من داخل مبنى الكابيتول الذي اقتحمه مناصروه في السادس من كانون الثاني ٢٠٢١، أدى الجمهوري دونالد ترامب اليمين الدستورية ليصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأميركية، في ولاية هي الثانية، للرجل ذي الثمانية والسبعين عاماً ما جعله اكبر الرؤساء الاميركيين سناً في الدخول الى البيت الأبيض.
وترامب المتسلح بزخم إتفاق وقف اطلاق النار بين حركة حماس والإسرائيليين، تحدث عقب قسم اليمين معلناً بدء “عصر اميركا الذهبي”، معدداً نقاطاً ستشكل جزءا من برنامج عمله في الولاية الجديدة.
ومن الداخل الأميركي المثقل بهموم التضخم والضرائب الزائدة وتخمة المهاجرين الى السياسة الخارجية لاميركا وأفكار الرئيس الجديد التوسعية مثل رغبته في ضم كندا وجزيرة غرينلاد اضف الى قناة بنما، كما العلاقة مع الحلفاء ودول الجوار والصين وروسيا، نقلة في خطاب الرئيس الأميركي، في خطوة تظهر ان ترامب في الولاية الثانية هو نقيض الولاية الأولى كونه يريد، وبحسب ما جاء في خطابه، وحتى في الشعارات التي استخدمها ابان حملته الانتخابية مثل “اميركا اولاً، و”جعل اميركا عظيمة مرة أخرى”، تعزيز السيطرة والهيمنة الأميركية كما تثبيت مكانة واشنطن في رئاسة النظام العالمي.
وفي السياق، تشير مصادر متابعة الى ان رغبة ترامب في زيادة فائض القوة الأميركي وتوسعة مساحة البلاد جغرافياً، دليل على نيته إعادة العمل بـ”مبدأ مونرو”، وهو بيان اعلنه الرئيس الأميركي السابق جيمس مونرو في الثاني من كانون الأول عام ١٨٢٣، ويشكل ركيزة للسياسة الخارجية الأميركية.
وترى المصادر ان شعارات ترامب تتفق مع هدفي المبدأ وهما: منع القوى الخارجية من التدخل وتخفيف الفوضى في المنطقة.
الى ذلك، وفيما يخص الشرق الأوسط الذي يعيش على وقع التقلبات في الفترة الأخيرة، فيظهر جلياً ان الرئيس الأميركي لن يغير من موقفه الداعم للاسرائيليين وسيحاول جاهداً انهاء القضية الفلسطينية بما يضمن زيادة مساحة إسرائيل على الخريطة الجغرافية من خلال ضم غزة والضفة الغربية الى الكيان المحتل. فيما سيسعى الى الزام “صديقه” بنيامين نتنياهو بتنفيذ كامل بنود اتفاق وقف اطلاق النار والانسحاب من جنوب لبنان. غير ان السؤال المطروح والمشروع في الوقت عينه: هل سيتمكن ترامب من اقناع نتنياهو بتنفيذ القرار الاممي ١٧٠١ ووقف الخروقات؟
ورغم ما يشاع عن إمكانية ابرام اتفاق نووي جديد مع ايران، الا ان الأمور تبدو جانحة نحو تحجيم نفوذ طهران اكثر فأكثر لا سيما في ظل الاتفاق الاستراتيجي الروسي – الإيراني.
اذاً، هو خطاب يمكن وصفه بالـ “ملغوم” خاصة وان دونالد ترامب لطالما كان رجلاً يصعب التكهن بمواقفه او تصرفاته، وهو ان كان يمنح بعض الامل للمواطنين الاميركيين بإستعادة عافيتهم الاقتصادية، الا انه يثير مخاوف لدى الخارج، اذ ان تصرفات الرئيس الأميركي الجديد على الساحة الدولية، ان لم تكن مناسبة، قد تلاقي ردود فعل من القطبين الخصمين له أي روسيا والصين، ناهيك عن استعداد أوروبي للوقوف بوجه أي خطوة أميركية قد تضر بالاتحاد. فهل سيكون ترامب فعلاً كما قال “صانع سلام” ام انه بصدد إعادة احياء مقولة “البقاء للاقوى”؟
.
The post ترامب صانع سلام.. أم سيعيد مقولة البقاء للأقوى؟!.. ديانا غسطين appeared first on .