2025- 01 - 23   |   بحث في الموقع  
logo لبنان لا يُحكم بالعزل: الإقصاء سيغذي "الثنائي" بعصبية جديدة logo عملية جنين: الحجة أمنية والغرض فرض وقائع جديدة بالضفة logo المركزي السوري يكبّل الشبكة المصرفية: إيقاف الودائع بالقطع الأجنبي logo السعودية تنهي القطيعة: وديعة مالية مشروطة وتشكيل حكومة logo المطبخ صانع الهويات السياسية logo عمر الشعار بين السجانين: أنت تتحدث الإنكليزية! logo فوضى التهريب والسلاح: ألغام الحدود اللبنانية السورية تنذر بانفجار logo المفقودون في سوريا: شبح المقابر الجماعية وارتباك الحكم الجديد
فوضى التهريب والسلاح: ألغام الحدود اللبنانية السورية تنذر بانفجار
2025-01-23 00:25:44


لا يعني سقوط نظام الأسد في سوريا ووصول إدارة جديدة أعلنت مراراً وتكراراً أنها لا تهدف أو تخطط أو تريد التدخل بالشؤون اللبنانية، أن مشاكل لبنان مع سوريا قد انتهت. مشاكل تشبه مشاكل عديدة تقع بين دولتين تربطهما الجغرافيا. فماذا لو كانت هذه الجغرافيا كما تلك اللبنانية السورية، متداخلة، وعرة، ومتعرجة، كانت ولا تزال مستباحة منذ عقود من الزمن.
الجنوب قبل الشمالصحيح أنّ العين على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب، ونشر الجيش على الحدود مع فلسطين المحتلة، وإخراج الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية. وصحيح أن التحديات التي يواجهها الجيش كبيرة جنوب الليطاني، وفي مرحلة لاحقة شمال الليطاني، إذا لم تتراجع الدولة عن استكمال تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية بموجب القرار 1701. لكن لا يمكن لعين الجيش الثانية ومعه الدولة أن تغفل عن ما يجري على طول حدود 370 كلم مع سوريا.
هذا الواقع تصفه مصادر أمنية رفيعة في حديثها إلى "المدن" بالقول: "هي فوضى عارمة يواجهها الجيش والأجهزة الأمنية منذ سقوط النظام وانتشار مجموعات مسلحة لا صلة لها ببعضها البعض في المقلب الآخر من الحدود". وتلفت المصادر إلى أن "المواجهات التي تحصل على الحدود مع سوريا والتي يخرج بعضها إلى العلن، هي حوادث تحصل بشكل شبه يومي. المجموعات المسلحة المنتشرة هناك فاتحة على حسابها، وهي غير مرتبطة بالإدارة الجديدة".الفوضى تعم الحدودكثرت الإشكالات على الحدود، ومعها كثر التهريب على المستويات كافة. الفوضى التي تحدث عنها المسؤول الامني لـ"المدن"، تعم القرى والبلدات الحدودية الشمالية. باستثناء الإجراءات المتخذة في المقلب السوري من معبر المصنع، الرقابة من الجهة السورية غائبة. إذ لا إدارة رسمية، لا أمن عام، لا جمارك، ولا حتى جيش، أو قوى مسلحة تابعة للإدارة الجديدة. الحدود مشرعة أمام كل أنواع التهريب بالاتجاهين.
صحيح أن الجيش اللبناني يتخذ إجراءات على طول الحدود، لكن المنطقة واسعة وصعبة، فيها ممرات ومعابر ترابية لا يعرفها إلا أصحابها من المهربين، مخفية عن أعين الجيش وكل الأجهزة. كما أن أي دولة ليس لديها سلطة مركزية تنسق وتتعاون مع الدولة الجارة لحدودها، فهي تلقي بعبء ضبط الحدود على تلك الدولة الجارة. وهذه هي حال لبنان اليوم: "لا توجد أي جهة ننسق معها لضبط الحدود والثقل ملقى برمته على عاتق الجيش اللبناني".الجيش يعمل على ضبط الحدود ومواجهة تهريب الأشخاص من سوريا إلى لبنان. توضح المصادر الأمنية نفسها أن "هذا الأمر استفحل بعد سقوط النظام. نتيجة غياب الاستقرار الأمني والاقتصادي، يعبر مئات السوريين يومياً إلى الداخل اللبناني عبر المناطق الشمالية المتاخمة لحمص من القصير باتجاه حوش السيد علي والقصر والهرمل. عمليات التهريب هذه تجري بشكل علني وبوضح النهار".يتسلل السوريون يرافقهم المهربون عبر الطرقات الترابية التي لا يعرفها غيرهم. لكن الخطر في الأمر أيضا ما كشفته تقارير أمنية عن أن "بعض من يدخل إلى لبنان من بين الداخلين خلسة، يدخلون لغايات معينة، ويخشى من نشاطهم غير الشرعي، أكان على مستوى شبكات تهريب الأشخاص والاتجار بالبشر أو تهريب السلاح والمخدرات".أكثر من ذلك، فان العائلات التي تدخل لبنان خلسة، والتي ينجح الجيش يومياً في توقيف أغلبها، تأتي معظمها من مناطق شمال سوريا البعيدة جداً عن الحدود اللبنانية، من إدلب، حلب، الرقة، وصولاً إلى حماة.كر وفر عند الحدودالجيش يوقف المئات من السوريين يومياً. يسلمهم إلى الأمن العام اللبناني عند معبر القاع- جوسي الحدودي، وتتم إعادتهم إلى الداخل السوري. المصادر تكشف، أنه "في واحدة من العمليات، أوقف حاجز للجيش في منطقة حربتا، قبل بضعة أيام، نحو 120 سورياً دخلوا خلسة إلى لبنان، تبين أنهم قادمون من إدلب وحماة. هؤلاء وصلوا بموكب مؤلف من 20 شاحنة بيك أب وسيارة، على متنها أشخاص حملوا معهم كل أمتعتهم وحتى ماشيتهم، أتوا بغرض الإقامة في لبنان. أوقفهم الجيش وسلمهم للأمن العام اللبناني الذي بدوره أعادهم إلى سوريا".
وتتابع المصادر "لكن بما أن المعابر الحدودية متروكة في المقلب الآخر، وليس هناك من جهة مركزية تضبط الحدود، فوجئنا بعد أقل من يومين من عملية إعادة الداخلين خلسة إلى الداخل السوري، أنهم هم أنفسهم يعيدون الكرة ويدخلون لبنان مجدداً عبر الطرق ذاتها، ويعود الجيش ويوقفهم ويعيدهم إلى سوريا".ومنذ فترة قريبة، ارتفع صوت المزارعين اللبنانيين مطالبين بضبط أعمال التهريب من سوريا إلى لبنان، محذرين من خطورة فلتان الحدود. فالأسواق اللبنانية تغرق بالخضار والفاكهة السورية التي لا تطابق سلامة الغذاء من جهة، وتباع بأسعار منافسة من جهة أخرى. الأمر الذي ضرب الرزنامة الزراعية وكبد المزارعين خسائر يومية طائلة: "آخر شحنة تم ضبطها كانت شحنة كبيرة من البطاطا السورية. أوقفها الجيش وأحالها إلى جهاز أمن الدولة لإجراء المقتضى".تهريب سلاح ومخدراتالاخطر من كل ذلك، انتشار مجموعات مسلحة في عدد من المناطق الحدودية من الجانبين اللبناني والسوري، ينتمون لعائلات وعشائر ينشطون بأعمال التهريب، تنشب بينهم اشتباكات متكررة ومواجهات على خلفية التهريب وطبيعة العمليات لاسيما تلك المتعلقة بالبضائع والمحروقات.
وبعد سقوط الفرقة الرابعة التي كانت تنتشر على الحدود الشرقية والشمالية، ترك عناصرها خلفهم مخازن الأسلحة في مكانها. وقعت تلك الاسلحة بأيدي المجموعات المسلحة "الفاتحة على حسابها". فألقي عبء إضافي على كاهل الجيش اللبناني لمكافحة تهريب السلاح، إضافة إلى تهريب المخدرات، إلى جانب مكافحة الاتجار بالبشر والدخول خلسة الى لبنان. ضبط الجيش مئات الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وكميات كبيرة من الممنوعات. كما اعتقل تجار أسلحة ومخدرات ومهربين ناشطين على الحدود بالاتجاهين.انتشار الجيش غير كافعلى الحدود مع سوريا يتوزع انتشار الجيش اللبناني بين فوج الحدود البرية الأول في منطقة الشمال، فوج الحدود البرية الثاني شرق عرسال رأس بعلبك القاع شمال الهرمل، فوج الحدود البرية الثالث في المصنع، فوج الحدود البرية الرابع شرقي بعلبك، بالإضافة إلى انتشار اللواء التاسع في البقاع الشمالي من اللبوة إلى الهرمل. ما يقارب الثمانية آلاف عسكري يتولون حماية مساحة 370 كلم من الحدود مع سوريا.
العدد قليل جدا مقارنة مع حجم الأعباء والمخاطر وعمليات التهريب من البشر إلى السلاح والمخدرات والبضائع: "يريد الجيش أن يعزز انتشاره عند هذه الحدود، وهو كان فعل ذلك مع بداية الأحداث الأخيرة في سوريا. كما عزز هذا الانتشار بنشر راجمات صواريخ في نقاط محددة. لكن القدرات لا تتعدى هذا الحجم، خصوصاً وأن الأولوية اليوم هي لتنفيذ الانتشار الكامل في الجنوب، وتنفيذ المهام المطلوبة من الجيش بموجب اتفاق وقف الأعمال العدائية".الخاصرة الرخوةما لم ينظم الحكم في سوريا، وما لم تقم إدارة سورية مركزية تضبط الحدود الشرعية وغير الشرعية، وتعيد تفعيل المعابر الحدودية كما يجب، والتنسيق بين الأجهزة الأمنية والعسكرية الشرعية بين البلدين، ستبقى الحدود السورية اللبنانية مشرعة أمام عمليات النزوح والتهريب.
وخلافا لما كان متوقعاً، فإن أزمة النزوح السوري باتجاه لبنان، ولاسيما من المناطق الشمالية البعيدة عن الحدود اللبنانية تتفاقم. في وقت أن مخيمات عرسال التي كانت تضم سوريين نزح غالبيتهم من المناطق القريبة من الحدود مع لبنان في القلمون والقصير، لم يتبق فيها سوى عشرة في المئة من عشرات آلاف النازحين الذين هربوا من الحرب في العام 2011 وأقاموا مخيمات في عرسال، هي الأكبر بين المخيمات السورية في لبنان.واللافت أن موجة النزوح لا تشمل حالياً معارضين للإدارة الجديدة من العلويين والشيعة والمؤيدين للنظام السابق أو حتى الأقليات المسيحية، إنما بينهم مواطنون سوريون من السنة الذين يغادرون شمال سوريا، ويهربون من حال عدم الاستقرار الأمني هناك على وقع الصراع بين قسد والمجموعات التي تدور في فلك تركيا. كما أن من بينهم من يعاني من الأوضاع الاقتصادية الصعبة، الذين على الرغم من التعويل على رفع العقوبات وعلى إطلاق عجلة الاقتصاد بعد إسقاط نظام الاسد، تزداد أوضاعهم المعيشية والاجتماعية تدهوراً ما دام مستقبل سوريا غير واضح.
سقوط نظام الأسد، وبدل أن يمثل حلاً لأزمة النزوح السوري إلى لبنان ودول الجوار، بدا وكأنه ضاعفها، وهي ليست الأزمة الوحيدة بين بيروت ودمشق حيث ينشط التهريب عبر الحدود على مختلف المستويات والأنواع. كما يتخوف الجميع من غياب مرجعية أمنية سورية موحدة تضبط ما يتكرر وقوعه من إشكالات مسلحة. كل هذا، ومهما اختلفت أسبابه وتنوعت فالنتيجة واحدة، وتتطلب إيجاد حل سريع لها، وإلا فإن الجيش اللبناني سيجد نفسه ملزماً بمواجهة التحديات الحدودية وألغامها شمالاً وجنوباً وعلى طول حدود البلاد وعرضها، وهذه ليست بالمهمة السهلة في ظل الأوضاع الراهنة.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top