قال المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية في حكومة نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، جهاد مقدسي، إن مجزرة الحولة في ريف حمص، كانت بداية تمرده على الأسد ونظامه، مؤكداً أنه كان شاهداً على جرائم ارتكبها مسؤولون في نظامه، فيما لفت إلى أن وزيري الخارجية السابقين، وليد المعلم وفيصل المقداد، كانا من دعاة الحل الأمني ضد المتظاهرين في سوريا.
وشغل مقدسي، منصب الناطق باسم حكومة النظام لمدة عام تقريباً، من بداية 2012، وحتى انشقاقه في نهايته. وكان أول شخصية دبلوماسية يشغل ذلك المنصب المستحدث حينها، إذ لم يكن موجوداً في السابق. وتخلل فترة شغله للمنصب ارتكاب قوات النظام وميلشياته الطائفية لمجزرة الحولة في ريف حمص، في أيار/مايو من العام نفسه، راح ضحيتها نحو 54 شخصاً، بينهم أطفال، جرى ذبح بعضهم بالسكاكين.
مجزرة الجولة
وروى مقدسي في مقابلة مع "التلفزيون العربي"، كيف حاول نظام الأسد التملص من ارتكاب مجزرة الحولة، وإنكارها بطريقة ساذجة، بعد الغضب الشعبي والدولي تجاهها، لافتاً إلى أنه حاول عدم الخروج للإعلام لتبرير المجزرة حينها، ولم يكن يتوقع أن يُطلب منه الخروج لتبريرها.
وأضاف أن المجزرة كانت بداية بوادر تمرده على النظام المخلوع، ورئيسه بشار الأسد الذي لمس ذلك التمرد، لافتاً إلى أنه طلب من الأخير شخصياً، خروج أحد الشخصيات من وزارة الدفاع لنفي المجزرة، إلا أن الأسد رد بعدم وجود ناس مدربين.
وأكد مقدسي أن لا أحد من وزراء وشخصيات النظام، بما في ذلك وزير الخارجية الراحل وليد المعلم، كان يجرؤ على الخروج للإعلام لتبرير أفعال النظام، حتى التدخل الروسي، حيث تشجعت تلك الشخصيات واستشرست في الدفاع عن الأسد.
وأشار إلى أن المعلم كان من "الصقور" في الإصرار على استخدام الحل الأمني ضد المتظاهرين، على عكس ما يظهر من شخصيته، فيما لفت إلى أن خلفه فيصل المقداد، كان كذلك ايضاً، وكان الأخير يوجّه الشتائم ضد المتظاهرين من أبناء محافظته في درعا، لإظهار ولائه.
كما لفت إلى أن الأسد كان يخبره بأن المقداد هو شخص غير قابل للتطور، وشتمه في لقاء مغلق بينهما، لكن مقدسي اعتبر أن تعيين المقداد في منصب وزير الخارجية، كان بناءً على الولاء، لأنه في منظومة الأسد كان تجري التعيينات بناءً على الولاء وليس الكفاءة، حسب قول مقدسي.
شاهد على جرائم
وتحدث مقدسي خلال مقابلته، عن أنه كان شاهداً على جريمتين ارتكبها مسؤولون في نظام الأسد وأولادهم، مؤكداً أنه سيقابل النائب العام الحالي في سوريا، للإدلاء بشهادته عن ذلك، عندما يصل دمشق، لكنه رفض الإفصاح عن هوية المسؤولين، فيما لمح محاوره أنس ازرق، بأن أحد الجريمتين ارتكبها سفير سابق لدى النظام. وأوضح مقدسي أن أحد الجريمتين، ارتكبت بحق شخص اختلف بالرأي مع نجل المسؤول على "فايسبوك".
وأشار إلى أن بيئة النظام المخلوع الأمنية والسياسية كانت "مزاودة ومنكرة للواقع"، وكانت الجرائم ترتكب من حوله، بينما يُجبر هو على الخروج لتبريرها، لافتاً إلى أن نظام الأسد حاول تحويل منصبه من منصب دبلوماسي إلى ناطق عسكري.
الأسلحة الكيماوية
ومن ضمن ما رواه مقدسي، هو كواليس مؤتمره الصحافي الشهير في تموز/يوليو2012، والذي أعلن فيه امتلاك نظام الأسد ترسانة من الأسلحة الكيماوية والجرثومية المحرمة دولياً، حيث أكد حينها أن هذا السلاح مؤمن بشكل تام، ولن يتم استخدامه إلا في حال تعرض سوريا لعدوان خارجي. وكان تلك أول مرة يعترف فيها النظام بامتلاكه لهذا النوع من الأسلحة.
وأوضح أنه تلقى حينها اتصالاً من وليد المعلم، وطلب منه بعد استدعائه ومقابلته، الخروج بمؤتمره الصحافي ليعلن ذلك، بناء على توجيهات من الأسد، وطلب من الجانب الروسي، بهدف طمأنة الولايات المتحدة.
إلا أنه وبعد انتهاء البيان، اتصل به الأسد شخصياً وكان غاضباً، ونفى أن يكون قد وجّه بذلك المؤتمر، كما وصف خطأ المعلم بأنه "لا يُرتكب من تلميذ ابتدائي"، وأكد الأسد لمقدسي بأنه "وبّخ المعلم".
وقال مقدسي إن الأسد قاطع المعلم لنحو 20 يوماً، وكان هو صلة الوصل بينهما خلال تلك الفترة، لإيصال التوجيهات والطلبات بينهما، مؤكداً أنه لولا الحالة الراهنة بالبلاد حينها، في ظل الثورة السورية، لكان الأسد أطاح بالمعلم من منصبه.