسرار الدولة على الإعلام بعد استقالته من منصبه، كنوع من "توزان الرعب" بينهما.
وأكد أن الأسد "ليس قائداً جيداً"، وإلا لم تصل سوريا إلى ما وصلت إليه، كما رأى أنه وقع في شر منظومته، لافتاً إلى أن الأسد لم يختََر الإصلاح، ليقينه بأن تغيير المنظومة المحيطة به، سوف يؤدي إلى انشقاقات ضمنها، وانهيارها.
لونا الشل
وكشف مقدسي عن تلقيه عرض شراكة تجارية، قدمته لونا الشبل، وهو إنشاء سلسلة محلات تجارية للأغذية، للاستفادة من الحصار الاقتصادي الذي كانت تتنبأ الشبل بحصوله منذ العام 2012، لكنه رفض ذلك. وقال إن الشبل كانت علاقتها مباشرة بالأسد، ورئيس مكتب الأمن القومي علي مملوك، والأجهزة الأمنية، موضحاً أنها كانت تشرف على الإعلام المحلي بكافة التفاصيل، بما في ذلك بيانات رئاسة الجمهورية، لكن لم يكن لها علاقة بالإعلام الخارجي. ووصفها بـ"الداهية".
كما قال إن سحر العطري، والدة أسماء الأخرس زوجة بشار الأسد، كانت موظفة على الورق في السفارة السورية بلندن، مضيفاً أنه نصح بشار الجعفري بالخروج من نظام الأسد، لكنه رفض.
وعن كيفية تمكنه من الهروب من سوريا، قال إنه لديه تصريح من الأسد بمغادرة سوريا إلى لبنان، على عكس باقي المسؤولين، لكنه أوضح أن استقالته قدمها بعد وصوله إلى الإمارات، وأن الأسد أرسل شخصيات للتوسط للعودة إلى منصبه، لكنه رفض وأكد لهم بأنه لا يريد أن يكون "جزءاً من أجندة الدم".