روت نائبة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، باربرا ليف، تفاصيل رحلتها الاستثنائية إلى دمشق، واللقاء مع قائد الإدارة السياسية الجديدة في سوريا أحمد الشرع، مؤكدةً أن واشنطن لا تريد رؤية سوريا مقسّمة، وستساعد في ذلك، بينما أطلقت وابلاً من المديح تجاه الشرع، مؤكدةً أنه مستعد مع هيئة تحرير الشام للانخراط في مكافحة تنظيم داعش.
وزارت ليف، دمشق في 20 كانون الأول/ديسمبر الماضي، على رأس وفد أميركي ضم المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن روجر كارستنز، ومبعوث وزارة الخارجية الأميركية السفير دانيال روبنستين.
الشرع يدرك التحديات
وقالت ليف في مقابلة مع قناة "الحرة" الأميركية، إن اللقاء مع الشرع كان "بداية مثمرة وبناءة للحوار"، موضحةً أنها والوفد الأميركي ناقشوا "كل موضوع رئيسي يهم الولايات المتحدة، وأعتقد أنه يهم الشعب السوري والمنطقة أيضاً"، لافتةً إلى أن المهمة الرئيسية كانت البحث عن المفقودين الأميركيين والسوريين، وتحديد مصيرهم.
وجرى الحديث مع الشرع عن داعش، ومكافحة الإرهاب، والعقوبات الأميركية ومواضيع أخرى، بحسب ليف التي أكدت أن الحديث كان "صريحاً وصادقاً" من كلا الجانبين، كما لفتت إلى أن الشرع تعهد بدعم مهمة واشنطن في البحث عن أوستن تايس، الصحفي الأميركي المفقود في سوريا، منذ العام 2012.
وامتدحت المسؤولة الأميركية، الشرع، قائلةً إنه "كان رصيناً للغاية، وقد استعد كثيراً لهذا اللقاء، وكان ذلك واضحاً. كانت لديه تعليقات مفصلة ليقدمها، وأسئلة دقيقة لطرحها". وأضافت "لقد توقع تقريباً جميع النقاط التي جلبتها إلى الطاولة، وكان لديه بعض النقاط الخاصة به. لكن ما وجدته هو أنه كان يتمتع بعقلية عملية للغاية، وكان يبدو بالفعل مدركاً بشكل عميق للتحديات الضخمة التي تنتظره".
طلب رفع العقوبات
وفيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على سوريا، قالت ليف إن الشرع كان قد درس مسبقاً تفاصيل نظام العقوبات الأميركية، وركّز على ضرورة رفع تصنيف سوريا من قائمة الدولة الراعية للإرهاب وكذلك على رفع عقوبات قانون قيصر، وذلك على الرغم من مناقشة تصنيفه كإرهابي عالمي وتحرير الشام كمنظمة إرهابية.
وأوضحت أنها تحدثت بالتفصيل مع الشرع عما يتطلبه الأمر لإزالة العقوبات، مؤكدةً أنه لم يكن يتوقع إزالة المكافأة المخصصة من قبل الولايات المتحدة للقبض عليه، بعد أول اجتماع.
وقالت ليف: "كان هناك قدر كبير من المزاح الودود حول ذلك (المكافأة). ولكن من الواضح أن السبب هو أنه إذا كنا سنخوض حواراً مع الرجل، فلا يجب أن نبقي موضوع المكافأة قائماً".
خارطة طريق
وعن المسار الواجب اتباعه من قبل الشرع وحكومته لإرضاء إدارة دونالد ترامب وتطبيع العلاقات معه، قالت ليف إن الجزء الأهم سيتعلق بمجال مكافحة الإرهاب، ويجب على إدارة ترامب رسم خارطة طريق لذلك، مثلما فعلت مع السودان في العام 2020.
وأضافت "من الواضح جداً، من تلك المناقشة الأولى، وأعتقد حتى من تصريحاته العامة، أنه هو ومنظمته وحكومته مستعدون للانخراط في مكافحة داعش. لكن سيكون هناك العديد من الجوانب الأخرى المتعلقة بمكافحة الإرهاب التي يتعين أن تكتمل".
ورداً على سؤال حول معقولية تصريحات الشرع عن المدة الزمنية لوضع دستور جديد خلال 3 سنوات، وإجراء انتخابات خلال 4 سنوات، توقعت أن الجدول الزمني الذي وضعه كان "افتراضياً"، وأن لا خطة مكتوبة لديه لذلك، وأن هذه القضية ستكون محل نقاش كبير في الداخل السوري، واختباراً للسوريين، لكنها اعتبرت أن هناك خطوات يجب القيام بها قبل الانتخابات، مثل إحصاء عدد السوريين بالداخل.
شكل الدولة
ورداً على سؤال عن شكل الدولة السورية المستقبلية الذي تفضله واشنطن لمصالحها، مركزية قوية، لامركزية، فيدرالية، أجابت ليف أنه من الصعب تحقيق انتقال مستقر بعد عقود من نظام مركزي قمعي مثل نظام الأسدين الأب والأبن، مضيفةً أن المجتمع السوري وأفراده منقسمون حول ذلك، ولا يعرفون التعامل مع بعضهم في إطار المجتمع، وكذلك لا يعرفون ما الذي يتوقعونه أو يطالبون به من الحكومة.
ولتلك الأسباب، توقعت ليف أن يكون "معدل الفشل" مرتفعاً في الحالة السورية، مشددةً على أن الولايات المتحدة "لا تريد لسوريا أن تفشل"، أو تصبح "ثقباً أسود، دولة فوضوية ومجزأة. هذا ما لا نريده". لكنها رجحت في الوقت عينه، أن يكافح السوريون لإيجاد مزيج بين المركزية القوية والفيدرالية، "وعملنا يجب أن يكون مساعدتهم".