كثرت الاعتراضات على التعويضات التي يدفعها حزب الله للمتضررين جراء الحرب على لبنان في مختلف المناطق اللبنانية. وإلى جانب الاعتراض على حجم التعويضات ثمة اعتراضات على تأخر الدفع بعد أكثر من شهر على توقف الحرب وإجراء الكشف على المباني المتضررة. ففي الحي الواحد متضررون حررت لهم أوامر القبض بعد نحو 15 يوماً على الكشف، فيما آخرون ينتظرون منذ أكثر من شهر.مهندسون جدد أو بلا خبرةفي متابعة "المدن" لهذه القضية تكشف مصادر في لجان الكشف التي شكلها حزب الله المشاكل الأساسية التي تحصل على أرض الواقع. ولعل أبرز مشكلة تكمن في الكشف على الأضرار وكيفية تخمينها. ومرد هذه المشكلة أن حزب الله تعاقد مع عدد كبير من المهندسين لمحاولة الإسراع في إجراء المسح ودفع التعويضات. وتبين أن التعاقد جرى مع مهندسين زراعيين أو مهندسي اتصالات أو حتى مع خريجين جدد من كليات الهندسة ومهندسين غير منتسبين لنقابة المهندسين. وهؤلاء ليس لديهم أي خبرة في الهندسة المدنية وفي كيفية الكشف على الأضرار وتخمينها.وتشرح المصادر آلية الكشف المعتمدة لتقييم حجم الأضرار: يذهب المهندس ويكشف على الأضرار ويسجل كل نوع ضرر بحسب رمز محدد لكل واحد منها. على مستوى أضرار الترميم تخمّن الأضرار بحسب عدد الأمتار المربعة لكل نوع ضرر. لكن على مستوى الأثاث يسجل كل نوع أثاث متضرر وحتى المادة المصنوع منها. وقد وضع الحزب سقفاً للتعويض على الأثاث بقيمة 8 الاف دولار. فيما لم يضع أي سقف على الإضرار المتعلقة بترميم المبنى المتصدع. جل ما يحصل أنه في حال كانت الكلفة المقدرة من المهندس الأول تفوق 5 الاف دولار، يصار إلى ارسال لجنة كشف جديدة مؤلفة من مهندسين إثنين، قبل تحرير أمر القبض.تعويضات لا تتناسب والأضرارالمشاكل التي رصدتها "المدن" في العديد من المناطق حول شكاوى المواطنين تتمثل بتلقي أوامر قبض متدنية جداً ولا تساوي ربع قيمة الضرر الفعلي، في وقت يشهد هؤلاء ارتفاع قيمة التعويضات لجيرانهم رغم أن الأضرار في منازلهم قليلة جداً. ولسان حال المعترضين أن فلان حصل على أمر قبض بـ 1600 دولار، فيما تكبد كلفة إصلاح الأضرار بأكثر من خمسة الاف دولار، فيما قريبه أو أحد معارفه في حي آخر أو قرية أخرى تلقى تعويضات تفوق كلفة الترميم التي تكبدها.توعز مصادر لجان الكشف سبب هذا النوع من المشاكل، ليس إلى قلة خبرة المهندس فحسب، بل ثمة وساطات تحصل، ولا سيما في القرى في رفع قيمة التخمين. يعود السبب إلى العلاقات الاجتماعية أو القربة أو حتى العلاقات السياسية القائمة بين المهندس أو رابط حزب الله في المنطقة مع الأشخاص المتضررين. لكن "هذا الأمر محصور جداً" تقول المصادر وتؤكد أن عامل الخبرة أساسي في المشاكل التي تحصل في التخمين.وتشرح المصادر أن المهندس الذي ليس لديه خبرة يعاين الأضرار العامة، ويرتكب أخطاء في كيفية احتساب الأمتار. ليس هذا فحسب، بل ترى مهندساً يسجل عشرين استمارة في اليوم (كشف على عشرين وحدة متضررة) فيما مهندسون آخرون يسجلون خمسة استمارات باليوم فقط. وهذا دليل واضح على أن كشف المهندس الأول كان متسرعاً ولم يراع معايير الكشف الدقيقة. فعلى سبيل المثال لا ينتبه المهندسون إلى لحظ سماكة الزجاج المتضرر ويكتفون بتسجيل عدد الأمتار. وبالتالي يختلف التخمين وينعكس في كيفية تحرير أموال القبض. وهذا يسري على الأثاث، فترى مهندساً قد سجل كرسي أو طاولة متضررة من دون لحظ لا نوع المادة المصنوعة منها ولا حجمها. وفي حالات أخرى تبين أن المهندس لم يقدر الأضرار تحت الردم، بل اكتفى بمعاينة سريعة وسطحية. وهذا ما تبين للجان المهندسين الذين أعادوا الكشف على الأضرار بعد تقديم المتضررين شكاوى.تعويضات عادلة للجميعوتضيف المصادر أن حجم التعويضات يزيد عن قيمة الضرر بشكل عام أو يوازي له. في بعض الحالات اضطر مواطن من هنا أو هناك إلى دفع فرق بسيط من جيبه بسبب غلاء الأسعار واستغلال التجار للأزمة. فالحزب يعوض على السعر الوسطي المعتمد للزجاج مثلاً، وكان قبل الحرب يتراوح بين 10 وعشرين دولاراً، فيما حالياً بات بسبب الاحتكار يزيد عن 45 دولاراً. وبالتالي التعويضات محسوبة بشكل دقيق بما لا يجعل المواطن بحاجة لدفع أي قرش من جيبه، إلا في حال وقع ضحية جشع التجار.وتشرح المصادر أن المقصود بالتعويض العادل، الذي يرضي جميع المتضررين بأنه قائم على تحديد مواصفات موحدة للجميع في الترميم أو في الأثاث. والمواصفات قائمة على سعر السوق للمواد الأولية بنوعية متوسطة تستخدم من عموم اللبنانيين، ولا تأخذ بالاعتبار استخدام المتضرر لنوعية بضائع فاخرة أو بمواصفات عالية الجودة. فعلى سبيل المثال أسعار أمتار الأبواب الخشبية أو الألومينيوم بنوعية متوسطة شبه موحدة في لبنان. أما في حال كان المتضرر قد استخدم نوعية عالية الجودة، فالتعويض لن يكون كافياً حتماً.