وسط التحضير لعهدٍ جديد في لبنان بعد ملء الفراغ الرئاسي والتحضير لتشكيل حكومة جديدة تخلف حكومة تصريف الأعمال الحالية، رأى وزير المالية يوسف الخليل أنّ "إصلاح القطاع العام وتصحيح الرواتب والأجور اليوم يبقى حجر الأساس لبناء إدارات ومؤسسسات دولة فعّالة لمواكبة متطلّبات المرحلة القادمة".
وأشار في استعراضه للأوضاع التي شهدتها المالية العامة إثر الأزمات الحادّة التي شهدها لبنان بين الأعوام 2019 و2021، إلى أنّ "التقديمات والمساعدات الاجتماعية التي أعطيت تدريجياً وعلى عدّة مراحل خلال السنوات الثلاث الماضية، تماشياً مع الإمكانات التمويلية المتاحة، أدّت إلى تفادي المسّ بالاستقرار والأمن الاجتماعي، وتلافي تداعياته على أكثر من صعيد".وفي سياق الإصلاحات، أسِفَ الخليل "لعدم إنجاز استراتيجية إعادة هيكلة الدين العام خلال تولّيه حقيبة المالية، لغياب الفرص المؤاتية لنقاش بنّاء مع حاملي السندات في إطار إصلاح مالي ومصرفي متوسّط الأجل". وأملَ أن "يكون تمديد مهل مرور الزمن التي أقرّت في آخر جلسة لمجلس الوزراء، قد أفسحت المجال لإعادة هيكلة محفظة اليوروبوند بطريقة منتظمة، تنصف الدائنين، تفادياً لخياراللجوء إلى دعاوى قضائية". ومن العهد الجديد، أملَ الخليل "استكمال النقاش الذي بدأ وتخطّي العوائق كافة ورسم استراتيجية استرجاع الودائع وإصلاح القطاع المصرفي، بعيداً من التجاذبات السياسية والشعبوية، لأن لا نهوض باقتصاد فعّال بدون انصاف لحقوق المودعين وإعادة هيكلة قطاع مصرفي بنّاء، يعيد تفعيل عمليات التسليف والإقراض".هذا الاستعراض جاء بعد اجتماع الخليل مع القائم بأعمال صندوق النقد الدولي في لبنان، فريديريكو ليما Frederico Lima، بحث خلاله الطرفان وضع المالية العامة، واعتبر الخليل أنّ النهج الذي اتّبعته الوزارة "ساهم في إمكان مواجهة التحديّات العديدة التي واكبت العمل الوزاري في ظلّ الأزمات العصيبة التي مرّت بها البلاد خلال هذه الفترة، لاسيما جراء الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان". وتمنّى الخليل "استكمال هذا المسار وتطبيق الإصلاحات الجوهرية التي باشرت بها الوزارة، سواء على صعيد الإدارة الضريبية وتفعيل الجباية، أو على صعيد الموازنة العامة وعملية تحضيرها وصرف اعتماداتها، وتمكين ادارة السيولة ورصد التمويل".وذكَّرَ الخليل أنّ وزارة المالية "بذلت خلال الأعوام الثلاثة الماضية الجهود لتوحيد سعر صرف على صعيد الموازنات، وإزالة التشوهات الناتجة عن تعدّده وتصحيح الأثر السلبي للتضخم، وتعزيز الإيرادات وتمكين إدارة السيولة، وساهمت ليس فقط بإزالة التقلّبات الحادة على صعيد الاقتصاد الكلّي وبالاستقرار المالي والنقدي، فحسب بل بتكوين ارصدة ايجابية في حسابات الخزينة، كاشفاً عن أن الملاءة المالية اليوم وبحجمها التي وصلت إليه، يشكّل ضمانة لدعم الاستقرار في المرحلة الانتقالية القادمة". وفي توصياته للمرحلة المقبلة، شدّد الخليل على "أهمية التقيّد بالمهل الدستورية في ما خصّ تحضير الموازنات العامة لما في ذلك من أبعاد على الانتظام المالي".