أكد رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، على ضرورة حشد الدعم الدولي لقطاع غزة ووضع الآليات لمساندة الأسر المنكوبة. وأشار في سياق آخر، إلى أن اللقاءات التي أجراها في العاصمة السورية دمشق، الخميس الماضي، كانت إيجابية ومثمرة، وأن قطر لا تريد لسوريا الانهيار، رافضاً التوغل الإسرائيلي في المنطقة العازلة بسوريا، وتدمير مقدرات الشعب السوري.
وأعرب رئيس الوزراء القطري، عن أمله في أن يطبق اتفاق غزة بشكل كامل، وأن تنتهي مأساة القطاع وأهله.
وقال في مقابلة مع قناة "الجزيرة"، أمس الجمعة، إن "هناك بروتوكولاً إنسانياً جرى التوصل إليه والتفاهم حوله بين دولة قطر وجمهورية مصر العربية والولايات المتحدة وإسرائيل".
حشد الدعم الدوليوتابع "أشرنا في إعلان الاتفاق إلى أهمية حشد الدعم الدولي بمجرد الشروع في تنفيذه لتقديم كل الدعم لأهالي غزة والأسر المنكوبة، حيث نعمل مع شركائنا في مصر والأمم المتحدة على تأمين هذه المساعدات لدخولها إلى غزة، ووضع الآليات اللازمة لذلك"، وتطرق إلى الجهود التي بذلتها دولة قطر لجسر الهوة بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، لحين الوصول إلى الاتفاق، موضحاً في هذا السياق، أن الأيام الأخيرة كانت حاسمة، وأحدثت فرقاً كبيراً في الاتفاق، "حيث كان العمل مكثفاً خلال الشهر الماضي وغير معلَن، إلى أن تمكنا من تهيئة الأرضية السياسية للوصول إلى الاتفاق". وأشاد بجهود إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في التوصل إلى الاتفاق، والدور الحاسم لمبعوث الرئيس الأميركي المنتخب، ستيف ويتكوف، في العملية. وقال: "أعتقد أن الكل يعلم جيداً من كان يعرقل التوصل إلى الاتفاق ولا نحتاج إلى الإشارة إلى ذلك"، كاشفاً أن الاتفاق الذي وُقِّع عليه الأربعاء هو نفسه، الذي جرت صياغته وأقرته الأطراف في ديسمبر/ كانون الأول 2023.
ورداً على الانتقادات التي وجهت لدولة قطر على خلفية وساطتها لإنهاء الحرب في غزة، قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني: "لم يقدم منتقدو قطر شيئاً لوقف الحرب سوى الصراخ، وكانت هناك مزايدات وابتزاز رخيص ضد دورنا"، لافتاً إلى "أن قطر لم تردّ على الابتزاز بالتصريحات، بل بالعمل والنتائج التي توصلنا إليها"، مؤكداً أن "قطر ركزت بشكل رئيسي على تحقيق الهدف".
وثمن الشراكة مع مصر، قائلاً: "الشراكة بيننا وبين جمهورية مصر العربية مثلت نموذجاً ممتازاً وتعطي مثالاً كيف يثمر العمل المشترك بين الدول العربية في تحقيق تطلعات الشعوب العربية كما حدث في موضوع غزة".ضمانات
وفي خصوص ضمانات تطبيق الاتفاق، قال رئيس الوزراء القطري، إن الوساطة المشتركة سعت بقدر الإمكان إلى وضع الأشياء التي يمكن أن تحقق أقصى حد من الضمانات، موضحاً في الوقت نفسه، أن الضمانة الأساسية، هي تنفيذ الاتفاق والتزام الأطراف بذلك، وأضاف أنه "إذا أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) التراجع عن الاتفاق، يمكنه أن يخلق ألف سبب للعودة إلى الحرب مهما كانت الضمانات التي وضعناها.. ومع ذلك وضعنا آلية لمعالجة أي خلل في هذا الاتفاق بشكل مبكر، وستكون هناك غرفة عمليات مشتركة في القاهرة لمتابعة تنفيذه والتأكد من عدم حدوث أي مشكلة قد تؤدي إلى انهياره".
وأشار إلى أن الضمانة الأخرى هي الاستمرار في التفاهمات للمرحلة الثانية والثالثة، واستمرار الإجراءات المتبعة في المرحلة الأولى إلى حين التوصل إلى مرحلة التفاهمات النهائية، مضيفاً: "ننتظر كذلك صدور قرار ملزم من مجلس الأمن لتنفيذ الاتفاق بحذافيره.. وأعتقد أن هناك مفاوضات بهذا الشأن داخل مجلس الأمن".
وأضاف: "نحن نسعى لتنفيذ كامل للمرحلة الأولى، والدخول في المرحلة الثانية التي نتمنى أن تكون نهائية لإنهاء الحرب بشكل كامل دون الحاجة إلى الدخول في المرحلة الثالثة"، مشيراً إلى "وضع إطار للمراحل الثلاث وفق النموذج المعتمد في ديسمبر 2023، وسنحاول التوصل إلى تفاهمات وإغلاق الملف كاملاً خلال المرحلتين الأولى والثانية".
وحول الوضع في غزة بعد انتهاء الحرب، أكد أن موقف دولة قطر باعتبارها وسيطاً واضح، يتمثل في أن إدارة غزة شأن فلسطيني، وليس لأي دولة أو طرف التدخل في هذا الأمر، مؤكداً أن الواجب على الدول العربية والإسلامية، دعم الفلسطينيين للوصول إلى تفاهمات بخصوص إدارتهم للقطاع، معرباً عن أمله في انتهاء الانقسام الفلسطيني، وأن تعود الضفة وغزة لحمة واحدة.دعم سوريا
وعن الزيارة التي قام بها إلى سوريا الخميس الماضي، أشار رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية القطرية، إلى أن لقاءاته كانت إيجابية ومثمرة، وتناولت الكثير من الموضوعات، منها الدعم المطلوب للشعب السوري في هذه المرحلة، ومسألة رفع العقوبات، ورؤية الإدارة الجديدة للمرحلة القادمة، معرباً عن ارتياحه للوضع العام.
وقال إن قطر تبذل جهوداً في سبيل رفع العقوبات منذ اليوم الأول لإسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وأنها لا تريد لسوريا الانهيار، مشدداً على رفض قطر التوغل الإسرائيلي في المنطقة العازلة في سوريا، وكذلك رفض تدمير مقدرات الشعب السوري، قائلاً: "تحدثنا مع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، وأكدنا ضرورة الانسحاب الإسرائيلي، وألا يشكل التوغل واقعاً جديداً للتفاوض عليه، فهذه منطقة عازلة، والتفاوض هو على الجولان المحتل".
وأوضح أن العقوبات كانت مفروضة على نظام الأسد وليست منطقية الآن، ولا يتوقع من الإدارة الجديدة معالجة المخاوف الدولية والعمل لشعبها في ظل العقوبات معاً. وأضاف: "نحن في حوار دائم مع الأطراف الغربية في هذا الاتجاه، ولمسنا تجاوباً منهم، وإن لم يكن بالسرعة المطلوبة. لكن هناك على الأقل خطوات إيجابية يجري اتخاذها في هذا السياق"، مضيفاً أن "الشعب السوري شعب قوي ومنتج، ولا نريد له أن يكون في حاجة إلى أحد، وسنبذل كل جهد لدعمه، ولدينا ثقة بنجاحه في تحقيق تطلعاته في أسرع وقت".