2025- 01 - 17   |   بحث في الموقع  
logo وصول ماكرون إلى لبنان  logo نوّاف سلام.. بين مقولة صائب سلام أو مصير أمين الحافظ!.. عبدالكافي الصمد logo لقاء بري ـ سلام يرسم صورة إنطلاقة العهد!.. غسان ريفي logo خيار عدم المشاركة وارد وبري يتشدد: "راجعوا حزب الله" logo مستقبل المعتقلين السوريين بلبنان: تسليم لدمشق أم عفو عام؟ logo فلسطين ولبنان وسوريا: حلم الدولة الوطنية ويقظة الفتن logo محمود عباس كخاسر من طوفان الأقصى وحرب غزة logo تدفق المهجرين واللاجئين..يرفع إيجار المنازل في دمشق وريفها 100%
مستقبل المعتقلين السوريين بلبنان: تسليم لدمشق أم عفو عام؟
2025-01-17 00:25:44


صبيحة سقوط نظام الأسد، وانتصار ثورة الشعب السّوريّ في الثامن من كانون الأوّل الفائت، وقف السّوريّون أمام اليوم المُنتظر – الذي أتى بسرعةٍ فاقت كل التّوقعات – وطرحوا سؤالًا جوهريًّا: ماذا نفعل بعد التحرير؟ وإن كان يبدو السّؤال بديهيًّا في الظاهر ويرتبط مباشرةً بالشأن السّوريّ، إلّا أنّه يتدرّج ضمن مشروعٍ أوسع من الحدود السّوريّة، ليشمل تحرير الشعب السّوريّ المتشظي في شتات الأرض بأسره، كما جرى تحرير أراضيه. وربما قد يكون هذا المشروع، المُحرّك الأساس لمطلب "العدالة الإنتقاليّة" للسّوريين في سوريا وخارجها، والذي حملت الحكومة الإنتقاليّة السّوريّة مسؤوليته إبان تسلّمها السّلطة.
اليوم، وأكثر من أي وقتٍ مضى، بات ملف تسليم المُعتقلين السّوريّين في السّجون اللّبنانيّة وتحديدًا أولئك الّذين جرى توقيفهم إما بذريعة مناصرة الثورة السّوريّة أو "المشاركة بتنظيماتٍ إرهابيّة" (ضمنًا "داعش" وجبهة النصرة)، قضيةً ملّحة، خصوصًا بعد مباشرة السّلطات السّوريّة، بإعداد قوائم بأسماء الموقوفين وإرسال طلباتٍ رسميّةٍ إلى الحكومة اللبنانية من أجل تسليمهم. لتصير بذلك القضيّة في صلب النقاشات بين الطرفين اللّبنانيّ والسّوريّ وعاملًا حاسمًا في العلاقات الدبلوماسيّة بينهما.قضية المعتقلين السّوريّينفي حديثه إلى "المدن" يُشير مدير مركز "سيدار" للدراسات القانونيّة والمحامي محمد صبلوح، إلى أن "جذور قضية المعتقلين السوريين في لبنان تعود إلى السّنوات الأولى من الحرب السّوريّة، حيث وجد العديد من السّوريّين أنفسهم في لبنان إما كلاجئين أو كمعتقلين على خلفياتٍ عدّة، أكان لمشاركتهم في الاحتجاجات ضدّ النظام السّوريّ أو انخراطهم في أنشطةٍ معارضة، بما في ذلك تشكيل جماعات مسلّحة أو المشاركة في الاقتتال الداخليّ السوريّ".
ويُضيف صبلوح: "على حدّ علمنا فإنّ الحكومة السّوريّة قد بدأت بإعداد قائمةٍ بأسماء المعتقلين السّوريين في لبنان وتحديدًا السّجناء السّياسيين وسجناء الرأي، ويشمل ذلك الأشخاص الذين تمّ توقيفهم بسبب انضمامهم إلى قوى معارضة للنظام السّوريّ السابق. وبالإضافة إلى هؤلاء، يتضمن الطلب السوري تسليم العديد من السّجناء الذين صدرت بحقهم أحكام بتهمٍ جنائية مختلفة". لافتًا لكون أعداد السّجناء من التابعيّة السّوريّة و"بشكلٍ عام، حوالي 1700 أو 1750 سجينًا، غالبيتهم موقوفين على خلفيةٍ جزائيّة أو جنائيّة من دون محاكمات، أما معتقلي الرأي فهم 200 سجين".
من جهتها، تؤكد مصادر "المدن" في إدارة العمليات العسكريّة (الحكومة الانتقاليّة)، لكون العمل على هذا الملف قد بدأ بالفعل، وبدليل تبليغ قائد الإدارة الحاليّة في سوريا أحمد الشرع، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في الزيارة الّتي قام بها الأخير لسوريا منذ أيام، بضرورة العمل على هذا الملف وتسليم السّجناء السّوريين للإدارة. وأشارت المصادر لكون الاتفاقيّة القضائيّة المُبرمة بين لبنان وسوريا هي الّتي سيتمّ بموجبها الطلب رسميًّا من لبنان تسليم سجنائه السّوريّين عبر القنوات الدبلوماسيّة والقضائيّة. وردًّا على سؤال "المدن" عن أعداد المُعتقلين، أكدت المصادر أنهم ما زالوا بصدّد إحصائهم، لكنهم يُقدّرون وجود ما يربو عن الـ 1700 سجين وفقًا لشهادات وتقارير حقوقيّة.جدليّة استمرار اعتقال السّوريّينيلفت صبلوح في حديثه، لكون السّلطات اللّبنانيّة قد اعتمدت وتستمر بالمراوغة في هذا الملف، فمن جهةٍ تستمر باعتقال هؤلاء بذريعة "الإرهاب" لكنّها بالمقابل رحّبت بإرادة الشعب السّوريّ وجلست مع الإدارة العسكريّة الّتي تتهمها بـ"الإرهاب"، رسميًّا، قائلًا: "عددٌ كبيرٌ من المعتقلين متهمين بدعم الثورة السّوريّة، وهذا يشمل اتهامات بالانتماء إلى عصاباتٍ إرهابيّة. فكيف يواجه هؤلاء اتهامات بالإرهاب فقط لأنهم دعموا الثورة، في وقتٍ أعلن فيه لبنان استعداده للتعاون مع القيادة الجديدة في سوريا؟ وهل سيتم اتهام شخصيات لبنانيّة بتهمة الإرهاب بسبب تواصلهم مع قيادات سوريّة مثل "أبو محمد الجولاني؟".
ويُعلّق: "هناك ازدواجية في المعايير، فقد تم احتساب العديد من الميليشيات الّتي شاركت في القتال ضدّ سوريا كـ"شهداء" وأبطال، بينما يعتبرون في سوريا قتلة. هذا الموقف يضع لبنان في موقفٍ محرج. والحاجة اليوم هي لإيجاد صيغةٍ قانونيّةٍ لمعالجة هذا الوضع. أما بالنسبة للمعتقلين اللّبنانيّين المتهمين بالإرهاب لدعمهم الثورة السّوريّة (السّجناء الإسلاميين)، فالأعداد كبيرة، ومعظمهم تمّ اعتقالهم في مختلف المناطق اللبنانية. الحلّ يتطلب تعديل الاتفاقيات السابقة وتعديل القوانين على المستوى النيابي". وبحسب صبلوح، فإن العديد من هؤلاء المعتقلين لم يتم محاكمتهم بعد، وهم رهن الاحتجاز الاحتياطي أو لأسباب غير واضحة. وزير الداخلية اللبناني أشار إلى أن معظم السّجناء السوريين لم تتمّ محاكمتهم بعد، ويعانون من نقص في المتابعة القانونيّة بسبب افتقارهم إلى المحامين.خيارات لبنان في هذه القضيّةوإزاء هذه المعضلة، يبدو أن أمام الحكومة اللّبنانيّة خياران رئيسيان للتعامل مع هذا الملف: فإمّا أن تتعاون الدولة اللّبنانيّة مع الجانب السّوريّ لتسليمهم للسّلطات السّوريّة كي تنظر في ملاحقاتهم الجزائيّة، لا سيّما إذا كانت الجرائم قد ارتُكبت في سوريا وليس في لبنان، وإمّا أن يتم التوجّه نحو عفوٍ عامٍ يشمل هؤلاء الموقوفين، خصوصًا إذا طالت فترة انتظارهم وظلّت أوضاعهم معلّقة بلا محاكمة عادلة، وتحديدًا بعد إنجاز انتخاب رئيس للجمهوريّة وتفعيل مسار العفو، بما يحلّ إشكاليات عديدة تتعلّق بغياب المساواة في الملاحقة القضائيّة.
وفي حال اتخاذ لبنان خيار التعاون مع السّلطات السّوريّة، وفقًا للاتفاقيات القضائيّة بين البلدين، وأبرزها اتفاقية التعاون القضائيّ في العام 1951، حيث تشمل هذه الاتفاقية تبادل المعلومات، التعاون الأمنيّ، ومسألة تسليم المطلوبين. إلّا أن صبلوح يرى في هذا الخيار مشكلة لا يُستهان بها، ومتمثلة في الحاجة لتعديل هذه الاتفاقيّة بيّد "الاتفاقيّة القضائيّة تجيز تسليم المحكومين الذين تبقى لهم أقلّ من ستة أشهر على انتهاء عقوبتهم، وهذا ليس مفيدًا فعلًا لا بسياقه اللّبنانيّ (نظرًا لمسألة الاكتظاظ في السّجون) ولا بسياقه السّوريّ".
من جهةٍ أخرى، فإن الخيار الثاني، والذي يتضمن إصدار عفو عام عن المعتقلين السّوريّين، سيعتمد على تحركات الحكومة اللّبنانيّة المقبلة في عهد الرئيس المنتخب حديثًّا جوزاف عون. وفي حال تحقيق توافقٍ سياسيّ داخليّ حول هذا المسار، قد يتمّ إصدار العفو لتخفيف معاناة المعتقلين وتلبية مطالبهم بالإفراج عنهم. هذا من دون إغفال أن مطلب العفو العامّ ليس محكومًا وحسب بالاعتبارات القانونيّة، بل أيضًا بالاعتبارات السّياسيّة. ففي الوقت الذي يطالب فيه السوريون بالإفراج عن معتقليهم أو تسليمهم للسلطات السّوريّة، فإن لبنان يواجه تحديات قانونية وسياسية معقّدة وأبرزها التوازانات الطائفيّة والمناطقيّة والسّياسيّة في عملية العفو العامّ حيث أن الإفراج عن هؤلاء يستلزم الإفراج عن سائر السّجناء، وضمنًا الفئات معتقلة بجُرم "الاتجار بالمخدرات" من البقاع الشماليّ.مسار القضيّة دبلوماسيًّامن جهةٍ أخرى، لا يُخفِ صبلوح، أن تبعات عدم تعاون الحكومة اللّبنانيّة بجدّيّة في هذا الملف، قد تؤثر بشكلٍ سلبيٍّ على العلاقات مع سوريا. مذكّرًا أن المنفذ البريّ الوحيد للبنان هو عبر سوريا، سواء كان ذلك في مجال التجارة أو غيرها من المجالات. إذا لم تتخذ الحكومة اللبنانية خطوات جادة في هذا الشأن، فإن سوريا قد تبقي على هذه الخلافات وتؤثر على العلاقات بين البلدين وتحديدًا في حال قرّرت سوريا إقفال حدودها للضغط على السّلطات اللّبنانيّة لحلّ هذا القضيّة.
والحال أنّه مع تقدم المفاوضات بشأن تسليم المعتقلين السّوريّين، يُشير مراقبون إلى أنّه ومن المحتمل أن يشهد لبنان وسوريا تغييرات في الاتفاقيات القضائيّة بينهما بما يتماشى مع الوضع الجديد في سوريا. وبينما تستمر التحركات في هذا الملف، يبقى الأمر متوقفًا على التفاهمات السّياسيّة الّتي قد تساهم في فتح صفحة جديدة من التعاون بين البلدين، بما يخدم مصلحة المعتقلين وحقوق الإنسان في المنطقة.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top