خلفت الحرب الإسرائيلي على لبنان خلال العام 2024 آثارًا اقتصادية كبيرة تضاف إلى ما التأثيرات السلبية للأزمة المستمرة منذ العام 2019. فالحرب "جعلت التعافي بطيئًا"، وفق ما أظهرته نتائج تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في لبنان". وبحسب التقرير، فإن "نحو ثلث سكان لبنان يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحادّ". كما أنّ حالة انعدام الأمن الغذائي "ستستمرّ خلال الأشهر الثلاثة المقبلة دون عودة قصيرة الأمد إلى الظروف التي كانت قبل الأزمة. ومع التحديات المقبلة، ستكون الجهود الإنسانية المستمرة لدعم التعافي بالغة الأهمية".انعدام الأمن الغذائيوفي بيان مشترك لوزراة الزراعة ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي، أظهرت نتائج تحليل التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) أنّ "نحو 1.65 مليون شخص في لبنان يعانون حالياً من مستويات الأزمة أو الطوارئ من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة 3 من التصنيف أو أعلى)، مقارنة بـ1.26 مليون شخص قبل التصعيد. وفي الوقت نفسه، يواجه 201 ألف شخص مستويات الطوارئ (المرحلة 4 من التصنيف)، أي ضعف العدد قبل التصعيد".
وقال ممثل برنامج الأغذية العالمي في لبنان، ماثيو هولينغورث، إنّ "تفاقم انعدام الأمن الغذائي في لبنان ليس مفاجئًا. فستة وستون يومًا من الحرب، سبقتها أشهر من الصراع، أدت إلى تدمير الأرواح وسبل العيش. وبينما يمكن للبعض العودة إلى منازلهم بعد وقف إطلاق النار، يواجه آخرون حقيقة قاسية بعدم وجود منزل يعودون إليه. وفي هذا الوقت الحرج، مهمتنا واضحة: دعم الحكومة والشعب لإعادة بناء حياتهم وأنظمتهم الغذائية".
بالتوازي، أعلنت ممثلة منظمة الأغذية والزراعة في لبنان بالإنابة فيرونيكا كواترولا، أنّ "الأعمال العدائية أثّرت بشكل كبير على سبل عيش المزارعين، وكذلك على الأصول الزراعية والبنية التحتية، مما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وتهديد استدامة الأنشطة الزراعية." وأضافت أنّ "منظمة الأغذية والزراعة تلتزم بمساعدة المزارعين على استئناف الإنتاج ودعم المجتمعات لإعادة البناء وتعزيز قدرتهم على الصمود".تأثيرات على اللاجئينوأشار التقرير إلى أن "اللاجئين في لبنان معرضون بشكل خاص للخطر. حيث يُصنف حوالي 594 ألف لاجئ سوري (40 بالمئة من اللاجئين السوريين) و89 ألف لاجئ فلسطيني (40 بالمئة من اللاجئين الفلسطينيين) على أنهم في المرحلة 3 (أزمة) أو أعلى. كما أن نحو 970 ألف مواطن لبناني (25 بالمئة من السكان) يقعون في نفس الفئة". وأكد التقرير أن" الصراع أدى إلى تعطيل النشاط الاقتصادي وسبل العيش في جميع القطاعات. والأسواق ما زالت تكافح للتعافي رغم وقف إطلاق النار في تشرين الثاني (2024). كما أن هذا التراجع الحاد يعمق الأزمة الاقتصادية التي طال أمدها، حيث انكمش الاقتصاد اللبناني بنسبة 34 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي منذ عام 2019 مع ركود الاستثمارات".
وقال البيان إنه "لا يزال سوء التغذية يشكل خطرًا كبيرًا في لبنان، خصوصاً بين الأطفال والمراهقين والنساء. وأظهرت دراسة حديثة أن ثلاثة من كل أربعة أطفال دون سن الخامسة يتبعون أنظمة غذائية تفتقر إلى التنوع، مما يجعلهم عرضة للتقزم والهزال. وفي عام 2024، قدم برنامج الأغذية العالمي مساعدات غذائية لـ 750 ألف شخص نزحوا بسبب القتال، حيث وفر وجبات ساخنة وإمدادات غذائية ومساعدات نقدية للأشخاص في الملاجئ والمجتمعات في جميع أنحاء لبنان. ويخطط هذا العام لمساعدة 2.5 مليون شخص، بما في ذلك حوالي 900 ألف لاجئ سوري في لبنان".لبنان يحتاج المساعدةمن جهته أكد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال، عباس الحاج حسن، على "أهمية الاستدامة والشفافية والثقة في جميع المشاريع الزراعية والجهود الوطنية المبذولة. مشيرًا إلى أن" اللقاء هو ثمرة جهود طويلة وشراكة مثمرة بين جميع الأطراف المعنية". وأوضح أن "الاستمرار في هذه الشراكات يعزز بناء وطننا الحبيب الذي يحتاج إلى المساعدة من جميع المعنيين، سواء من الهيئات الدولية أو من شركائنا المحليين. ونحن نؤمن أن التعاون المستمر بين الجميع هو السبيل الأمثل لتحقيق تطور مستدام للقطاع الزراعي في لبنان".
وأوضح أنه "قبل تصعيد الصراع، كان 23 بالمئة من السكان (من لبنانيين وسوريين ولاجئين فلسطينيين) مصنفين على أنهم في المرحلة 3 أو أعلى من التصنيف المرحلي المتكامل (نيسان – أيلول 2024)، بإجمالي 1.26 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد".وشدد الحاج حسن على "أهمية عملية مسح الأضرار الزراعية الناتجة عن حرب إسرائيل على لبنان، واعتبر أن "عملية مسح الأضرار ليست مجرد عمل تقني، بل هي عمل وطني بامتياز، بدأنا العمل عليه منذ اليوم الأول للحرب. هذه الجهود تكللت بتشكيل اللجان الفنية المشتركة مع المنظمات الدولية في شراكة حقيقية وواضحة، بالإضافة إلى مشاركة الشركاء المحليين، ما أتاح إطلاق عمليات المسح والتقييم". وقال: "تتمثل أولويتنا في تأمين التمويل اللازم لتعويض الأضرار، وسنبقى نعمل بكل جهد لتحقيق هذا الهدف الهام طيلة الأيام القادمة".