في خرق فاضح للخصوصية والقوانين الناظمة لها، سلمت وزارة التربية البيانات الشخصية لكل التلامذة في فترة بعد الظهر إلى الجمعيات من دون أي حماية تذكر. هذه الفضيحة الجديدة في سلسلة فضائح الوزارة جاءت في كتاب صدر بتاريخ 10 كانون الثاني رقم 452/3. طلب مدير عام التربية بالتكليف عماد الأشقر من مدير الابتدائي "الموافقة لمنظمة اليونيسف والجمعيات الشريكة لها المعنية بالتعليم، بالدخول إلى المدارس المعتمدة لدوام بعد الظهر وجمع البيانات حول التلامذة الذين ليس لديهم المستندات القانونية والوثائق المطلوبة".
الجمعيات تجمع البياناتومن دون العودة إلى المرجع القانوني أو الاستناد إلى أي إطار قانوني، ومن دون لحظ أي ضمانات أو حماية يفرضها القانون، سلمت وزارة التربية بيانات شخصية لأكثر من خمسين ألف طالب سوري إلى جمعيات. المرجع القانوني لهذه القرارات التي أصدرها المدير العام هو "بريد الكتروني مرسل له من منظمة اليونيسف". هكذا وبهذه الخفة يبرر المدير العام كتابه المرسل لمدير التعليم الابتدائي. والأسوأ من ذلك أن الكتاب لم يحدد اسم جمعية بالاسم، بل فتح الموضوع للجمعيات. فأقله وفق قانون المعاملات الالكترونية يفترض تحديد الجهة المخولة بالطلاع وضمان حماية البيانات.بعد هذا الكتاب بدأت الجمعيات بجمع البيانات، ليتبين من تسجيل صوتي مرسل للمدراء من إحدى الموظفات أنها تقوم بإملاء الشروط عليهم. وتقول في التسجيل "عملوا معروف المدراء الأعزاء بدي اللوائح الكاملة، مثل لي بتبعتوها إلى الوزارة، يعني بدي الاسم الثلاثي واسم الأم والأب رقم الهاتف والسكن وكل البيانات".استثناء مدرسة رسميةتعاملت وزارة التربية بخفة مع البيانات الشخصية لنحو خمسين ألف تلمذي على اعتبار أنهم سوريون. فالتلامذة الذين يدرسون بعد الظهر هم من النازحين السوريين، وقد صدر قرار من مجلس الوزراء بعد تسجيل المدارس الرسمية والخاصة أي تلميذ سوري ليس لديه إقامة شرعية أو وثيقة لجوء. وبما أن أكثر من نصف التلامذة السوريين بلا وثائق رسمية ولا بطاقة تعريف من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (نصف الطلاب لدى أهلهم رقم تسلسلي) طلبت وزارة التربية من المدارس عدم تسجيلهم. لكن في المقابل سلمت كل بياناتهم إلى الجمعيات التي تعنى بالتعليم. بمعنى أوضح، تحولت وزارة التربية إلى وسيط لتعليم الطلاب في الجمعيات، بعدما حرمت المدارس الرسمية من تعليم هؤلاء التلامذة، كما جرت العادة في السنوات السابقة.أبعد من ذلك، تنقل مصادر أن إحدى الجمعيات التي لديها مدرسة رسمية (لها قانون خاص يحدد كيفية انشاء الجهات غير الحكومية مدرسة توضع بتصرف وزارة التربية) استحصلت على إذن من وزير التربية لتعليم التلامذة السوريين الذين ليس لديهم وثائق رسمية. فحتى لو كانت هذه المدرسة منشأة من جهة غير حكومية، إلا أنها بمثابة مدرسة رسمية مسجلة كمدرسة أهلية تابعة لوزارة التربية. وبالتالي يفترض عدم تسجيل التلامذة الذين ليس لديهم وثائق، كسائر المدارس الرسمية. لكن جرى استثناء هذه المدرسة لأنها تابعة لجهة سياسية.