توفي الكاتب والمخرج المسرحي السوري فرحان بلبل، عن عمر ناهز 88 عاماً. وُلد بلبل في مدينة حمص العام 1937 ونشأ في أسرة عُرفت بالعلم والثقافة، وكرّس حياته لتطوير المسرح في سوريا.كان رائداً في المسرح العمالي، إذ أسّس فرقة المسرح العمالي في حمص العام 1973، والتي قدمت أعمالاً أثرت الساحة الفنية وأثارت نقاشات مجتمعية واسعة.تميز بلبل بأسلوبه الخاص الذي جمع بين الواقعية والتجديد الفني، وكتب وأخرج عشرات المسرحيات، منها "الجدران القرمزية" و"لا تنظر من ثقب الباب"، كما ألّف أكثر من 44 مسرحية و15 كتاباً في النقد المسرحي، إلى جانب تدريسه في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق.
كتب الشاعر فرج بيرقدار في "فايسبوك": طوال عمري وأنا أكره المدرسة وكسول في معظم المواد. كنت أفضل الجلوس في المقاعد الأخيرة لأتفرغ لقراءاتي وكتاباتي الخاصة. في البكالوريا كان أستاذ العربي هو الكاتب والمخرج المسرحي فرحان بلبل. في ختام درسه الأول قال لي: أريدك غداً أن تجلس هنا، مشيراً إلى المقعد الأول في منتصف القاعة. في ذلك العام أعدتُ بفضله تأسيس علاقتي باللغة والشعر. ذات يوم أعطيته بضع قصائد لي كي أستفيد من توجيهاته. في اليوم التالي طلب مني أن أنتظره بعد انتهاء الدوام لنغادر معاً. ما إن أصبحنا خارج المدرسة حتى قال: في المدرسة أنا أستاذ وأنت طالب.. أمّا خارج المدرسة فنحن زميلان، ثم سألني إن كان وقتي يسمح بأن أرافقه إلى بيته، فوافقت مع كثير من الخجل والامتنان. طمأنني إلى أني شاعر وأن أمامنا أحاديث كثيرة في هذا الشأن، وحدثني عن فرقته المسرحية ثم التقيت بأعضائها. لقد كانوا حقاً خير مدرسة وأسرة إبداعية أعايشها في حياتي. فرحان بلبل المعلِّم والأخ والصديق والمبدع مسرحاً وشعراً وتدريساً ونقداً وإخراجاً.. نعم فرحان بلبل رحل اليوم عن دنيانا تاركاً لنا عزاءات طيبة من الأبناء والبنات والكتب والذكريات. لروحك السلام يا معلمي، ولذكراك المجد، ولجميع محبيك أن يحزنوا عليك، وأن يتباهوا بك، وأن يستضيئوا ويستظلوا بكل ما تركت.وكتب موفق نيربية: حلّق في عالم آخر!
فرحان بلبل كان أستاذي في الأدب العربي في عام واحد من المرحلة الثانوية، لكنه كان صديقاً طوال عمري.. لم يتوان عن شتمي بلسانه القارص حين صادفته في ساحة محطة الحجاز في العام 1968، ولم أعرفه للوهلة الأولى بلباسه العسكري حين كان في خدمته العسكرية. في ما بعد، كان جاراً لنا في حمص. شتمني حين علم أنني درست الهندسة وليس الأدب كما كان يراني… ندمت كثيرا بعدها على ذلك! كان ابناً باراً وأصيلا. لحمص، ولعائلته ذات الباع الطويل في التصوّف، وللشعر العربي وللمسرح … وللجمال!نعزي الثقافة والمسرح السوريين، وحمص العدية، وأم عمار وعمار وعفراء وسعاد وسمر ونوار وأصهاره صبحي حمدون وعبد القادر الحبال وأحفاده.. وكلهم نجوم في حياتنا السورية!
المجد والخلود لك يا أبا عمار!