بدا اجتماع وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال السورية، مرهف أبو قصرة، بمؤسس الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد، أقرب إلى "المجاملة"، بعد الانتقادات التي وجهها الأسعد للقيادة السورية الجديدة، في لقاء إعلامي له، واتهامه لها بتهميش الضباط المنشقين.
في ظهوره الإعلامي، قال الأسعد: "بعد سقوط النظام وصلت دمشق وبقيت مدة، لم ألق اهتمام أحد، ولم أحصل على رد للقاء قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع".
بعد ذلك بيوم واحد، اجتمع وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، بالأسعد في دمشق، وقالت الوزارة إن الاجتماع بحث دور الضباط المنشقين عن النظام البائد في دعم المرحلة الانتقالية وتعزيز الاستقرار.
حضور مفقود
بعد مرور قرابة شهر ونصف الشهر على إسقاط النظام، لم يتغير شكل حضور الضباط المنشقين الذي كان سائداً في المشهد العسكري الفصائلي السوري قبل إسقاط النظام، فلا يزال دور معظمهم مفقوداً بعد تسلم الفصائل السلطة.
يؤكد ذلك، غياب أسماء الضباط المنشقين البارزين، مثل الأسعد وغيره عن لوائح ترقية الضباط التي أعلنت عنها "القيادة العامة" أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي، علماً أن اللوائح تضمنت بعض الأسماء غير السورية (أجنبية).
ويبدو أن "التهميش" سيبقى يلاحق الضباط المنشقين، رغم أنهم "يشكلون مكسباً يمكن استثماره في بناء الجيش السوري الجديد، الذي تطمح إليه دمشق"، وفق تعبير ضابط منشق فضل عدم الكشف عن اسمه.
وقال الضابط لـ"المدن": "حتى الآن نعاني من التهميش، وعدم وضوح المستقبل (...) أتحدث بلسان آلاف الضباط المنشقين، ومنهم المئات من الذين انخرطوا في فصائل المعارضة، وشاركوا في قتال قوات الأسد".
وأشار إلى أن الاجتماعات التي يجريها وزير الدفاع مرهف أبو قصرة مع الفصائل بهدف تأسيس الجيش السوري، وقال: "لكن للآن لا توجد أي رؤية للاستفادة من خبرات الضباط، علماً أن لهم كل الحق في المشاركة والإشراف".
وانتقد الضابط المنشق ما وصفه بـ"فرض الأمر الواقع" الذي تمارسه القيادة الجديدة، عندما منحت الرتب العسكرية العليا لأشخاص ليسوا من الأكاديميين العسكريين، متسائلاً: "هل هناك قرار بالاستغناء عن الضباط الأحرار".
وتابع: "قبل سقوط النظام عانينا من حالة التهميش في الفصائل، وقد تكون الحالة بسبب رغبة بعض الدول الفاعلة بعدم تشكيل جيش احترافي، حتى يسهل عليها التحكم بإيقاع العمليات العسكرية، لكن الآن لم تعد هناك مبررات لاستمرار هذه الحالة، خوصاصاً أن المرحلة الحالية تتطلب وجود الضباط لبناء جيش احترافي".
هيكلية جديدة
وحتى الآن، لم تُعلن القيادة الجديدة عن خطوات واضحة لتشكيل الجيش السوري الجديد ودور الضباط المنشقين، ويؤكد مصدر من دمشق لـ"المدن" أن "الإدارة تتواصل مع التشكيلات والفصائل فقط، بمعنى أن القيادة لم تتواصل مع الضباط المنشقين بعد، لكن الموضوع قيد البحث".
وإذ يؤكد رئيس أركان الجيش السوري الحر السابق العميد أحمد بري لـ"المدن"، أنه لم يتلق أي اتصال من دمشق بعد سقوط النظام، لا يرى أن "القيادة الجديدة همشت الضباط المنشقين".
ويقول: "ننتظر أنا وغيري من الضباط الهيكلية الجديدة، وأنا أجد خيراً في الحكومة الجديدة، وما يهمنا حالياً ليس التواصل، بل أن تكون الهيكلية الجديدة منظمة وحرفية، والأهم أن الجيش السوري الجديد يحتاج لعدد كبير وضخم من الضباط والخبرات".
ومن المفترض، وفق بري الذي قاد مجلس حماة العسكري لسنوات، استدعاء الضباط أصحاب الاختصاصات العسكرية، وقال: "بتقديري ليست مبررة حالة الشعور بالتهميش من الضباط المنشقين، وعلينا الانتظار لأن مشاركتنا في جيشنا الجديد هو حق للضباط الذين اصطفوا إلى جانب الشعب ومطالبه المحقة".
وقبل نحو شهر، أكد بيان استعداد الضباط المنشقين لـ"إعادة تشكيل جيش سوريا على أسس وطنية موحدة"، وأضاف البيان الذي نشره العقيد عمار الواوي "نمد أيدينا لكل القوى الوطنية الشريفة للعمل معاً من أجل تأسيس جيش قوي يعبر عن تطلعات السوريين نحو الحرية والعدالة".
وبحسب إحصائيات غير رسمية يزيد عدد الضباط المنشقين عن جيش النظام البائد عن 3 آلاف، قتل المئات منهم في المعارك، وغادر بعضهم إلى خارج البلاد.