بعد فترة طويلة من الفراغ السياسي، يشهد لبنان خطوات جذرية نحو استعادة الاستقرار المؤسسي بعد انتخاب القائد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية وتسمية رئيس المحكمة الدولية القاضي نواف سلام رئيسًا للحكومة. هذه التطورات تعكس بداية مرحلة جديدة، لكنها تطرح في الوقت نفسه تساؤلات حول شكل الحكومة القادمة وقدرتها على مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه البلاد.
أصبح لبنان اليوم أمام فرصة حقيقية لإعادة بناء مؤسساته وتجاوز الأزمات المتعددة التي يعاني منها.
ومع ذلك، فإن تشكيل الحكومة الجديدة يتطلب رؤية واضحة وخطة استراتيجية تعالج القضايا الملحة، مثل الانهيار الاقتصادي، والأزمة الاجتماعية، والفسادالمستشري، بالإضافة إلى التحديات الإقليمية والدولية. ففي ظل هذه الظروف، يجب أن يعتمد تشكيل الحكومة على عدة مبادئ أساسية منها تعيين حكومة كفاءات مختصرة وصغيرة الحجم، مع التركيز على الخبرة بدلًا من المحاصصة الطائفية، وبالتالي اختيار وزراء يتمتعون بكفاءة عملية وقدرة على اتخاذ قرارات سريعة وفعالة.بل نؤكد اليوم على ضرورة إعادة النظر في هيكلة شكل الحكومة حيث يمكن دمج أو إغلاق بعض الوزارات التي أثبتت عدم فعاليتها أو أصبحت عبئًا على المالية العامة، واستحداث وزارات تواكب التحديات الحديثة وتلبي احتياجات لبنان في المرحلة المقبلة. وفي هذا السياق، يمكن اغلاق وزارة شؤون المهجرين التي أصبحت منذ عقود أقل أهمية بعد انتهاء الحرب الاهلية ونقل مهامها إلى وزارةالداخلية أو وزارة الشؤون الاجتماعية. ودمج وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مع وزارة المالية أو ديوان رئيس مجلس الوزراء لتعزيز الإصلاح الإداري دون الحاجة إلى وزارة منفصلة. ودمج وزارة الشباب والرياضة مع وزارة التربية والتعليم لإنشاء وزارة واحدة تهتم بالشباب والتعليم والرياضة، مما يعزز التكامل بين هذه المجالات. كذلك يمكن دمج وزارة السياحة مع وزارة الاقتصاد والتجارة لإنشاء وزارة واحدة تهتم بالاقتصاد الوطني، بما في ذلك السياحة كمصدر أساسي للدخل القومي في لبنان منذ تأسيس الدولة اللبنانية.
وفي عصر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت وزارة الإعلام أقل فعالية ويمكن نقل مهامها إلى وزارة الثقافة أو إلغاؤها تمامًا. بل أصبح الأمر يتطلب استحداث وتعزيز “وزارة التحول الرقمي” بهدف مواكبة التطورات العالمية على المستوى التكنولوجي والذكاء الاصطناعي وتنفيذ استراتيجية التحول الرقمي في لبنان التي تفضي الى تفعيل الحوكمة الرشيدة والشفافية في المهام الموكلة للحكومة كافة. أنّ مواكبة الحكومة اللبنانية للتطورات التكنولوجية في ظل الثورة الصناعية الرابعة اليوم لم يعد خيارًا بل أصبح ضرورة ملحّة لأجل النهوض والتطوّر والاصلاح، والأكثر من ذلك كله، محاربة ثقافة الرشوات والفساد التي أغرقت لبنان بالديون وأدت الى افقاره وانهيار كل مؤسساته العامة!.
الكاتبة: البروفسورة وديعة الأميوني
استاذة جامعية وباحثة اجتماعية
إيران وأمريكا: خيارات مصيرية في لحظة حاسمة!.. بقلم: إيمان درنيقة الكمالي
حقيبة الرئيس المكلف تحمل نهج العائلة.. "التفهم والتفاهم".. بقلم: العميد منذر الايوبي
The post لبنان على مفترق طرق: التحولات السياسية وشكل الحكومة المنشودة!.. د. وديعة الأميوني appeared first on .
اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار
طباعة المقال
ارسل إلى صديق
اضافة إلى المفضلة
حفظ الموضوع