في الوقت الذي دخل فيه وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في غزة، كان مؤتمر “تواصل4″، الذي ينظمه منتدى فلسطين الدولي للإعلام والاتصال في فندق “غرين بارك” في مدينة إسطنبول التركية يستكمل جلساته حول “الرواية الفلسطينية طور جديد”، وهو أوصى في ختام جلساته بتدريب 220 صحافيا في غزة لتعويض النقص الحاصل باستشهاد أكثر من 200 صحافيا، فضلا عن دعوة المؤسسات الإعلامية إلى تشغيل عدد من الصحافيين في غزة لتأمين فرص عمل ودخل جيد لهم.
الجلسة الأولى في اليوم الثاني حملت عنوان: “الإعلامي الفلسطيني في مواجهة حرب الابادة”، وأدارها مدير عام إذاعة حسنى في الأردن حسام غرابية الذي شكر غزة لأنها أظهرت وجه الاحتلال الحقيقي ولأنها أثرت وعيا عالميا، مؤكدا أن هذا الوعي سيكون له ثمنا في المستقبل، فمعركتنا منذ إحتلال فلسطين هي معركة صمود ووعي، والإعلامي الفلسطيني هو مقاتل من الطراز الأول..
ثم تحدث نائب رئيس المجلس الوطني للصحافة في المغرب عبدالله البقالي فاعتبر أن الإعلام هو السلاح الحقيقي في الحرب وأن الكلمة والصورة والقلم والحاسوب هم أقوى وأفعل وأخطر من البندقية ومن الطائرات المسيرة، لذلك، فقد استهدف العدو الإعلاميين بشكل مباشر ودمر المنشآت وإختطف الصحافيين وصادر معداتهم، وخلص البقالي إلى القول: إن الصحافي الذي له ضمير مهني لا يمكن أن يكون ضد الشعب الفلسطيني ومن هو ضد هذا الشعب لا ينتمي إلى الإنسانية.
وتحدث الصحافي الفلسطيني فايد أبو شمالة الذي طرح سؤالا جوهريا هو كيف كانت غزة تشهد حرب إبادة ولم تسقط صورتها في أي مكان لا في مشاهد البطولة والقتال، ولا في مشاهد القتل والتدمير؟ لافتا إلى أن تصوير الفيديو هو معركة ونقله معركة والحفاظ عليه معركة وتوصيله معركة، والعمل الإعلامي في غزة هو المعركة، وقد انتصرت غزة وإنتصرت معها الرواية الفلسطينية على الرواية الاسرائيلية..
كما تحدث نقيب الصحافيين في موريتانيا احمد طالب ولد معلوم فاعتبر ان غزة اليوم هي في طور جديد، مؤكدا أن أهمية الإعلام تبرز في إثبات صدقية الرواية الفلسطينية ويدحض السردية الاسرائيلية، كما عرض للفعاليات التي نظمها الصحافيون في موريتانيا دعما لغزة.
وتحدث عبر الفيديو الصحافي الفلسطيني ياسر أبو هين، فرأى أن مؤتمر “تواصل4” هو فعل مقاومة وأن كل كلمة تقال فيه هي بمثابة رصاصة في وجه الاحتلال، لافتا إلى أن حرب الابادة لم تقتصر على البشر والحجر بل استهدفت الصورة والكلمة، وان الاحتلال يمارس مع الصحافة في غزة سياسة إعدام منهجية وكل ذلك ضمن مشروع طمس الرواية الفلسطينية.
بعد فترة إستراحة، عقدت ورشة عمل تفاعلية حول “القيود المفروضة على نشر المحتوى على وسائل التواصل، وكيفية تطوير التقنيات الرقمية الحديثة في تطوير الرواية الفلسطينية” تحدث فيها المحاضر الدكتور صلاح الدين أبو حسن، والناشط والمؤثر الرقمي أحمد شهاب الدين، وأدارها الدكتور أمجد أبو سيدو.
ثم عقدت جلسة بعنوان: السردية الفلسطينية ضمن الإنتاج الفني والسينمائي، وأدارتها الصحافية والناشطة الفلسطينية إسراء الشيخ التي تناولت بعض الإنتاجات الدرامية التي تتضمن إشارات سياسية وسرديات حول بعض القضايا المطروحة بهدف التسويق لها أو مواجهتها.
ثم تحدث المخرج وصانع الأفلام الوثائقية أسعد طه عن الحكاية العربية، فأكد أن الحكاية هي على قدر كبير من الأهمية كونها تترسخ بالعقول، وتترجم المآسي لكي تتناقلها الأجيال، مشددا على ضرورة الاهتمام بكيفية طرح الحكاية والتأثير بالمتلقين لكسب أكبر عدد منهم.
ودعا طه إلى التركيز على الحكاية الفردية التي تشكل عامل جذب للمتلقين، والتشديد على الجودة الفنية وتقديم حكاية يفهمها الآخرون ويتفاعلون معها.
ثم تحدث المخرج الفلسطيني أشرف مشهراوي الذي توجه بالتحية إلى غزة والى شهدائها لا سيما من الإعلاميين والناشطين.
وتناول مشهراوي ضرورة ان تكون الحكاية بصرية لأنها تسهل فهم الحقيقة وتشكل عامل جذب، ويكون لها صدى أكبر..
ثم تحدث المخرج الفلسطيني بشار النجار فأكد الحاجة إلى الدراما والسينما لتقديم القضية الفلسطينية، لافتا إلى أن العالم العربي بات لديه ثقة بالدراما الفلسطينية، لكن ثمة صعوبات كثيرة تواجه فريق العمل لجهة توفير الاكسسوارات والتجهيزات التي يتم تهريبها من الاحتلال، مؤكدا ان وجودنا تحت الاحتلال يدفع إلى أن يكون عملنا وطنيا وبخلفية وطنية ويحاكي القضية بكل جوانبها.
ومساء عقدت جلسة بعنوان: “الرواية الفلسطينية.. توجهات إستراتيجية لطور جديد” وأدارها الإعلامي في قناة الجزيرة محمد كريشان، وتحدث فيها الأكاديمي الفلسطيني سامر العريان الذي أشار إلى السرديات الاسرائيلية وتأثيرها على ثقافة العالم، وكيفية مواجهتها من خلال السرديات الفلسطينية، لافتا إلى أن الصراع مع إسرائيل ليس دينيا وإنما هو صراع يفرضه الاحتلال والهدف منه هو تفكيك الكيان وازالة الاحتلال.
ثم تحدث الأكاديمي والباحث الكويتي علي السند فأكد أن من يمتلك الرواية يمتلك الواقع، عارضا لركائز التفكير والعمل الاستراتيجي لخدمة السرديات، لافتا إلى أن المعادلة تحترم القوة وليس عدالة القضية، وإمتلاك عناصر القوة هو الذي يحدد الموقف الدولي من القضية الفلسطينية لذلك يجب علينا أن نفتش عن مصادر القوة لقضيتنا.
ثم تحدث المدير العام لمنتدى تواصل بلال خليل فأشار إلى ثلاثة تحديات، هي، أولا التحول الرقمي وضرورة توظيف كل ما لدينا من عناصر وأدوات رقمية، والاستفادة من هذه العناصر لبناء قصص وسرديات متنوعة وبلغات مختلفة، وتخصيص الإعلام وتحسين ما يصل إلى الجمهور،
ثانيا، الموارد البشرية لجهة وجود قيادة إعلامية مقتنعة بالتحول الرقمي، وبناء بيئة من الابتكار والتحفيز، وتأهيل العاملين وتزويدهم بعناصر التحول الرقمي.
ثالثا، التشبيك لجهة الشراكة مع المؤسسات الإعلامية والمنصات المختلفة، والشراكة مع صناع المنصات الرقمية، والتعاون مع الإعلاميين والناشطين الوطنيين.
بعد ذلك عقدت الجلسة الختامية حيث تلا المدير بلال خليل التوصيات فشكر كل من ساهم في إنجاح مؤتمر “تواصل4” منوها بحيوية المشاركة التي تجاوزت الستمئة باحث وأكاديمي وإعلامي وناشط من 65 دولة، وجاء في التوصيات:
أولا: إطلاق برنامج تدريبي لتدريب 220 صحافيا في غزة لتعويض النقص الذي حصل باستشهاد أكثر من 200 صحافيا.
ثانيا: تجهيز معدات صحافية لأكثر من 20 صحافيا في غزة ليقوموا بدورهم على أكمل وجه.
ثالثا: العمل بالتعاون المؤسسات الإعلامية على تشغيل عدد من الإعلاميين في غزة سواء عن بعد أو على القطعة لإيجاد فرص عمل ودخل جيد لهم.
رابعا: ترتيب زيارة وفود صحافية إلى غزة للاطلاع على ما آلت اليه الإعتداءات الاسرائيلية بعد 470 يوما وكتابة التقارير بلغات العالم المختلفة عن المشاهدات.
خامسا: تبني تنفيذ عدد من الملتقيات حول العالم لتعزيز الرواية الفلسطينية.
كما أعلن المدير خليل عن تمديد جائزة الإبداع والإعلام لثلاثة أشهر إضافية وزيادة خمس جوائز لها، داعيا المؤسسات الإعلامية والمجتمع المدني الى التعاون لتبني هذه المشاريع، ومتمنيا أن يكون الملتقى في مؤتمر “تواصل5” آملا أن يعقد العام المقبل في القدس.
The post مؤتمر تواصل4 يختتم أعماله: تدريب 220 صحافيا لتعوض نقص إستشهاد زملائهم في غزة!.. إسطنبول – غسان ريفي appeared first on .